مرحبًا بالفشل.. لا مرحبًا بالفاشلين
بقلم: د. سعيد محمد المنزلاوي
«أنت فاشل» عبارة، قد يحسبها البعض سبة، وقد يخجل منها آخرون، ةلهم الحق، فلا يزال أولئك في الفشل يرفلون، ولآياته يرتلون، وعلى صراطه يسيرون، ولكن للوراء، والهزيمة واليأس والانكسار.
ولكن «الفشل» قد يكون وقودًا للعمل، ومحركًا للنشاط، وقائدك للنجاح وللفلاح.
إن تكرار الفشل قد يكون دليلًا على الاجتهاد؛ فهو أولى مراحل النجاح، وأول طريق الابتكار والإبداع.
كثيرون جعلوا من الفشل مطية توصلهم إلى النجاح، ومعبرًا للفلاح. حسب الفشل أنه دلك على المسار الخطأ؛ كي لا تسلكه، وأرشدك إلى السلوك الخطأ؛ كي لا تتبعه، ونبهك على نقاط ضعفك؛ حتى تتجاوزها، ودلك على خطأ التجربة وضحالة الفكرة وسوء التفكير؛ كي لا تنجرف إليه ثانية.
إن الفشل هو هاديك الأمين إلى تعديل السلوك، وتغيير المسار، وتوجيه الأفكار، وتجربة أمور جديدة ومختلفة؛ حتى تصل إلى مبتغاك، وتحقق هدفك المنشود، وتصل إلى الأمل المرجو، وتثبت قوائمك على أرض صلبة.
مرحبًا بالفشل بهذا المفهوم الإيجابي في التعامل معه، لمواجهته والتغلب عليه، وفي الاستفادة من الأخطاء بعدم تكررها، وإنما بتجاوزها، وفي الإفادة من الانكسارات لتعديل المسار والنهوض من جديد ونحن أقوى عودًا، وأشد عزيمة، وأكثر وعيًا.
المهم ألا تيأس، ولو تعثرت قدمك كثيرًا، وألا تتراجع، ولو تعرضت للتخاذل، وجوبهت بالرفض، ليكن عزمك من فولاذ، لا يلين ولا ينكسر، ولتكن إرادتك عفية فلا تستكين، وماضية، فلا تيأس، حتى وإن كسرت قوائمك، حاول النهوض، حاول ثم حاول ثم حاول، ما دام فيك رمق من حياة.
لا تتعلل بالسن، فقد بدأت «أنَّا ماري روبرتسون موزس» الرسم، في الثامنة والسبعين من عمرها، وكان أول معرض لها سنة ألف وتسعمائة وتسعة وثلاثين.
رافعة شعار لا يأس مع الحياة، وليس للنجاح سن، ولا يشيخ الإبداع أبدًا، لتكن أحلامك شابة وفتية.
لا تعتذر بكثرة المحاولات الفاشلة، فلو يأس «توماس أديسون» بعد اسعمائة وتسعة وتسعين محاولة فاشلة، ما أنارت الدنيا، ولعشنا حتى اليوم في الظلام.
لو يأس الأنبياء، والدعاة والمصلحون، ما وصلت رسالة السماء، ولما لستقامت البشرية، ولما سادت القيم والمثل والأخلاق بين الناس.
مرحبًا بالفشل، كوقود يحرك على الإبداع، ويشعل فينا جذوة السعي والعمل والكفاح ويوجهنا إلى الطريق الصحيحة، والتي ينبغي لنا أن نسير فيها.
ولا مرحبًا بتلك الثلة من الفاشلين المستسلمين الآيسين، فهم كالماء الراكد، تعطن وفسد من كثرة وقوفه، ولم يعد صالحًا لنفسه ولا لغيره.