recent
أخبار ساخنة

القمة العربية غير العادية في العاصمة الإدارية الجديدة.. موقف موحد لمواجهة التحديات

 

القمة العربية غير العادية في العاصمة الإدارية الجديدة.. موقف موحد لمواجهة التحديات

القمة العربية غير العادية في العاصمة الإدارية الجديدة.. موقف موحد لمواجهة التحديات


كتب - حسن سليم

احتضنت العاصمة الإدارية الجديدة في مصر قمة عربية غير عادية، جاءت في لحظة تاريخية حاسمة، حيث اجتمع القادة العرب لبحث قضية طالما كانت في صلب اهتمامات الأمة العربية: القضية الفلسطينية. جاءت القمة بطلب من دولة فلسطين، في ظل الأوضاع المتدهورة في غزة والضفة الغربية، وحملت رسائل قوية حول الثوابت العربية، وعلى رأسها رفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم.


وجاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة حاسمة، حيث أكد على ضرورة بقاء الفلسطينيين على أرضهم، ورفض أي خطط لتهجيرهم، كما كشف عن خطة مصرية تهدف إلى تحقيق الاستقرار في غزة عبر إعادة الإعمار، وإعادة تأهيل الكوادر الفلسطينية للحفاظ على الأمن في القطاع. كما أعلن السيسي عن مؤتمر دولي تستضيفه مصر الشهر المقبل لبحث إعادة إعمار غزة، وهو ما يعكس التزام مصر التاريخي بدعم القضية الفلسطينية ليس فقط سياسيًا، ولكن أيضًا من خلال خطوات عملية ملموسة.


كما شدد الرئيس المصري على أهمية التوصل إلى حل سياسي شامل وعادل يقوم على أساس إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وأكد أن السلام لن يتحقق إلا بوجود دولة فلسطينية ذات سيادة، مشيرًا إلى ضرورة البناء على اتفاقيات السلام السابقة لضمان مستقبل مستدام في المنطقة.



ولم يكن الموقف المصري منفردًا، بل جاء مدعومًا بمواقف قوية من مختلف القادة العرب. فقد أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل وشامل، مشددًا على ضرورة دعم السلطة الفلسطينية ورفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين.


أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فقد أكد على استعداد السلطة الفلسطينية لإجراء انتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة، داعيًا المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، لدعم إعادة إعمار غزة ووقف أي خطط استيطانية جديدة في الضفة الغربية.


وفي السياق ذاته، شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط على أن إعادة إعمار غزة ممكن فقط بوجود أهلها، محذرًا من مغبة القبول بأي حلول غير واقعية لا تستند إلى الشرعية الدولية، مؤكدًا أن مثل هذه الحلول لن تؤدي إلا إلى زعزعة استقرار المنطقة.



ومن لبنان إلى العراق، ومن موريتانيا إلى جيبوتي، عبّر القادة العرب عن رفضهم التام لأي مخططات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين، حيث أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعًا، وأن أي احتلال لجار عربي هو اعتداء على الأمة برمتها. أما الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، فقد حذر من العواقب الوخيمة لأي محاولات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، مطالبًا المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف هذه المخططات.


أما الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، فقد أعلن رفض بلاده القاطع لأي مقترحات تهدد الأمن القومي للدول العربية، مطالبًا بتفعيل المبادرات العربية لإعادة إعمار غزة. في حين شدد رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلي على أن فلسطين ستبقى قضية مركزية، وأن الظلم الواقع عليها يجب أن يتوقف فورًا.



وأكد ولي عهد الكويت الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ضرورة صياغة موقف عربي موحد ضد أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، مطالبًا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. كما شدد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على دعم المملكة لإعادة إعمار غزة، ورفض أي محاولات لفرض حلول غير عادلة على الفلسطينيين.


أما الجزائر، فقد عبر وزير خارجيتها أحمد عطاف عن رفض بلاده التام لأي محاولات لإخراج الفلسطينيين من أرضهم، محذرًا من خطورة المشاريع التي تحاول تغيير التركيبة السكانية في فلسطين، ومؤكدًا على ضرورة الحفاظ على استقلالية القرار الفلسطيني بعيدًا عن أي تدخلات خارجية.


وأسفر الاجتماع عن بيان ختامي تضمن 23 بندًا، شددت جميعها على المواقف العربية الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، حيث تم الاتفاق على:


تكثيف التعاون مع القوى الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة، لاستئناف مفاوضات السلام.


رفض قاطع لأي محاولات تهجير للفلسطينيين، واعتبارها جريمة ضد الإنسانية.


التحذير من العواقب الكارثية لأي محاولات لتغيير الواقع الديموغرافي في فلسطين.


دعم الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة والتعافي المبكر، وتقديم الدعم المالي والسياسي لضمان نجاحها.


الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967.


التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار بشكل دائم، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.


دعم الجهود المصرية والأردنية في مواجهة مخاطر التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.


وتمثل هذه القمة العربية غير العادية لحظة فارقة في التاريخ العربي المعاصر، حيث أعادت تأكيد الموقف العربي الموحد تجاه القضية الفلسطينية، ووضعت خطة واضحة لمواجهة التحديات الراهنة. كما بعثت برسالة قوية إلى المجتمع الدولي مفادها أن أي محاولات لفرض حلول غير عادلة أو تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني لن تؤدي إلا إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.


إن تماسك الموقف العربي في هذه القمة يبعث الأمل في إمكانية تحقيق رؤية عربية موحدة لدعم فلسطين، في وقت تزداد فيه التحديات وتتطلب مواقف حاسمة وشجاعة. وإذا ما تم تنفيذ القرارات التي اتُخذت خلال هذه القمة، فإنها قد تكون خطوة حاسمة نحو إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وفتح أفق جديد للسلام العادل في المنطقة.


google-playkhamsatmostaqltradent