فلا يحزنك قولهم
بقلم د. خالد البليسى
مواجهة التحديات بإيجابية في زمن تتزايد فيه التحديات الاجتماعية والسياسية، لا تزال الكلمات السلبية والانتقادات اللاذعة تطل برأسها، مما يؤثر على الكثيرين بطريقة سلبية. قد نجد أحيانًا أن ما يقوله الآخرون من انتقادات أو أحكام قد يؤثر على مزاجنا وثقتنا بأنفسنا. لكن هناك رسالة مهمة يجب أن نتذكرها جميعًا: فلا يحزنك قولهم.
إن التعامل مع الانتقادات يتطلب منا مرونة نفسية وقدرة على تجاوز السلبيات. فالكثير من الناجحين في مختلف المجالات قد تعرضوا لانتقادات جادة، ولكنهم تمكنوا من تحويل تلك الانتقادات إلى دافع للتطور والتحسين. فبدلاً من السماح لتلك الأصوات السلبية بالتحكم في مشاعرنا، يمكننا استخدامها كوسيلة لتنمية قوتنا الداخلية.
تتعدد قصص الأشخاص الذين واجهوا كلمات آثرت عليهم في بداياتهم، ثم تحولوا إلى رموز ملهمة في مجتمعاتهم. فعلى سبيل المثال، نجد أن العديد من المشاهير والكتاب قد عانوا من الرفض في بدايات مسيرتهم، لكنهم لم يستسلموا، بل استخدموا تلك الانتقادات كحافز لتحقيق طموحاتهم.
وعلى مستوى الحياة اليومية، يتوجب علينا أن نكون واعين لتأثير الكلمات على صحتنا النفسية. في بعض الأحيان، قد تكون الانتقادات نابعة من عدم الفهم أو من مصدر غير موثوق. لذا، يجب علينا أن نتعلم كيفية فصل النقد البناء عن النقد الهدام، وكيفية التعامل مع كل منهما بشكل صحيح.
إضافة إلى ذلك، من المهم أن نحيط أنفسنا بالأشخاص الذين يدعموننا ويؤمنون بنا، بدلًا من التركيز على الذين يحاولون إحباط عزيمتنا. فالصداقة الحقيقية والمساندة العاطفية يمكن أن تكون درعًا فعالًا ضد أي كلمات سلبية.
سيقولون فيكَ ما ليسَ فيكَ، فلا تلتفِتْ! وتعزَّ بمن سبقوكَ، وهم خير منكَ!
قالوا عن النبيِّ ﷺ ساحرٌ، ومجنون، وكذَّاب! اتهموا يوسف عليه السلام بالسرقة! واتهموا مريم البتول بالزنا!
ضَعْ هذه الحقيقة نصب عينيك: لا نجاة من ألسُنِ الناس مهما بلغتَ من الصّلاح!
وفي حلية الأولياء: قال موسى عليه السلام لربه: يا ربُّ أسألكَ أن لا يذكرني أحدٌ إلا بخير. فقال له الله: يا موسى ذلكَ شيءٌ لم أجعله لنفسي أفأجعله لكَ؟ قال الناس أنَّ للهِ تعالى زوجةً وولداً، أفتريدُ أن تسلمَ منهم أنت؟!
في النهاية، يجب أن نتذكر أن الشعور بالخجل أو الحزن نتيجة لآراء الآخرين لا يعني أننا يجب أن نتراجع عن أحلامنا أو طموحاتنا. بل على العكس، يجب أن تكون تلك الكلمات دافعًا لنا للمضي قدمًا واستمرار السعي نحو تحقيق أهدافنا. فقوة الإنسان تكمن في قدرته على تجاوز العقبات، وأي قول قد يحاول إحباطه ما هو إلا تحدٍ عليه مواجهته بشجاعة وثقة.. فلا يحزنك قولهم، بل اجعل منه وقوداً لطموحاتك وأحلامك.