إعلان

recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

تأثير دعم المجتمع والأسرة على نجاح الكبار في مواصلة تعليمهم

الصفحة الرئيسية

تأثير دعم المجتمع والأسرة على نجاح الكبار في مواصلة تعليمهم
 




 تأثير دعم المجتمع والأسرة على نجاح الكبار في مواصلة تعليمهم


بقلم: حسن سليم

يعد تعليم الكبار مجالًا ذا أهمية بالغة في بناء المجتمعات المعاصرة، خاصة في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم من حيث التطور التكنولوجي والاجتماعي والاقتصادي، ويتطلب النجاح في تعليم الكبار عوامل متعددة تساهم في تعزيز رغبة الأفراد وقدرتهم على مواصلة التعليم، ويأتي في مقدمة هذه العوامل دعم المجتمع والأسرة.. وفي هذا المقال سنسلط الضوء على كيفية تأثير هذا الدعم على نجاح الكبار في مواصلة تعليمهم، مع تحليل الجوانب المختلفة التي تتداخل في هذه العملية.


قبل الخوض في تفاصيل دور المجتمع والأسرة، يجب أن نفهم أهمية تعليم الكبار، يعتبر تعليم الكبار فرصة ثانية لأولئك الذين لم يتمكنوا من إكمال تعليمهم في سن مبكرة، أو لأولئك الذين يرغبون في تطوير مهارات جديدة تواكب تطورات سوق العمل. إن التعليم المستمر للكبار يعزز من قدراتهم الإنتاجية ويزيد من فرصهم في الحصول على وظائف أفضل، كما يسهم في تحسين نوعية حياتهم بشكل عام، سواء من الناحية الاجتماعية أو النفسية.


وتعد الأسرة اللبنة الأولى في تشكيل القيم والمبادئ لدى الأفراد، ولها تأثير كبير على توجهاتهم التعليمية. وعندما يتعلق الأمر بتعليم الكبار، فإن دعم الأسرة يلعب دورًا حاسمًا في تحقيق النجاح، يمكن أن يظهر هذا الدعم بأشكال متعددة، منها:


الدعم النفسي والمعنوي

 غالبًا ما يشعر الكبار الذين يقررون العودة إلى التعليم بالقلق والشكوك حول قدرتهم على مواكبة الدروس والتحديات الأكاديمية، هنا يأتي دور الأسرة في تقديم الدعم النفسي والمعنوي الذي يساعد الفرد على تجاوز هذه الشكوك وبناء الثقة في النفس، فعندما يشعر الفرد بأن أسرته تؤمن بقدراته وتدعمه، فإن ذلك يزيد من دافعيته لمواصلة التعليم.


الدعم المالي

قد يكون التعليم مكلفًا للكبار، خاصة إذا كانوا مسؤولين عن إعالة أسرهم، في هذه الحالة، يمكن للأسرة أن تلعب دورًا كبيرًا من خلال تقديم الدعم المالي، سواء عبر تغطية تكاليف الدراسة أو تقليل الأعباء المالية الأخرى على المتعلم. هذا الدعم يمكن أن يكون مفتاحًا لاستمرار الشخص في رحلته التعليمية دون اضطرار إلى التوقف بسبب الضغوط المالية.


المشاركة في المهام المنزلية

يمكن أن تكون مشاركة الأسرة في تحمل بعض المهام المنزلية وتوزيع الأدوار بشكل يتيح للمتعلم الوقت الكافي للدراسة أحد العوامل المهمة التي تسهم في نجاح تعليم الكبار، عندما يجد الفرد أن أسرته تقدر احتياجاته وتدعمه من خلال تخفيف الأعباء اليومية عنه، فإنه يتمكن من التركيز بشكل أفضل على الدراسة.


وإلى جانب الأسرة، يلعب المجتمع دورًا مهمًا في دعم تعليم الكبار، يشمل هذا الدعم العديد من الجوانب التي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على نجاح المتعلمين الكبار، ومنها:


البرامج التعليمية المجتمعية

 يمكن للمجتمع أن يوفر برامج تعليمية مخصصة للكبار تتناسب مع احتياجاتهم وجدولهم الزمني، هذه البرامج قد تكون عبارة عن دورات مسائية أو برامج تعليم عن بعد، مما يتيح للكبار فرصة مواصلة تعليمهم دون التضحية بالتزاماتهم الأخرى. فالمجتمع الذي يدعم إنشاء مثل هذه البرامج يساهم بشكل كبير في تسهيل عملية التعليم للكبار.


التشجيع المجتمعي والثقافي

 تلعب القيم المجتمعية والثقافية دورًا في تشكيل نظرة الأفراد للتعليم. ففي المجتمعات التي تقدر التعليم وتراه عنصرا أساسيا لتحقيق النجاح، يكون الأفراد أكثر استعدادًا للعودة إلى التعليم، بغض النظر عن أعمارهم، كما أن الدعم المجتمعي قد يتجسد في توفير الحوافز والجوائز للأفراد الذين يواصلون تعليمهم، مما يعزز من رغبتهم في التعلم.


الدعم المؤسسي والمرافق

 يمكن أن يكون دعم المجتمع من خلال المؤسسات المحلية مثل الجمعيات الخيرية، المكتبات العامة، والنوادي الثقافية، هذه المؤسسات يمكن أن توفر بيئات تعليمية وداعمة للكبار، سواء من خلال توفير موارد تعليمية، أو مساحات للدراسة، أو حتى من خلال تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمجتمع أن يشجع الشركات والمؤسسات على دعم تعليم موظفيها من خلال تقديم برامج تعليمية داخلية أو منح تعليمية.


وعلى الرغم من أهمية دور الأسرة والمجتمع في دعم تعليم الكبار، إلا أن هناك تحديات قد تعيق تحقيق هذا الدعم، من أبرز هذه التحديات:


الضغط الاجتماعي والثقافي

 في بعض المجتمعات، قد يُنظر إلى التعليم على أنه نشاط يقتصر على الشباب، وقد يواجه الكبار الذين يقررون العودة إلى الدراسة بعض الانتقادات أو الضغوط الاجتماعية، ويمكن لهذه الضغوط أن تؤدي إلى تثبيط عزيمة الأفراد وتقليل دافعيتهم لمواصلة التعليم.


عدم توفر الموارد الكافية

 في بعض الأحيان، قد تكون الأسرة أو المجتمع غير قادرين على تقديم الدعم المالي أو اللوجستي اللازم لمواصلة التعليم، وهذا يمكن أن يشكل عقبة كبيرة أمام الأفراد، خاصة إذا كانت تكاليف التعليم مرتفعة أو إذا كانت هناك حاجة لوجود بيئة تعليمية معينة.


توازن الأدوار والمسؤوليات

 يعتبر التوفيق بين الدراسة والمسؤوليات الأسرية والمهنية من أكبر التحديات التي تواجه الكبار عند العودة إلى التعليم، هذا التحدي يتطلب دعمًا كبيرًا من الأسرة والمجتمع لضمان توازن الأدوار والمسؤوليات بشكل لا يؤثر سلبًا على أداء المتعلم.


وبالرغم من التحديات، هناك العديد من النماذج الناجحة التي أظهرت كيف يمكن أن يسهم دعم الأسرة والمجتمع في تحقيق نجاح الكبار في التعليم، على سبيل المثال:


برامج التعليم الأسري في بعض الدول، حيث تم إنشاء برامج تعليمية تستهدف الكبار والأطفال معًا، مما يسمح للآباء بالاشتراك في نفس الأنشطة التعليمية مع أبنائهم، هذه البرامج تعزز من التفاعل الأسري وتعطي الآباء فرصة للعودة إلى التعليم دون الشعور بالانعزال عن أسرهم.


المبادرات المجتمعية للتعلم المستمر في بعض المجتمعات، فقد تم إنشاء مبادرات تهدف إلى تشجيع التعلم المستمر بين الكبار، من خلال توفير دورات تدريبية مجانية أو بأسعار رمزية، وهذه المبادرات تسهم في تذليل العقبات المالية والتشجيع على مواصلة التعلم.


التحالفات بين المؤسسات التعليمية والشركات، يوجد بعض الشركات تدرك أهمية التعليم المستمر لموظفيها، فتقوم بتشكيل شراكات مع المؤسسات التعليمية لتقديم برامج تعليمية تتناسب مع احتياجات موظفيها، هذه الشراكات تعزز من التعليم المستمر وتدعم الكبار في تحقيق تطلعاتهم الأكاديمية والمهنية.


إن دعم المجتمع والأسرة يعد عنصرًا أساسيًا في نجاح تعليم الكبار، ومن خلال تقديم الدعم النفسي، والمالي، واللوجستي، يمكن للأسرة والمجتمع أن يسهما بشكل كبير في تذليل العقبات التي قد تواجه الكبار في رحلتهم التعليمية، ومع ذلك، يتطلب هذا الدعم تعاونًا مستمرًا وتفهمًا للتحديات التي قد تواجه الأفراد، مع خلق بيئة تشجع على التعلم المستمر وتعزز من مكانة التعليم كقيمة أساسية في حياة الأفراد، بغض النظر عن أعمارهم.


google-playkhamsatmostaqltradent