متحف التحرير يحتفظ بمكانته رغم اقتراب افتتاح "الكبير".. وكنوز الفراعنة في رحلة إلى روما
في أجواء احتفالية تتناغم مع عراقة التاريخ المصري، نظمت وزارة السياحة والآثار مؤتمرًا صحفيًا داخل أروقة المتحف المصري بالتحرير، للإعلان عن انطلاق معرض "كنوز الفراعنة"، والذي من المقرر أن تستضيفه العاصمة الإيطالية روما بدءًا من أكتوبر المقبل وحتى مايو من العام التالي، في قاعات سكوديري ديل كويريناله، إحدى أعرق وجهات العرض الثقافي في إيطاليا.
المعرض، الذي يُعد تجسيدًا للعلاقات المصرية الإيطالية المتجذرة، سيضم نحو 130 قطعة أثرية مختارة بعناية من مقتنيات المتحف المصري بالتحرير ومتحف الأقصر، بالإضافة إلى قطع تم الكشف عنها مؤخرًا، ليأخذ الزائرين في رحلة ممتدة عبر الزمن، تحكي قصة الحضارة المصرية القديمة من بداياتها وحتى عصورها المتأخرة.
وفي كلمته خلال المؤتمر، أكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن هذا التعاون يمثل نموذجًا رائعًا للدبلوماسية الثقافية ويعكس عمق الروابط بين مصر وإيطاليا، مشيرًا إلى أن هذه المعارض المؤقتة تمثل جسورًا ثقافية حقيقية، تُمكّن الشعوب من التفاعل مع التراث المصري، وتُسلّط الضوء على إنجازات الأجداد في مجالات شتى كالهندسة والفنون والعلوم، مؤكدًا أن تلك المعارض تلعب دورًا محوريًا في الترويج للسياحة الثقافية.
وأضاف خالد أن المتحف المصري بالتحرير لا يزال يحتل مكانة مركزية في خارطة المتاحف المصرية، وسيظل رمزًا وأيقونة حتى بعد افتتاح المتحف المصري الكبير في يوليو المقبل، لافتًا إلى أن الوزارة تسعى لإبراز دوره المستقبلي من خلال إضافة المكتشفات الحديثة إلى قاعات عرضه، في خطوة تعكس مواصلة المتحف لرسالته كمصدر دائم للمعرفة والاكتشاف.
وأوضح أن العام المالي الحالي شهد زيادة ملحوظة في أعداد زوار السياحة الثقافية بنسبة 25% مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يعكس ثمار الجهود المبذولة من قبل المجلس الأعلى للآثار في مجالات الحفائر والترميم وفتح المواقع الأثرية أمام الزائرين، وتنظيم المعارض الدولية.
من جانبه، اعتبر السفير الإيطالي بالقاهرة، ميكيلي كاروني، أن هذا المعرض يُعد تجسيدًا حقيقيًا لقوة الثقافة كأداة إنسانية تتجاوز حدود السياسة والجغرافيا، مؤكداً أن مثل هذه المبادرات تعزز التفاهم بين الشعوب وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون، واصفًا المعرض بأنه نافذة مشتركة على الماضي والحاضر والمستقبل.
أما مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف، فأوضح أن هذا المعرض جاء تتويجًا لعام كامل من العمل المشترك مع شركاء إيطاليين بارزين، أبرزهم شركة ALES ومؤسسة Mondo Mostre، مشيرًا إلى أن الموقع المختار للمعرض، والذي يقع بجوار قصر كويرينالي الرسمي، يحمل رمزية سياسية وثقافية كبيرة تؤكد مكانة الحضارة المصرية لدى الشعب الإيطالي.
بدوره، أعرب الدكتور فابيو تاليافيري، رئيس مجلس إدارة شركة ALES، عن اعتزازه بالدور الذي تلعبه شركته في إبراز هذا الحدث الثقافي الضخم، مؤكدًا أن "كنوز الفراعنة" يُمثّل إحدى أهم المحطات في مسار التعاون الثقافي بين البلدين، وهو دليل على التزام إيطاليا بتقديم معارض تعكس الإرث الإنساني المشترك.
وفي السياق نفسه، وصف الدكتور ماتيو لافرانكوني، مدير قاعات سكوديري ديل كويريناله، المعرض بأنه حدث استثنائي يُجسد عمق العلاقة الثقافية بين مصر وروما، مشيرًا إلى مشاركة المتحف المصري في تورينو بقطعة نادرة وهي "مائدة إيزيس"، التي تمثل رمزًا للحوار المستمر بين الحضارتين على مر العصور.
بهذا المعرض، تثبت مصر مجددًا أنها لا تقدم للعالم مجرد قطع أثرية، بل تقدم سردًا حيًا لواحدة من أعظم الحضارات في التاريخ الإنساني، عبر شراكات ثقافية ترتقي بالعلاقات الدولية وتفتح أبوابًا جديدة للفهم المشترك بين الأمم.