recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

أهمية الحوار الوطني المصري

 

أهمية الحوار الوطني المصري 

بقلم: الدكتور عادل عامر 

إن هذا الحوار سيكون خطوة في غاية الأهمية تساعد على تحديد أولويات العمل الوطني ويدشن لجمهورية جديدة تقبل بالجميع ولا يمكن فيها أن يفسد الخلاف في الرأي للوطن قضية، ً اعتماد مبدأ توسيع قاعدة المشاركة في الحوار من خلال دعوة جميع ممثلي المجتمع المصري بكافة فئاته ومؤسساته بأكبر عدد ممكن لضمان تمثيل جميع الفئات في الحوار المجتمعي. أن جميع أبناء الوطن عليهم العمل من أجل مصلحة مصر. أن "الحوار الوطني الناجح يتطلب ضم كل ألوان الطيف السياسي الوطني الشرعي المنطلق من قاعدة عمل وطنية بهدف الوصول إلى مخرجات حقيقية مجردة للتحديات التي تواجه الدولة". 

إن العمل على تحقيق الزخم الحقيقي والمصداقية وتدشين لمرحلة جديدة في المسار السياسي للدولة المصرية، بعد أن عبرت جميع التهديدات والمخاطر الأمنية التي كانت تضعها في حالة استثنائية، كما ستتم مراعاة التنوع في أماكن عقد جلسات الحوار بحيث تشمل معظم مناطق الجمهورية. 

 وبناء جمهورية جديدة تقوم على أسس الحقوق المتساوية لكافة المواطنين، والعدالة والمساواة في الفرص، والحق في الاختلاف والتعبير عن الآراء السياسية بحرية تامة طالما كانت نابعة من أرضية وطنية تعلي من ثوابت ومصالح الدولة المصرية، وتعزز من مصالحها الاستراتيجية الكلية التي تخدم مشروعها الوطني لكل المصريين. حماية الأمن (الداخلي والقومي)  

وما يتطلبه ذلك من مكافحة الإرهاب حقيقة بل ضرورة تعلو على الخلاف أو الجدل. وبدون مجتمع آمن ومستقر سيكون صعباً على الدولة نفسها أن تكفل حقوق وحريات الأفراد. لكن كيف يمكن في دولة القانون إزالة التناقض الذي يصطنعه البعض بين ضرورات حماية الأمن ومقتضيات حقوق وحريات الإنسان؟ وما هي ركائز دولة القانون التي يمكن التوافق عليها؟ كيف نحمي دولة القانون من عنف الإرهابيين ومن إرهاب النخب الجديدة التي تحاول تفريغ الدولة من مكوّن العدالة في وظيفتها؟  

 كيف نقضي على أخطر الممارسات غير القانونية وغير المجدية حتى بالمفهوم الأمني ذاته مثل التعذيب؟ كيف نزيل أو حتى نخفف من مناخ الاحتقان المتصاعد في المجتمع بمعالجة ملف المعتقلين والإفراج عن كل من لم يثبت بحقه ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون ووضع حد لممارسات القبض العشوائي، واحتجاز الأشخاص بدون توجيه تهمة محددة أو إحالة إلى المحاكمة، وفصل الطلاب من جامعاتهم بدون أدلة كافية على جرم ارتكبوه وعلى خلفية مبررات متهافتة؟ 

 كيف نترجم مبدأ المواطنة وحظر التمييز المنصوص عليه دستورياً ليس فقط إلى حزمة من التشريعات واللوائح والقرارات بل أيضاً إلى مجموعة من الممارسات وآليات التطبيق وسبل الإنصاف؟ وماذا عن الشهداء - كل الشهداء- من الشعب أو الجيش أو الشرطة.. أليست هناك عدالة انتقالية تضمن تكريم تضحياتهم وإنصافهم في قبورهم وتعويض ذويهم؟هذه عينة من أسئلة صريحة ومباشرة جديرة بالانشغال والقلق إذا كنا نسعى حقاً إلى حالة توافق وطني. والطريق إلى التوافق يبدأ من دولة القانون. وحاجتنا إلى دولة القانون ليست فقط حاجة حقوقية أو ديمقراطية، بل هي أيضاً حاجة وجودية وسياسية.  

فكل محاولات التربص بمصر تسعى إلى مغازلة المجتمع بقدر ما تسعى إلى ابتزاز الدولة. وحدها (العدالة) تحصِّن المجتمع من المغازلة وتقوّي الدولة في مواجهة الابتزاز. وتواجه مصر تحديات اقتصادية، عمقتها الحرب الروسية في أوكرانيا، وتداعيات جائحة كورونا، ما دفع البلاد إلى اتخاذ إجراءات تقشفية قبل أسابيع، تضمنت خفض قيمة العملة الرسمية بنحو 18 في المئة. 

 إذ تستورد مصر، وهي من أكبر مشتري القمح في العالم، أغلب احتياجاتها من الحبوب من روسيا وأوكرانيا، كما أن السياح من الدولتين يشكلون نسبة كبيرة من السياح الذين يزورون مصر كل عام. كما دفع الهجوم الروسي المستثمرين إلى سحب مليارات الدولارات من سوق السندات المصرية. 

خلق الله تعالى الإنسان، وكرّمه عن باقي المخلوقات، وميّزه بالعقل والإرادة، وعليه يكون جزاؤه في الآخرة، وجعل الإنسان ذكراً وأنثى، واستخلفه في الأرض لعِمارَتِها، وتكوين مجتمعاتٍ يسودها العدل والخير، ولتحقيق ذلك كان لا بُدّ من تعارف البشر وتعايُشِهم معاً، يقول الله عزَّ وجلَّ : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)؛ فلا يمكن أن يُعمِّر الإنسان الأرض وينشئ المجتمعات إلّا عن طريق تفاعُله الإيجابيّ مع الآخرين، ومن الأساليب الفعَّالة في بناء العلاقات بين البشر الحوار 

في ظل قدرته على تحقيق فلسفة عدالة التوزيع، فمن ناحية تساعد منظماته على توسيع نطاق المشاركة وتنظيم تفاعلات المواطنين، ومن ناحية ثانية، تبدو مؤسساته بمثابة آلية لتنشيط المجتمع ككل. ومن ناحية ثالثة، فأن ذلك يوفر القدرة على إحداث حراك اجتماعي يساعد على مشاركة وفعالية الطبقات الدنيا، بالإضافة إلى دوره الخاص بتقريب السياسات العامة من المواطنين العاديين وتجزئة هذه السياسات إلى مجموعة من القضايا النوعية بشكل يجعلها أقرب للتناول من جانب المواطنين. 

وبالتالي فإن معالجة بعض الاختلالات المجتمعية على مستوى الأفكار ومتطلبات التنمية تقتضى النظر في مسألة القناعات والتوجهات التي تطرحها بعض القوى الاجتماعية والسياسية من خلال الجمعيات الأهلية، حيث تمثل بعض مكونات المجتمع المدني والتنظيمات الأهلية قوى رفض أو تحفظ تجاه بعض السياسات والاتجاهات التنموية للمجتمع، وهنا يمكن الإشارة تحديداً لقضايا مثل التطرف والقضايا الاجتماعية مثل الزواج المبكر وعمالة الأطفال والعنف الأسرى والزيادة السكانية. 

وبالإضافة لهذه الإشكاليات، هناك حزمة أخرى من الإشكاليات المتعلقة بالثقافة المجتمعية مثل غلبة الطابع الشخصي وليس المؤسسي، وضعف ثقافة التطوع مقابل ثقافة التبرع، وضعف الكوادر التنموية، وقلة أعداد منظمات المظلة والشبكات إلى غير ذلك من المشكلات والقيود التى تحد من تطوير الأدوار التنموية. يتوازى مع هذا الخلل في العلاقة الثلاثية، ضعف أطر الشراكة، ومحدودية نموذج التنمية بالمشاركة، وتنامى دور التوظيف الديني والسياسي للأدوار الاجتماعية والخدمية التي تقدمها بعض المنظمات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني وخاصة في فترتى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي (والتي ماتزال قائمة وإن كانت بدرجة أقل)  

والتي عمقت أزمة الثقة من جانب الحكومة تجاه دور المجتمع المدنى ومثلت تهديداً للأمن القومى فى بعض جوانبها، لاسيما مع تزايد العامل الخارجي وتوظيف ملف حقوق الإنسان وإقدام بعض المنظمات الحقوقية على محاولة الاستئساد على الدولة. ن الاستناد إلى مفهوم المجتمع الأهلي كأساس لتوصيف العلاقة بين الدولة والمجتمع يقترب من الواقع الراهن ويعبر عن غلبة الطابع الأهلى للأنشطة والبرامج، كما أنه يتوافق مع درجة تطور المجتمع ومنظماته، إذ تذهب بعض الآراء للتأكيد على أهمية المجتمع الأهلي، لاسيما في تلك المجتمعات التي لم تدخل مرحلة الحداثة بشكل كامل وما تزال قضية التقليدية والحداثة تتنازعها. 

 فضلاً عن أن المفهوم الأهلي سوف يوفر إطاراً أكثر اتساعاً ليشمل القوى الموصوفة بـ"المدنية" جنباً إلى جنب مع القوى الريفية والتقليدية دونما إثارة للحساسيات والمواجهات بين القوى والثقافات "الريفية" والمدنية وبخاصة في إطار مسألة "ترييف المدن" التي تشهدها العديد من دول العالم ومنها مصر 

. الدفع نحو مزيد من التوعية لمخاطر تهديد الأمن القومي المصري، مع تقديم النماذج والمعلومات الداعمة لذلك، عبر وسائل الإعلام وعبر المنظمات الأهلية نفسها، مع شرح مفهوم الأمن القومي ومحددات تهديده من منظوره الواسع وعلاقته بمتطلبات التنمية وبناء الوعى والمعرفة. 

google-playkhamsatmostaqltradent