سائق ميكروباص يتعرض لاعتداء دموي بسبب جنيه زيادة.. والنيابة تفتح تحقيقًا موسعًا
في واقعة مأساوية جديدة تجسد معاناة البسطاء اليومية، تعرض أحمد ناصر، سائق ميكروباص يعمل على خط المرج – ألف مسكن، لاعتداء وحشي كاد أن ينهي حياته، بسبب خلاف على جنيه واحد فقط. الواقعة التي هزت الرأي العام وقعت في وضح النهار بشارع عبدالله رفاعي بمنطقة المرج، وأسفرت عن إصابات خطيرة للسائق، وسط ذهول المارة والركاب، وبحضور طفله الصغير الذي شهد تفاصيل الاعتداء المرعب على والده.
يقول أحمد، السائق الثلاثيني، إن بداية الواقعة تعود إلى ظهيرة يوم 17 أبريل الماضي، عندما اعترض أحد الركاب على زيادة الأجرة بجنيه واحد، وهي الزيادة التي أكد أحمد أنها متعارف عليها بين السائقين والركاب. ورغم محاولته تهدئة الراكب وإبلاغه بأنه يستطيع التخلي عن المبلغ إذا لم يكن يملكه، إلا أن الموقف تصاعد بشكل مفاجئ.
الراكب غادر الميكروباص بعد مشادة كلامية حادة، ثم عاد لاحقًا برفقة آخرين، ليبدأ الهجوم. سائق الميكروباص أكد أنه فوجئ بالرجل نفسه في موقع التحميل بعد عدة ساعات، يتوعده وينتظر الفرصة للانتقام. يقول أحمد: "رجعت أحمل من نفس المكان، لقيته واقف مستنيني، وقال لي: فاكرني؟ أنا اللي كنت معاك في المشكلة".
وبينما كان أحمد منشغلًا بتحميل الركاب، اقترب منه الراكب وبرفقته شخص آخر يحمل "سنجة"، لتبدأ لحظات من الرعب والدم. صديق السائق الذي حاول التدخل تلقى الضربة الأولى، ثم انهالت الطعنات على أحمد، الذي حاول التصدي لها بذراعيه، لحماية وجهه وطفله الصغير الذي كان يجلس إلى جانبه.
الطفل، ذو الأعوام الثمانية، كان في طريقه من المدرسة، وقرر الجلوس مع والده لبعض الوقت، دون أن يدري أنه سيشهد لحظة تهز كيانه للأبد. يقول أحمد: "ابني كان بين رجلي، بيرتعش، وبيشوف كل حاجة، لما ضربوني، زقيته بعيد وقلت يمكن يهرب".
أصيب أحمد بجروح قطعية في ذراعيه وساقه، وفقد الوعي لبعض الوقت. خضع لاحقًا لعدة عمليات جراحية، ويعاني اليوم من شلل في كفه الأيسر، بينما ذراعه اليمنى محملة بالشرائح والمسامير المعدنية. "مبقتش أقدر أمسك رغيف عيش، ولا أركب ميكروباص، ولا حتى ألبّس عيالي"، قالها بصوت يملؤه الأسى، مضيفًا: "دلوقتي عاجز، قاعد في البيت، مستني أهل الخير، أو القضاء ياخد لي حقي".
ورغم حالته الصحية المتدهورة، أصر أحمد على التوجه بنفسه إلى النيابة العامة بعد أن استعاد قدرًا من القدرة على الحركة. قدم مقاطع فيديو توثق لحظة الاعتداء، التقطتها كاميرات المراقبة القريبة، وطالب بتطبيق القانون ومحاسبة المعتدين. "أنا مش طالع أشتكي عشان تعويض، أنا عايز اللي عمل كده يتحاسب، عايز القانون ياخد مجراه".
أكثر ما يؤلم أحمد ليس الجراح ولا الشلل، بل سؤال ابنه الذي لا يفارق ذهنه: "بابا إحنا هنموت؟"، تلك اللحظة كما يقول، "محفورة في قلبي، ومش قادر أنساها".
النيابة العامة من جهتها باشرت تحقيقًا موسعًا في الواقعة، وكلفت أجهزة المباحث بإجراء التحريات اللازمة، وتفريغ كاميرات المراقبة لتحديد هوية الجناة وضبطهم، فيما لا يزال أحمد ينتظر الإنصاف، ويتشبث بأمل أن يعود يومًا قادرًا على إعالة أسرته واستعادة كرامته المسلوبة في لحظة عنف عبثية.