ذهبت ريح المسلمين والعرب .. هجروا القرآن واكترثوا لـ مرجعيات بشرية متطرفة
بقلم - على محمد الشرفاء
--هل ذهبت ريح المسلمين ؟، لماذا تنازعوا وتقاتلوا وفشلوا .. وذهبت ريحهم ؟! ، لماذا لم يتبعوا قول الله تعالي في القرآن الكريم: "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" ؟، لماذا غابت عنهم البصيرة وتاه الحق فيهم وبينهم ؟، تساؤلات كثيرة لا تزال حائرة، تساؤلات تدق الرؤوس وتضرب الأعناقـ لماذا وصلت أمة العرب والإسلام إلى هذا الواقع المر المرير ؟.
نعم الواقع مر مرير، والوضع العربي والإسلامي ينذر بخطر داهم لا يحمد عقباه، ويحاول المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي أن يشخص الواقع ويعالج الانحراف من خلال كتابه "ومضات علي الطريق" والذي يعد بمثابة مشروع فكري وسياسي لحال الأمة وأحوالها إذ يقول الحمادي في سطور كتابه: انه لا مناص للمسلمين إلا بالعودة إلى كتاب الله القرآن الكريم، كي لا ترتهن عقولنا لمرجعيات متطرفة صاغها لنا بني البشر من أعداء الدين الإسلامي، بعد أن أضفوا عليها حُللاً من القداسة والغلو ودسوا علي ديننا الحنيف روايات غريبة تنحرف بمسار رسالة الإسلام وتغير من مقاصدها السامية التي تحث علي العدل السلام والمساواة بين الناس جميعا.
ويقول علي الشرفاء: لقد أراد الله لنا أن نعتصم بكتابه العزيز، وخلف الرسول الخاتم الذي بلّغ عن ربه كما أمره منهجا واحدا أراد الله لنا التوحد خلفه ونتبع آياته ونطبق تشريعاته ونتبع عظاته، كي لا تحدث الفرقة والتشرذم ويتحول المسلمون إلى شيع وفرق وطوائف تقاتل بعضُها بعضًا، ورغم بأن الله سبحانه وتعالي أمرنا في قوله عز وجل: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا"، وحذَّر العرب المسلمين بقوله تعالي: "وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ "، صدق الله العظيم، إلا أن الفرقة حدثت والتنازع بيننا تصاعد ، تنازعنا وفشلنا وذهبت ريحنا.
ونظراً لعدم اتباعنا لما أمرنا الله به وما حذرنا منه، وقع المسلمون في المحظور، لأنهم لم يدركوا دعوة الله لهم بالتوحد خلف رسوله، وما أنزله الله لهم في كتاب مبين. وقد قال فيهم سبحانه وتعالي في محكم تنزيله: "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ"، صدق الله العظيم، فقد ضَرَبت الفرقة صفوفَ المسلمين وتفرقوا شيعًا وطوائف شتى، ونشر الأعداء بين المسلمين الفتن التي أدت للصراع والاقتتال والتدمير، وتَخَلّفوا عن رَكْب الحضارة بالرغم مما يحمله العرب من رسالة إنسانية وحضارية مؤسسة على الرحمة والعدل والحرية والسلام والدعوة للعلم والمعرفة، وفروض إلهية مُلزمين باتباعها، إيمانًا ودينا، قولا وعملاً.
ويواصل علي الشرفاء مسيرة التنوير قائلاً: لو اتَّبع المسلمون رسالة الإسلام كما أمرهم الله تعالي لأصبحوا قادة للحضارة الإنسانية تنشر السلام وتُشجع المعرفة، وتقدم للإنسان ما ينفعه من خير وتطور لبناء مجتمعات الفضيلة والعيش الكريم، فإذا ما اتحد المسلمون خلف مرجعية القرآن الكريم، أمكننا بذلك إزالة الفرقة ووقف التدهور الحاصل جراء التشرذم والتفرق، ولأمكننا تفويت الفرصة على المتربصين بهم والأعداء الذين يتمنون بقاء الفرقة لتستمر ويدوم الوضع الحالي في هيئته المزرية، تلك التي كانت في الماضي كما نراها اليوم، مذاهب شتى، وفرق متعددة، الأمر الذي يصب في صالح العدو استثمارًا واستغلالاً، حين يرتع في ثرواتنا، ويَعْبَث بأمننا، ويستبيح أوطاننا لما شهد في أهلها انشغالا عنه.
فأمتنا في اقتتال دائم، داخلي وخارجي، قد أنهكها وأضعف قدراتها وشل تفكيرها، فلم تعد ترى القادم من الخارج من خطط خبيثة تسعى لتشويه رسالة الإسلام لوأدها وهدم أوطانها، ليسقط مئات الألوف من الضحايا فداءً لصالح أعداء الأمة العربية يستبيحون أوطانها وسرقة ثرواتها واستعباد مواطنيها، نعم، لن يكون لنا مخرج إلا بالعودة والتوحد خلف المرجعية الإلهية القرآن الكريم والبعد عن الإسرائيليات والرويات المدسوسة والتي أسلمتنا رغمًا عنا للفرقة والضياع، فكان ما كان من الحروب والقتل والتدمير والفتن المتلاحقة ، فلا خلاص للمسلمين سوى الرجوع لكتاب الله سبحانه وتعالى وقرآنه الكريم،الذي يُضيء لنا الطريق ليخرجنا من الظلمات إلى النور.
فماذا حدث بعد وفاة الرسول -ﷺ؟، دبُّ الخلاف بين الصحابة واشتعل الصراع بينهم، وتقاتلوا بلا مبرر، وتناسوا ما علّمهم رسول الله بما أنزل عليه من آيات بينات ودعوته لهم بقول الله سبحانه وتعالي : " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"، صدق الله العظيم، وبعد أكثر من مائة عام استحدثت الروايات والإسرائيليات منسوبة للرسول ظلمًا وافتراء، وظهر الخطاب الديني معتمدًا على مرجعيات بشرية ومفاهيم مشوهة قصرت عن إدراك مراد الله من آياته لصالح خلقه، وتمّ عزل القرآن الخطاب الإلهي للناس الذي كلَّف الله سبحانه رسوله أن يبلغه للخلق، تأكيدًا لقوله سبحانه وتعالي: "إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا"، وقوله تعالى: "اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ"، وقوله تعالى: "وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ"، صدق الله العظيم.
تلك تكليفات الله لرسوله أن يُبَلِّغ الناسَ بما أنزل إليه فقط وهو القرآن الكريم، ويأمر المسلمين بألا يتبعوا غير كتاب الله المنزل على رسوله، ليصبحوا مسلمين وليغفر الله لهم ذنوبهم ويسكنهم جنات النعيم ، تلك رسالة الله للناس، ولا يجوز أن نضع كتاب الله في مجال المقارنة بين الخالق وبين عباده، فعليهم أن يتدبروا قرآنه ليهديهم الطريق المستقيم، طريق الحق والرحمة والعدل والسلام والإحسان والتسامح وعدم الاعتداء على الناس وعدم قتل النفس البريئة وإفشاء السلام، فهي رسالة السلام من رب العباد يدعوهم لما يصلحهم، في يوم لن ينفع الإنسان إلا إيمانه واتباعه لرسوله وما ذكرهم به في قرآنه الكريم، اللهم بلغت اللهم فاشهد.