عنبسة بن سحيم: فارس الإسلام الذي لامس أسوار باريس
كتب - سيف الإسلام حسن
عبقرية عسكرية وإيمان راسخ يقودان إلى أقصى مدى في أوروبا
سطّر القائد المسلم عنبسة بن سحيم الكلبي اسمه بحروف من نور في صفحات التاريخ، كأحد كبار فاتحي الأندلس، حيث وصل بجيشه إلى أبعد نقطة لامسها قائد مسلم في أوروبا، محققاً إنجازاً عسكرياً استثنائياً تمثل في وصوله إلى مدينة سانس الفرنسية، على بعد 30 كم فقط من العاصمة باريس.
خلفية بطولية
تولى عنبسة ولاية الأندلس خلفاً للقائد الشهيد السمح بن مالك الخولاني، بعد معركة طولوشة (تولوز) عام 102 هـ/721 م، والتي خاضها المسلمون في يوم عرفة. سار عنبسة على درب السمح، فكان مثله كفاءة وقدرة في المجالين العسكري والإداري، اتسم بالورع والصلاح والأمانة، حاملاً راية الإسلام خفاقةً، وشغفاً بالجهاد لنشر تعاليمه السمحاء.
رحلة انتصارات وصولاً إلى مشارف باريس
قاد عنبسة جيشه في رحلة حافلة بالانتصارات، تاركاً بصماته على مختلف المدن التي وطأتها قدماه. تميزت قيادته بالجرأة والحنكة، فاستطاع تحقيق مكاسب جمة، وفتح العديد من الحصون والمعاقل.
مواجهة قاسية وشهادة بطولية
واجه عنبسة في طريق عودته المظفرة إلى الجنوب، تحديات جمة فرضتها ظروف الشتاء القاسية، ونقص العدد في جيشه، وانقطاع التعزيزات القادمة من الأندلس.
وقبل أن يتمكن من لم شمل جيشه، داهمته جموع غفيرة من الفرنج، وقطعت عليه خط العودة أثناء عبوره أحد الأنهار. خاض عنبسة معركة ضارية مع جيش العدو، قاتلاً بشجاعة فائقة ودفاعاً عن دينه ووطنه.
مسرح المعركة ونهاية بطل
تضاربت الروايات حول مكان المعركة، إلا أن الرأي الأكثر ترجيحاً يشير إلى وقوعها بالقرب من بلدة طرسكونة على نهر الرون، بين مدينتي أفينيون وآرل.
وخاض المسلمون المعركة في ظروف قاسية للغاية، حيث أعاقهم الطقس المثلج والأرض الموحلة، فلم يتمكنوا من المناورة بحرية، ما أدى إلى استشهاد عنبسة وكثير من رفاقه، في شعبان سنة 107 هـ / 725 م.
إرث خالد
رحل عنبسة بن سحيم الكلبي عن دنيانا، تاركاً وراءه إرثاً خالداً من البطولة والفداء والإيمان الراسخ.
ختاما سيظل اسم عنبسة بن سحيم محفوراً في ذاكرة التاريخ، كرمز للبطولة والشجاعة، وقائداً فذّاً رسم حدود الفتوحات الإسلامية في أوروبا.
