recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

قتل البراءة بيد من يحميها

 

قتل البراءة بيد من يحميها

قتل البراءة بيد من يحميها


بقلم: فتحية حماد 

لم تكن حادثة مقتل طفلي المنوفية على يد أبيهم، جريمة عادية، لكنها جريمة أصابت المجتمع بأكمله، أصابته في مقتل إصابة مباشرة ،  فالجريمة المذكورة تجاوزت الأفعال الإجرامية المعتادة وتستحق اهتماماً خاصاً ودراسة من قبل علماء النفس والاجتماع بسبب طبيعتها وعواقبها.


السبب معلوم فهو نتيجة  لما يحدث داخل ألاف الأسر التي استحالت العيشة بها بين زوجين غير متفاهمين ،فيصبح أطراف الأسرة أمام حل من اثنين كلاهما مر إما أن يتحمل كلا الزوجين سواء الرجل أم المرأة مرارة العيش والظلم والقهر لأجل أن يعيش أطفالهما بين أب وأم كأي أسرة حتى ولو كانت شكليا فقط في هذه الحالة الضحية هم الأزواج وربما يصاب أبناؤهم بالأمراض النفسية نتيجة المشاحنات والمناغصات بين أبويهم ،اما الحل الثاني أن يفر الزوج المتضرر أو الزوجة المغلوبة على أمرها ويتركوا أطفالهم للطرف الثاني ، سمعنا كثيرا عن زوج سافر وترك زوجته وأبناءه يعانون مرارة الحياة وحدهم والأرقام كثيرة والاحصائيات أيضاً لكن ما خفي كان أعظم.


حادثة المنوفية فضحت العوار المجتمعي بأن الزوجة عند انفصالها عن زوجها تترك له الأبناء يتصرف فيهم حيث يشاء كما لو كانت غريبة عنهم وهي الأقرب لهم من أي أحد والغريب في ذلك أن هذا الأمر  قد يكون رأي أهل الزوجة والمجتمع كله  في إجبارها على ترك أبنائها لأبيهم  دون النظر إلى قلبها المنفطر عليهم المهم أن تنجو بنفسها من هذا الوضع المهين لها ولأهلها ، فكيف يتحمل هذا الشخص مسؤولية أطفال وهو لم يستطع خلق جو هادئ لأسرة مستقرة في حين أن زوجته لم تتحمل ؟ كيف يؤتمن شخص تركته زوجته وفرت ونجت بنفسها على صغار مثل هؤلاء ؟ لما لم يتركوا لوالدتهم وهي أحن عليهم من أي شخص في الوجود ولخصائصها العاطفية في تحمل صخب أبنائها ومتطلباتهم بخلاف شخصية الرجل، وتتوفر لهم سبل الرعاية الكاملة .


نحن أمام قضية كبيرة وأفكار ومفاهيم خاطئة لابد من تفعيل ومعالجة القوانين التي تتيح للزوجة المنفصلة وأبنائها الحق في الحياة دون توجيه اللوم لها أو النظر لها نظرة دونية في عدم استطاعتها على تحمل المعيشة مع زوج مضطرب أو عدم استطاعتها على تحمل مسؤولية ابنائها بعد الانفصال.


لم تكن حادثة مقتل طفلي المنوفية الأولى ولا الأخيرة في قتل الطفولة والبراءة  طالما نعيش بمجتمع يتعامل مع الزوجة هذه المعاملة ..رحم الله الأطفال وربط على قلب والدتهما وألهمها الصبر على هذه الفاجعة.

ولا يسعني في النهاية أمام عجزي في وصف مدى حزني سوى القول:

قُل للذي قَتلَ البراءةَ عَامدًا ... شُلتْ يَداكَ وفي الجَحيمِ سَتُحرق.


google-playkhamsatmostaqltradent