عندما تجرّ الشهرة أبناء الفنانين إلى متاهات الخطر: ابن محمد رمضان نموذجًا
كتبت: أسماء الأباصيري
في زمن أصبحت فيه حياة المشاهير كتابًا مفتوحًا، تتسرب تفاصيل يومياتهم إلى الرأي العام بلمسة شاشة وهزة هاتف. لم تعد الأضواء تلاحق النجم وحده، بل امتدت إلى أبنائه الذين يجدون أنفسهم أبطالًا في مشاهد لم يختاروها، وشخصيات رئيسية في قصص تكتبها الكاميرات قبل أن ينطق بها اللسان.
الحادثة التي أثارت زوبعة من الجدل تعود إلى نجل الفنان محمد رمضان، الذي قررت محكمة جنح الطفل بمدينة السادس من أكتوبر إيداعه إحدى دور الرعاية الاجتماعية، على خلفية اعتدائه على زميل له داخل نادي "نيو جيزة". القرار جاء بلا تحديد لمدة الإيداع، لكنه فتح بابًا واسعًا من التساؤلات عن مصير أبناء النجوم حين تترنح البوصلة الأخلاقية وسط صخب الشهرة.
غياب محمد رمضان عن الجلسة، وغياب نجله كذلك، قابله حضور قوي لوالدة الطفل المعتدى عليه، التي تابعت القضية بشغف ممزوج بقلق الأم. الدفاع تحدث، والقرار صدر، لكن النقاش الحقيقي بدأ بعد انتهاء الجلسة: هل نحن أمام تصرف فردي طائش أم أمام ظاهرة تستحق الدراسة؟
الأبناء الذين يولدون في بيوتٍ يحيطها وهج الشهرة يعيشون واقعًا مزدوجًا: ترف اجتماعي يفتح لهم الأبواب، وضغوط نفسية تُحاصرهم من كل اتجاه. توقعات الجمهور، مقارنات لا تنتهي بآبائهم، وانعكاسات لسلوكيات يرونها أحيانًا تُحتفى لا تُحاسب.
دراسات اجتماعية وتحليلات نفسية تشير إلى أن أبناء المشاهير معرضون أكثر للانخراط في سلوكيات متمردة أو حتى خطرة. أحد العوامل الرئيسة هو محاولتهم المستمرة لإثبات الذات بعيدًا عن ظل الآباء. وقد يقعون فريسة لهذا السعي إذا غابت الرقابة، أو عندما تُغلب الشهرة على التربية.
في كثير من الأحيان، ينشغل الفنانون بجداول مزدحمة، وأضواء لا تنطفئ، ما يجعل بعض الجوانب التربوية عرضة للإهمال. ومع تكرار ظهور سلوكيات غير منضبطة في بعض الحالات، تبدأ صورة النجم في التأثير على سلوك الابن، ليس كمثل أعلى، بل كمرآة يرى فيها ما يبرر أخطاءه.
الحادثة الأخيرة لا يجب أن تُقرأ كحادثة منعزلة، بل كعلامة تحذير تستوجب الوقوف والتفكر. مسؤولية الفنان لا تتوقف عند حدود الأداء على المسرح أو الشاشة، بل تمتد إلى كونه قدوة في بيته أولًا، وفي المجتمع ثانيًا.
على الأسر التي تنتمي إلى الوسط الفني أن تُعيد النظر في أولوياتها، وتمنح التربية مساحة توازي تلك التي تُمنح للشهرة. كما أن المجتمع عليه أن يُظهر وعيًا أكبر في كيفية تناول قضايا أبناء المشاهير، بعيدًا عن الشماتة أو التهويل، وبعيدًا أيضًا عن التبرير الأعمى.
نجل محمد رمضان، الذي تصدّر عناوين الأخبار، أصبح دون أن يدري رمزًا لحالة مجتمعية تحتاج إلى دراسة أعمق. ليس باعتباره مدانًا فحسب، بل باعتباره ضحية محتملة لتراكمات كثيرة، تتداخل فيها التربية مع الإعلام، والمكانة مع الضغط، والحرية مع غياب الحدود.
هي لحظة فارقة، ربما تحمل في طياتها فرصة: فرصة لتصحيح المسار، لإعادة النظر في الأدوار، ولطرح السؤال الأهم: كيف يمكن حماية أبناء النجوم من ظلال الشهرة، قبل أن تتحول إلى ظلمات؟
الجواب يبدأ من الاعتراف بوجود المشكلة، ومن ثمّ العمل على بناء بيئة صحية تحتضنهم كأبناء لا كنجوم صغار، كأرواح تحتاج التوجيه لا فقط التهليل.
فالشهرة قد تفتح الأبواب، لكن التربية وحدها هي من ترشد الطريق.
