رصاص الاحتلال يخترق حرمة الدبلوماسية: هجوم مباشر على وفد أجنبي في مدخل مخيم جنين
أطلق جنود الاحتلال صباح اليوم الأربعاء وابلاً من الرصاص الحي على وفد دبلوماسي رفيع خلال تواجده عند مدخل مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، أثناء جولة ميدانية للاطلاع على الأوضاع الإنسانية المتدهورة في المنطقة.
مصادر إعلامية فلسطينية أكدت أن إطلاق النار جاء بشكل مباشر ومكثف، واستهدف أعضاء الوفد ومجموعة من الصحفيين أثناء وقوفهم قرب البوابة الحديدية الشرقية التي نصبها الاحتلال على مدخل المخيم، وهو ما اعتُبر رسالة واضحة من جيش الاحتلال مفادها أن لا حصانة لأحد، حتى لمن يمثلون دولًا ذات سيادة.
الوفد الذي تعرض لهذا الاعتداء ضم سفراء وممثلي دول من مختلف القارات، من بينها مصر، الأردن، المغرب، الصين، روسيا، الاتحاد الأوروبي، تركيا، فرنسا، بريطانيا، كندا، اليابان، البرازيل، رومانيا، تشيلي، والهند، إلى جانب عدد من الدول الأخرى. وقد زار الوفد صباح اليوم مقر محافظة جنين، حيث استقبلهم المحافظ وقدم لهم عرضًا شاملًا حول الوضع الكارثي الذي يعيشه سكان المدينة والمخيم نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر، بما في ذلك دمار البنية التحتية، الخسائر الاقتصادية، والتبعات الإنسانية التي يعيشها نحو 22 ألف نازح اضطروا لترك منازلهم.
وزارة الخارجية الفلسطينية وصفت الحادث بأنه تصعيد بالغ الخطورة واعتداء صريح على القوانين الدولية، معتبرة أن استهداف الوفد الدبلوماسي يمثل انتهاكًا صارخًا لاتفاقية فيينا لعام 1961، والتي تضمن الحماية الكاملة للمبعوثين والوفود الدبلوماسية.
وأكدت الوزارة في بيان شديد اللهجة أن هذا السلوك العدواني يكشف استخفاف الاحتلال بمنظومة القانون الدولي وسيادة دولة فلسطين، ويؤشر إلى تحول مقلق في نمط التعامل الإسرائيلي مع ممثلي الدول المعتمدة. وشددت على تحميل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذا الاعتداء، محذرة من أن "هذا الفعل الجبان لن يمر دون محاسبة".
كما دعت الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي، وخاصة الدول التي ينتمي إليها أعضاء الوفد، إلى اتخاذ مواقف حازمة وإجراءات رادعة بحق سلطات الاحتلال، مشددة على ضرورة وضع حد لهذا التمادي المستمر في ارتكاب الجرائم، التي باتت تشمل حتى الاعتداء على ممثلي الدبلوماسية الدولية.
من جانب آخر، وفي محاولة لتبرير الاعتداء، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر أمني زعمه أن الوفد دخل "منطقة محظور الوصول إليها" داخل المخيم، وهو تصريح يعكس محاولة التملص من المسؤولية القانونية والدبلوماسية عن الاعتداء.
ويأتي هذا الهجوم في سياق عدوان متواصل يشنه الاحتلال الإسرائيلي منذ يناير الماضي على شمال الضفة الغربية، بدأه في جنين ومخيمها، ثم امتد إلى طولكرم ومناطق أخرى، في مشهد يؤكد أن آلة الحرب الإسرائيلية لم تترك زاوية في الأرض الفلسطينية إلا وطالتها، سواء بالمداهمات أو القصف أو التهجير أو حتى إطلاق النار على وفود السلام والدبلوماسية.
أمام هذا المشهد الخطير، يتجدد السؤال: إلى متى يظل المجتمع الدولي متفرجًا على مشهد دموي يتكرر كل يوم في فلسطين، دون موقف صارم يردع آلة البطش الإسرائيلية؟ وهل تصبح حماية السفراء والدبلوماسيين أمرًا خاضعًا لمزاجية الاحتلال، كما هو حال الأطفال والنساء والشيوخ في أرض فلسطين المنكوبة؟
