recent
أخبار ساخنة

نصر العاشر من رمضان.. دروس الماضي لمعارك الحاضر

نصر العاشر من رمضان.. دروس الماضي لمعارك الحاضر


نصر العاشر من رمضان.. دروس الماضي لمعارك الحاضر


بقلم: حسن سليم

لم يكن العاشر من رمضان مجرد ذكرى محفورة في سجل البطولات العسكرية، بل كان شهادة ميلاد جديدة للأمة، ورسالة واضحة بأن إرادة الشعوب أقوى من أي قوة غاشمة.. في مثل هذا اليوم، تجلت وحدة الهدف وصلابة العزيمة، فكان العبور الذي قلب موازين القوى وفرض واقعًا جديدًا على العالم.


في السادس من أكتوبر عام 1973، خطت مصر بجيشها الباسل وشعبها الصامد أعظم صفحات تاريخها الحديث.. لم يكن العبور مجرد اجتياز مادي لقناة السويس، بل كان تحطيمًا لجدار الخوف واليأس، وكان إعلانًا أن الحق لا يُنتزع إلا بالقوة والعزيمة.


وسط الصحراء القاحلة، وتحت قصف الطائرات والدبابات، صنع الجنود المصريون ملحمة تاريخية، استطاعوا فيها إسقاط أسطورة العدو الذي لا يُقهر، واستعادة الأرض والكرامة. كان التخطيط الدقيق والتنسيق المحكم بين كافة مؤسسات الدولة هو مفتاح النجاح، فتوحدت القيادة مع الشعب، وتعانقت البنادق مع الإرادة، فكانت النتيجة نصرًا أبهر العالم.


واليوم، تواجه مصر تحديات لا تقل خطورة عن تلك التي واجهتها في الماضي.. تتعدد الجبهات وتتشابك التحديات، لكن الدرس المستفاد من العاشر من رمضان يبقى صالحًا لكل زمان وهو أن الإرادة القوية تصنع المعجزات.


وكما كان العبور الأول معركة لاستعادة الأرض، فإن العبور الجديد هو صمود في وجه أي تهديدات تمس استقرار الوطن.. لا تزال هناك محاولات لإرباك الصفوف، وفرض وقائع جديدة، لكن مصر التي قاتلت وانتزعت نصرها بالأمس، لن تسمح اليوم بأي تهديد يطال أمنها وحدودها.


ما يجري على مختلف الجبهات يتطلب يقظة دائمة، فهناك من يراهن على تفتيت الإرادة، وهناك من يسعى لإعادة رسم خرائط المنطقة على حساب الحقوق التاريخية، لكن كما أفشلت مصر محاولات فرض الأمر الواقع في الماضي، فإنها اليوم أكثر وعيًا واستعدادًا للحفاظ على مكتسباتها الوطنية.


إن بناء دولة قوية لا يقتصر على الانتصار في الحروب، بل يمتد إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وإطلاق المشروعات الكبرى، وتعزيز القدرة الإنتاجية.. فعبور اليوم لا يتمثل في اجتياز مانع مائي، بل في تجاوز تحديات التنمية والاستقلال الاقتصادي.


وكما كانت الحرب النفسية أحد أسلحة العدو في الماضي، فإن التضليل ومحاولات التشكيك في الإنجازات الوطنية هي سلاح الحروب الحديثة.. العبور الجديد يقتضي وعيًا مجتمعيًا قادرًا على التمييز بين الحقيقة والزيف، مدركًا أن قوة الوطن تبدأ من وحدة شعبه والتفافه حول قضاياه العادلة.


لم يكن نصر العاشر من رمضان مجرد لحظة مجد في كتاب التاريخ، بل هو منهج حياة ودليل على أن الشعوب التي تؤمن بقضيتها تستطيع تحقيق المستحيل. وكما توحدت قوى الشعب المصري بالأمس لعبور القناة، فإن اللحظة الراهنة تتطلب نفس الروح لعبور التحديات الراهنة والمستقبلية.


ستبقى مصر، كما كانت دائمًا، صامدة في وجه العواصف، قادرة على تحويل الأزمات إلى انتصارات. وكما سطرت قواتنا المسلحة ملاحم البطولة في ميادين القتال، فإن شعبها قادر اليوم على صناعة نصر جديد، في معركة البناء والتقدم، ليظل العاشر من رمضان شاهدًا على قدرة هذه الأمة على تجاوز المحن، وتحقيق العبور تلو العبور، نحو مستقبل لا يعرف إلا النصر.


google-playkhamsatmostaqltradent