recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

إعلان

"واشرح لها" بنية سردية مكتملة الأبعاد بين الوعي واللاوعي بقلم د. سعيد محمد المنزلاوي




عرض. طارق أبو حطب 


يتمثل الوعي واللاوعي، في المناصفة بينهما في كتابة تلك المقالة ما بين الحُلم بها صبيحة الجمعة 28/7/2023م وبين تقييد الحُلم والإضافة إليه. فالإبداع ليس في الوعي وفقط وإنما يقع جله في اللاوعي، والذي ينوب عنك في خلق الإبداع على أكمل وجه.

يحمل العنوان في بذرته قصة سردية مكتملة الأركان، تبدأ من حرف العطف "الواو"، والذي يحمل الجملة بعده على كلام قبله. وتبدو الهيمنة من الآخر بدلالة فعل الأمر "اشرح"، والذي يحدد عدد الشخصيات والتي تنحصر في ثلاثة، هم الذات الآمرة، ومَن يأمره، ومَن سيقوم بالشرح لها. ويأتي حضور الشخصيات في النص بين اثنتين منهما حضورًا، وتبقى الشخصية الثالثة غائبة حاضرة، فهي المقصودة من الخطاب، ولكنها غائبة عن دائرة الحوار القائم بين المخاطِب والمخاطَب.

ويكون الحدث واضحًا من خلال تجليات فعل الأمر، (اشرح لها)، وما دام الأمر متعلقًا بالرجل والمرأة، فالعلاقة إذن بين زوجين، أو حبيبين، أو عاشقين، أرسل الشاعر لها المراسيل؛ ليبثها أشواقه وهيامه، وليخبرها عن حاله. يلمح العنوان إلى ذلك الشوق، ولكنه لا يفصح عنه، وإنما يترك للنص الكشف عما أخفاه وأضمره.

كما يدل العنوان على رغبة الذات في التقرب من المرأة والتودد إليها، ويترك هذه المهمة على طرف ثالث وسيط بينهما، فثمة علاقة حب أو إعجاب نشأت بين الذات وبين المرأة، يخجل عن الإفصاح عنها، فأناب عنه غيره، ليحمل عنه عبء الرسالة. وقد تباين المرسَل ما بين النسيم وسرب الحمام؛ ليسلم له عليها

ويشرح لها عن حالته.

أما الزمان، فإنه يحضر في العنوان بأبعاده الثلاثة، حيث الاسترجاع والعودة إلى الماضي في بث الذات للآخر عن شوقه وحبه وهيامه، وسرده لأحداث وقعت بينهما في الماضي، بدلالة حرف العطف الواو. وتحدد صيغة الأمر في الجملة الفعلية "اشرح لها" زمن الحديث، والذي يدور في الوقت الحاضر، ويستغرق من الزمن زمن الحوار الدائر بينهما، لتبدأ أحداث أخرى تتوالد وتتلاحق في سردها عبر الزمن، ولكن بين شخصيتين، إحداهما الشخصية المخاطبة بالأمر، المنوطة بالشرح للحبيبة، والثانية تلك التي حضرت في ثنايا العنوان بالإشارة إليها بضمير الغائب، وهي الحبيبة نفسها. والذي حيك العنوان؛ ليحملها بين طياته وبين لحمته وسداه.

أما المكان، فيتسع فضاؤه باتساع رقعة الأحداث التي يتم سردها بين طرفي فعل الأمر، كما يشي بتعدد الأمكنة وتعاقب الزمن، والذي يسمح بوقوع الأحداث في أكثر من مكان. فالنسيم المسافر لأرضها وسرب الحمام المغرد، يحكيان في سفرهما تبدل المكان وتعاقب الزمان.

وتأتي زاوية الرؤية من منطلق الراوي العليم، الذي يهيمن بسرده وحكيه على العنوان بدلالته السردية المكتملة؛ لأنه يروي ما حدث له بالفعل، ليختفي ذلك الراوي، ويبدأ التمهيد لراوٍ آخر يبدأ عمله عند انتقال زاوية الرؤية لدى الشخصية الثانية من مجال المسرود له إلى مجال السارد، الذي يشارك في الأحداث عند وقوعها حال تحدثه إليها، ناقلًا الحوار برمته من الشخصية الأولى إلى الشخصية الثالثة؛ لينشأ داخل الذات صراع آخر يغاير الصراع الأول الذي كان يجيش في صدره، بثه في صورة أشواق ونجوى، إلى صراع آخر يقوم على الترقب والانتظار للرد على الرسول أو الوسيط بينه وبين محبوبته، ولا شك أنها ستمر عليه دهرًا في بُعد رابع للزمن ينحت مسارَه ما يعتلج في صدره من شتى الهواجس والظنون. 

هذا ماجاد به اللاوعي ـ منامًا ـ وما أضافه الوعي ـ يقظة ـ مما يشير إلى الدور الكبير للاوعي في عملية الخلق والإبداع.

"واشرح لها" بنية سردية مكتملة الأبعاد بين الوعي واللاوعي  بقلم د. سعيد محمد المنزلاوي
دكتور طارق عتريس أبو حطب

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent