recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

(...وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ...)

الصفحة الرئيسية

(...وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ...)
 
 
 
 
 
 
كتب - طارق حنفي
 
 
 
قال أهل العلم في سبب نزول سورة الرحمن: هو قول المشركين المحكي عنه في قوله تعالى: (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن) فتكون تسميتها باعتبار وصف الرحمن.
 
 
 
وقيل أيضًا إن سبب نزولها قول المشركين وقد حكاه القرآن: (إنما يُعلِّمَه بشر) فرد الله عليهم في سورة (الرحمن) بأن الرحمن هو من علم النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن.
 
 
 
وقال السعدي: هي السورة الوحيدة التي افتتحها الله سبحانه باسم من أسمائه، افتتحها باسمه "الرَّحْمَنُ" الدال على سعة رحمته، وعموم إحسانه، وجزيل بره، وواسع فضله، ثم ذكر ما يدل على رحمته وأثرها الذي أوصله الله إلى عباده من النعم الدينية والدنيوية والأخروية، وبعد كل جنس ونوع من نعمه، ينبه الثقلين لشكره، ويقول: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ).
 
 
 
قالوا في تفسير السورة الكريمة: (والنجم والشجر يسجدان) النجم ما ليس له ساق من النبات، والشجر ما له ساق، وسجودهما بمعنى سجود ظلهما كما قال: (يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله)، قال مجاهد: النجم هو الكوكب وسجوده طلوعه.
 
 
 
والله أعلم نقول: إن من رحمته سبحانه إسباغ نعمه على الجميع، المؤمن منهم والكافر، وهو الرحمن الذي يضمن استمرار تلك النعم وعدم زوالها، كما يضمن سبحانه وصولها للجميع.. وفي سورة الرحمن يخبرنا - سبحانه - عن جانب من تلك النعم.
 
 
 
ولأن الله خلق كل شيء بقدر لغاية وسبب؛ فقد أعطى كل مخلوق منهم هداه الذي يؤدي به وظيفته، وسبب خلق الإنسان هو العبادة؛ أعطاه الله الفطرة السليمة ومفاهيم القرآن المطلقة والتي بها يتعرف على الله، ثم أعطاه مفاهيم العقيدة والشريعة والمعاملات والتي بهم يعبر عن مدى فهمه وإيمانه، وتكون النتيجة أن يؤدي كل إنسان تلك الوظيفة ألا وهي (معرفة الله وعبادته) كلٌّ بحسب حظه وهمته.
 
 
 
ثم يعدد الله - سبحانه - في السورة الكريمة نعمه على الإنسان، فيعطي النعمة وهديها وسبب وجودها، فالشمس والقمر يجريان لنعلم (عدد السنين والحساب)، يرتبط بهما (النجم والشجر) والمراد بهما النبات جميعًا سواء أكان له ساق أم انبثق مباشرة من الأرض دون ساق، وسبب وجود نعمة الزرع جلي ومعروف وهو الأكل من ثماره....إلخ، لكن لفظ (يسجدان) هنا هو السر، يوحي اللفظ باللين الذي أودعها الله في فطرة النبات، فهو ينجذب إلى الشمس، ويميل للريح، ويمتص الماء من الأرض متى وجدت.
 
 
 
فالنباتات جميعًا (بساق أو دون) مزروع في فطرتها الطاعة واللين (وهو المقصود بالسجود هنا)، فكما ورد في المعجم (سجدت السفينة للريح أي أطاعته)، وهكذا ضمن الرحمن للإنسان أن تعطيه النباتات أطيب الثمار عن طيب خاطر، كما ضمن له استمرار هذا العطاء. 
 
 
 
وصل اللهم وسلم وبارك على أكمل إنسان، محمد منبع الأنوار، من علمه ربه القرآن، وأنزل عليه الفرقان، وعلمه البيان بأحكم لسان، فكان خير عارف وعابد ومعلم، وعلى آله وصحبه الأخيار.

(...وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ...)

google-playkhamsatmostaqltradent