recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

صناعة الوعي عند الشعب المصري منذ ثورة 30 يونيو 2013

 

صناعة الوعي عند الشعب المصري منذ ثورة 30 يونيو 2013

صناعة الوعي عند الشعب المصري منذ ثورة 30 يونيو 2013


بقلم د. أيمن عيسى

استشاري إدارة وتنمية الموارد البشرية 

شهدت مصر منذ ثورة 30 يونيو 2013، تحولات كبرى على المستويات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية.

 لعب الوعي دورًا محوريًا في حماية استقرار الدولة ودفع عجلة التنمية. فقد أدرك المصريون أهمية حماية مؤسساتهم الوطنية والالتفاف حول مشروع وطني جامع، وهو ما عززته الدولة من خلال الإعلام، التعليم، والمبادرات الثقافية والمجتمعية.

مفهوم الوعي الوطني وتطوره بعد 30 يونيو

الوعي الوطني هو إدراك المواطن لدوره في بناء الدولة، والتفاعل مع القضايا السياسية والاجتماعية بوعي وفهم عميق.

حيث كانت مصر قبل 30 يونيو تعاني من استقطاب حاد وتحديات تهدد استقرارها، لكن مع خروج الملايين إلى الشوارع للمطالبة باستعادة هويتهم الوطنية، بدأ وعي جديد يتشكل، يعتمد على حماية الدولة من محاولات الفوضى والتخريب.

بعد الثورة، أصبح الوعي الوطني أكثر نضجًا، حيث أدرك المصريون أهمية الأمن والاستقرار والالتفاف حول القيادة السياسية كركيزتين أساسيتين لتحقيق التنمية.

كما أصبح لدى المواطن قدرة أكبر على التمييز بين الخطاب الهدّام والمعلومات الموثوقة، مما ساعد في مواجهة الشائعات والمخططات التي تستهدف إضعاف الدولة.

دور الإعلام في تشكيل الوعي

لعب الإعلام دورًا محوريًا في إعادة تشكيل الوعي المصري بعد 30 يونيو، وذلك من خلال:

1. التوعية بالمخاطر: سلط الإعلام الضوء على التحديات التي تواجه الدولة، مثل الإرهاب، الفوضى السياسية، والحروب النفسية، مما ساعد المواطنين على استيعاب خطورة المرحلة.

2. تعزيز الهوية الوطنية: ركزت القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع الإلكترونية على إبراز الإنجازات الوطنية والمشروعات الكبرى التي تسهم في نهضة الدولة.

3. مكافحة الشائعات: مع انتشار الأخبار المضللة، عمل الإعلام على تفنيد المعلومات الكاذبة وتصحيح المفاهيم المغلوطة.

4. تعزيز الحوار المجتمعي: من خلال البرامج الحوارية والمناقشات، تمكن الإعلام من تقديم رؤى مختلفة للقضايا الوطنية، مما ساهم في تشكيل وعي أكثر شمولية.

التعليم والثقافة كأدوات للوعي

منذ 30 يونيو، اتخذت الدولة خطوات مهمة لإعادة بناء منظومة التعليم والثقافة لتعزيز الوعي الوطني، مثل:

1. تحديث المناهج الدراسية: تم تطوير المحتوى التعليمي لإبراز الهوية الوطنية، وتعريف الطلاب بتاريخهم، وترسيخ قيم المواطنة.

2. تعزيز الأنشطة الثقافية والفنية: نظمت الدولة مهرجانات، معارض، وندوات تروج للفن الهادف والثقافة التي تعكس الهوية المصرية.

3. تشجيع القراءة والمعرفة: تم إطلاق مبادرات مثل "حياة كريمة" و"مصر تقرأ"، التي تهدف إلى نشر الوعي بين مختلف الفئات الاجتماعية.

الدين كعامل لتعزيز الوعي الوطني

لعبت المؤسسات الدينية، مثل الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، دورًا رئيسيًا في ترسيخ مفاهيم الاعتدال والتسامح الديني، حيث:

أكدت خطب الجمعة والعظات الكنسية على أهمية الوحدة الوطنية، ونبذ التطرف، وحماية الوطن.

تم إطلاق برامج توعية لمواجهة الفكر المتطرف، ودعم الوسطية الدينية.

شاركت القيادات الدينية في مبادرات مجتمعية لتعزيز التكاتف الوطني.

الإصلاحات الاقتصادية وتأثيرها على الوعي

بعد 30 يونيو، بدأت مصر تنفيذ إصلاحات اقتصادية كبرى، شملت رفع الدعم التدريجي، تنفيذ مشروعات بنية تحتية، وإنشاء مدن جديدة. وعلى الرغم من صعوبة هذه الإجراءات، فقد ساهمت في رفع مستوى الوعي الاقتصادي لدى المواطنين، حيث أدركوا أهمية الاعتماد على الذات والعمل الجاد لتحقيق التنمية.

كما نجحت المشروعات القومية، مثل قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية، في تعزيز ثقة المصريين بقدرة دولتهم على التطور وتحقيق الإنجازات.

التحديات التي تواجه الوعي الوطني

على الرغم من الجهود المبذولة، لا تزال هناك تحديات تواجه الوعي الوطني، منها:

1. حروب الجيل الرابع: التي تعتمد على نشر الشائعات وتزييف الوعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

2. التأثيرات الخارجية: التي تحاول التأثير على الهوية الوطنية من خلال الإعلام والمحتوى الرقمي.

3. التفاوت الثقافي والتعليمي: حيث يحتاج الوعي إلى تعزيز مستمر في المناطق الريفية والنائية.

آفاق المستقبل

لضمان استمرار تطور الوعي الوطني، يجب:

تعزيز دور الإعلام التوعوي لمواجهة الأخبار الزائفة وتوضيح الحقائق.

تطوير المناهج التعليمية بشكل مستمر لتشمل التربية الوطنية والتفكير النقدي.

إطلاق مبادرات شبابية تشجع على العمل التطوعي والانخراط في القضايا المجتمعية.

دعم الصناعات الإبداعية مثل السينما والمسرح لنشر ثقافة الوعي بأساليب جذابة.

وفي الختام 

ندرك أنه منذ ثورة 30 يونيو 2013، قطع الشعب المصري شوطًا كبيرًا في صناعة وعي وطني متماسك، قائم على إدراك المخاطر، دعم الاستقرار، والمشاركة في بناء الدولة. ومع استمرار الجهود في مختلف المجالات، يصبح الوعي المصري أكثر قوة ونضجًا، مما يمهد الطريق لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.


google-playkhamsatmostaqltradent