دراسة تكشف خمسة عوامل رئيسية تزيد خطر الإصابة بحصوات المرارة والصيام الطويل في الصدارة
أشارت دراسة حديثة نُشرت في مجلة نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسن إلى أن هناك خمسة عوامل رئيسية تسهم في زيادة خطر الإصابة بحصوات المرارة، وهي حالة صحية شائعة قد تتسبب في آلام شديدة ومضاعفات خطيرة إذا لم تُعالج في الوقت المناسب.
الدراسة استعرضت هذه العوامل بالتفصيل، موضحة كيف تؤثر على تكوّن الحصوات داخل المرارة، وهي مرتبطة بشكل وثيق بأنماط الحياة الحديثة والعادات الغذائية والموروثات الجينية.
العامل الأول والأبرز هو السمنة، حيث أظهرت الدراسة أن زيادة الوزن تؤدي إلى ارتفاع إنتاج الكوليسترول في الكبد، ما يرفع بدوره تشبّع العصارة الصفراوية بالكوليسترول ويعزز احتمالية تكوين الحصوات. وأكد الباحثون أن الأشخاص المصابين بالسمنة لديهم قابلية مضاعفة للإصابة مقارنة بأصحاب الوزن الطبيعي.
أما العامل الثاني فيتعلق بالنظام الغذائي، إذ تبين أن الحميات الغنية بالدهون وقليلة الألياف تبطئ من حركة المرارة وتزيد من فرص ترسيب الكوليسترول بداخلها، ما يمهد الطريق أمام تكوّن الحصوات. وأشارت الدراسة إلى أن النساء تحديدًا ممن يعتمدن على وجبات دسمة معرضات أكثر لهذه المشكلة.
ثالث العوامل يرتبط بالتأثيرات الهرمونية، حيث تُعد النساء أكثر عرضة للإصابة بحصوات المرارة، لا سيما خلال فترات الحمل أو عند استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية. إذ تؤثر هرمونات مثل الأستروجين والبروجستيرون على حركة المرارة وتركيب العصارة الصفراوية، ما يؤدي إلى تباطؤ في التفريغ وزيادة في التشبّع بالكوليسترول.
وفيما يخص العامل الرابع، سلطت الدراسة الضوء على البعد الوراثي، حيث يعتبر التاريخ العائلي أحد أبرز مؤشرات الخطورة، إذ أن وجود أقارب من الدرجة الأولى مصابين بحصوات المرارة يضاعف من احتمالات الإصابة. وأظهرت تحليلات جينية أن بعض الأفراد يحملون طفرات وراثية تضعف كفاءة الجسم في التعامل مع الكوليسترول، مما يجعلهم أكثر عرضة لتكوّن الحصوات.
أما العامل الخامس والأكثر إثارة للانتباه، فهو الصيام الطويل أو فقدان الوزن السريع. حيث أكدت الدراسة أن الأنظمة الغذائية القاسية، خاصة تلك التي تؤدي إلى خسارة أكثر من 1.5 كيلوجرام أسبوعيًا، تؤدي إلى اضطراب في إفراز العصارة الصفراوية وزيادة تركيز الكوليسترول، وهو ما يشجع على ترسيب الحصوات. ولفتت الدراسة إلى أن هذا العامل بات شائعًا في ظل تزايد اتجاه الأفراد نحو حميات قاسية بهدف إنقاص الوزن في وقت قياسي.
وأكد الأطباء القائمون على الدراسة أن الوقاية تبدأ بتبني نمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة، والحفاظ على وزن معتدل، وتجنب الصيام المفرط أو فقدان الوزن السريع، إلى جانب الفحوصات الدورية لمن لديهم تاريخ عائلي بالإصابة. كما دعوا إلى توعية النساء بشكل خاص بمخاطر بعض الأدوية الهرمونية ومدى تأثيرها على صحة المرارة.
هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية التوازن في النظام الغذائي والحرص على النشاط البدني، ليس فقط للحفاظ على الرشاقة، وإنما للوقاية من مشكلات صحية خفية قد تتفاقم بصمت، مثل حصوات المرارة التي لا تُكتشف في كثير من الأحيان إلا بعد ظهور أعراض مؤلمة أو حدوث مضاعفات تتطلب تدخلاً جراحيًا.