الإدمان
بقلم / آلاء عزوز علي
وصفته جويس ماير بأنه كل ما يسيطر على الناس ويشعرون بالعجز في عدم وجوده، أو
هو أمر يفعلونه للتخلص من الآلام والضغوطات وهو ما يلجأ إليه الناس عند شعورهم
بالوحدة والأذى، إدمان الإنسان على عادة أو فعل معين لا يعني بالضرورة أنه انسان
سيئ بل يعني أن احتياجاته الطبيعية لا يدري كيف يلبيها بشكل طبيعي بعيداً عن المبالغة
في فعل الشىء "superstimulus "، حيث أنه لا يقدر على المقاومة فهذا ضعف أكثر
من أنه سوء، فبسبب التكنولوجيا التي نعيشها الآن أصبحت مقاومة هذه الأشياء أصعب
بآلاف المرات من مقاومتها في القرون الماضية .
أول ما يخطر في أذهاننا عند سماع كلمة "إدمان" هو إدمان المواد المنشطة أو إدمان
المخدرات وهو في الحقيقة واحد من أهم وأخطر أنواع الإدمان ولكننا ننسى أن الإدمان
هو كل عادة يعود اليها الإنسان بشكل متكرر رغم علمه بضررها عليه، سواء كان إدمان
الأكل، الشرب، السوشيال ميديا الإباحية، أو أي عادة سيئة أخرى فقبل أن نبحث عن
طرق لمعالجة الإدمان والأساليب الحديثة التي تستخدم لمعالجته، يجب ان نعرف أولاً
الأسباب التي قد تؤدي إلى الإدمان لنتمكن من حلها ومعالجتها.
من الضروري أن يبدأ الأب والأم بمصادقة الأبناء منذ الصغر، لا سيما أن معظم
الانحرافات تبدأ في مرحلة الطفولة، وهي الفترة التي يفتقد الأطفال فيها الإدراك الكامل
في كافة الأمور، ما لم يتم توعيتهم وتثقيفهم، ويكون في الغالب خلف مثل هذه الانحرافات
رفقاء السوء، والانجراف وراءهم ووراء أفكارهم، الاهتمام بنوعية الأصدقاء في حياتنا
له أثر كبير على سلوك وشخصية وجودة حياة الصديق، فالصداقات الجيدة تنعكس بشكل
مباشر على الاستقرار النفسي والاجتماعي. كذلك تقود الصداقة السيئة إلى حياة سيئة.
ولأن الآباء هم الأساس في حياة أبنائهم ففي الكثير من الأوقات يؤثرون عليهم بالسلب لا
بالإيجاب، في حالة إن كانوا قدوة سيئة للأبناء، فإدمان أحد الوالدين وانشغالهم عن
الأبناء، وعدم التكافؤ بين الزوجين، والقسوة الزائدة على الأبناء، وكثرة تناول الوالدين
للأدوية والعقاقير، ففي هذه الحالة لا نلوم الشاب فقط لأنه من الأساس نشأ في بيئة
سيئة.
كل ذلك يؤثر بالسلب، ناهيك عن التفكك الأسري الذي بدوره يشكل أكبر مشكلة, فبسبب
عدم إنصات الأم لإبنها المراهق وانشغالها بالحياة هي الأخرى، وبسبب ذلك الابن الذي
طالما عانى من التوحد منذ صغره، أين يذهب الابن بكل تلك الخيبات يا ترى فلا يلجأ إلا
لفعل شيء يلهيه عن الدنيا وما فيها...
وواحدة من أهم أسباب الإدمان أنها "تنسيك كل شيء"، أي الهروب من الواقع فالآلام
النفسية خلاصتها:
حزن من الماضي
ملل في الحاضر
قلق على المستقبل
فمثلاَ في كل مره يتذكر فيها شيء من الماضي يهرب من الحزن بمشاهدته أفلام مدمن
عليها، أو بشراء وجبات السريعة، أدمن على فعل هذا الشيء، فهذه الوسائل تعتبر هروباً
من الواقع، بدلاً من أن يجالس نفسه ويتصالح مع ماضيه لأنه بالطبع لا يمكن تغييره،
وبالتالي في كل مره تذكر شيء يضايقه يكرر ذلك مراراً وتكراراً، إلى أن تصبح عادة
وهي الإدمان على فعل الشيء، ربما نتسائل الآن نحن لا نستطيع التحكم في القلق على
المستقبل، في الحقيقة يقل هذا القلق تلقائياً حينما نأخذ بالأسباب ونتوكل على الله في كل
شيء.
ومع سهولة توافر المادة في المجتمع مع انخفاض سعرها (مثل البانجو) يساعد على
انتشارها، واستخدامها ولو على سبيل التجربة، فهذه المواد لها تأثيرها السحري على
بعض الأشخاص، وبينما قلة المادة وارتفاع سعرها يدفع البعض للإقلاع عنها، فمثلًا في
الفترة التي احتل فيها العدو أرض سيناء التي كان يُهرَب من خلالها الحشيش ارتفع
القرش منه من جنيه ونصف سنة 1967م إلى نحو عشرة جنيهات سنة 1969م مما دفع
الكثيرين للإقلاع عنه.
قبل عصرنا الحالى كان من الطبيعي أن نلتقي بأصدقائنا بشكل يومي أو شبه يومي وجهاً
لوجه، وبالتالي تجد المتعة الطبيعية، ولكن في عصرنا الحالي تجد اننا نتواصل عن طريق
الهاتف ولكن ليست هنا المشكلة، أصبحنا نراسل العديد من الأصدقاء في نفس الدقيقة،
حيث أصبح ذلك التأثير يقدم إلينا بشكل مبالغ فيه في العدد وفي التكرار وفي التنوع
تنجذب إليه انجذاب يؤدي إلى الإدمان، مما أدى إلى ظهور مفهوم التحفيز الفائق .
ربما يعتقد البعض أن الدول المتقدمة علماً وثقافتاً هي أقل الدول نسبة في تعاطي
المخدرات، ولكن لا فإن بحسب الاحصائيات السنوية لنسب تعاطي المخدات والمواد
المنشطة حول العالم، احتلت الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك أعلى القائمة كأكثر
شعوب تتعاطى المخدرات.
وبحسب تقرير الإدمان لمجلة springer open البريطانية تبين أن هناك30% من
الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات في مصر هم من يعملون لساعات عمل أطول
كالسائقين أو أصحاب الورديات الليلية,كما أن هناك 35% تقريباً من متعاطي المخدرات
في مصر من يعيشون في واقع سيئ وحياة عصيبة فيكون التعاطي من أجل نسيان
الهموم.
لذا يكون علاج الإدمان من المخدرات محتوياً على العلاج النفسي والتعرف على جذور
المشكلة وأسباب التعاطي لأجل الخلاص من الإدمان، وأيضاً 34% من الأشخاص الذين
يعانون من الإكتئاب يتعاطون المخدرات في مصر، حيث وجود صلة قوية بين تعاطي
المخدرات وبين الإكتئاب وكلاهما علاقة خطر متبادلة.
ومع إنتشار تعاطي المخدرات في مصر إلا أن هناك نسبة ضئيلة جداً هي من تبحث عن
علاج الإدمان في مصر، وما زال الكثير من مدمني المخدرات لا يعرفوا طرق مصحات
علاج الإدمان غارقين في عالم التعاطي، ولا ريب أن نهاية المدمن إما موت بسبب جرعة
زائدة أو السجن بسبب تعاطي مواد محظورة أو الإنتحار وبئس النهايات هذا إن لم يتم
إنقاذ المدمن من عالمه المظلم الذي يقبع فيه قبل فوات الأوان.
ومن خلال الدراسات والإحصائيات وتقديرات الأطباء في مصر فإن هناك إزدياد في أعداد
المدمنين في مصر في الآونة الأخيرة في مختلف الأعمار بما فيهم كبار السن والفتيات،
وأرجع المختصون بأن السبب في هذا هو ارتفاع الضغوط الحياتية والمشاكل النفسية
التي تُعد أبرز سمات العصر.
تتعدد أساليب وطرق علاج الإدمان على المخدرات أو الكحول فلا يوجد طريقة موحدة
للجميع، حيث يعتمد اختيار العلاج المناسب لكل حالة بناء على عدة عوامل منها: نوع
المادة المسببة للإدمان، مدة الإدمان وشدته، ومدى تأثير المادة على الشخص ومستوى
الرعاية المطلوب.
ومن أبرز أساليب علاج الإدمان هي إزالة السموم من الجسم , حيث تبدأ خطوات علاج
الإدمان من المخدرات أو الكحول بإزالة المادة المسببة للإدمان من الجسم بطريقة آمنة
تحت إشراف الطبيب، وعادة ما يتم الاستعانة بالأدوية لتخفيف أعراض الانسحاب.
وتستخدم الأدوية كجزء من خطة علاج الإدمان للحد من أعراض الانسحاب، وتقليل
الرغبة الشديدة في تعاطي المادة المخدرة، وعلاج الإدمان السلوكي، وكذلك الوقاية من
الانتكاس، حيث يعتمد اختيار الدواء المناسب على نوع المادة المسببة للإدمان.
وغيرها الكثير من الطرق المستخدمة في العلاج، وبالطبع التوعية من خلال الإعلانات
التلفزيونية مع وجود مشاهير لهم شعبية كبيرة وحب كبير مثل محمد صلاح، فبظهورهم
وعمل اعلانات عن الإدمان يؤثر بالإيجاب بالتأكيد على الشباب لأنهم يقتدون بهم
وبأفعالهم.