أسيوط تبتكر في التعليم.. مكتبة منفلوط المتنقلة تصل قرية بني رافع وتطلق "التعليم بالمرح" لأول مرة
كتب - محمد فؤاد الطللي
شهدت قرية بني رافع التابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط صباح اليوم انطلاق فعالية فريدة من نوعها تمثلت في زيارة مكتبة منفلوط التعليمية المتنقلة، ضمن فعاليات مبادرة التعليم بالمرح، التي تُفعل لأول مرة في المحافظة، وتستهدف تقديم خدمات تعليمية وترفيهية مبتكرة للأطفال والنشء في المناطق الريفية والقرى الأكثر احتياجًا.
المبادرة التي جاءت تحت رعاية اللواء الدكتور هشام أبو النصر محافظ أسيوط، وبتوجيهات مباشرة من الدكتور وليد جمال رئيس مركز ومدينة منفلوط، انطلقت بجهد ميداني من عماد عزيز نائب رئيس المركز وصاحب فكرة المبادرة، وبالتعاون مع الإدارة التعليمية برئاسة قدري حسين مدير الإدارة، وبمشاركة فعالة من معلمي المواد الأساسية، الذين حرصوا على مرافقة المكتبة لتقديم تجربة تعليمية متكاملة لأطفال القرية.
وتحركت المكتبة المتنقلة إلى قرية بني رافع مزودة بعدد من الوسائل التعليمية الحديثة، بالإضافة إلى أدوات مدرسية تم توزيعها على الطلاب لدعمهم معنوياً ومادياً مع اقتراب العام الدراسي الجديد. كما شهدت الفعالية تكريم عدد من الطلاب المتفوقين بهدف تشجيع التميز والجهد الدراسي، وذلك في أجواء تفاعلية ممتعة جمعت بين المعرفة والترفيه.
وأكد اللواء الدكتور هشام أبو النصر محافظ أسيوط أن هذه الفعالية تأتي تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، التي تركز على أهمية تنمية وعي الأطفال والشباب وتهيئتهم لمواجهة التحديات وبناء شخصية قادرة على المساهمة في مستقبل الوطن، ضمن استراتيجية الدولة لتحقيق أهداف رؤية مصر 2030 في بناء الإنسان وتنمية المجتمع.
وأضاف المحافظ أن مثل هذه المبادرات تسهم بشكل مباشر في رفع مستوى الوعي لدى النشء بالقضايا الوطنية والاجتماعية، وتعمل على تحفيز الإبداع والتفكير الحر لديهم، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في الخدمات الثقافية والتعليمية. وأكد أن المحافظة تعمل على توسيع نطاق هذا النوع من المبادرات لتشمل أكبر عدد من القرى والمراكز، بالتعاون مع مكتبة مصر العامة، وكافة الجهات المعنية، من أجل تقديم خدمات معرفية تليق بأبناء الصعيد.
من جانبه، أوضح الدكتور وليد جمال رئيس مركز ومدينة منفلوط أن مكتبة منفلوط المتنقلة هي مشروع طموح تم تصميمه لينتقل من مجرد تقديم كتب إلى تقديم تجربة تعليمية وثقافية متكاملة، وذلك من خلال فعاليات تفاعلية تجمع بين التعليم والأنشطة الحركية والفنية، وتستهدف الأطفال والشباب على حد سواء.
وأشار الدكتور جمال إلى أن المبادرة تسعى إلى خلق بيئة تعليمية ممتعة خارج جدران الفصول التقليدية، بهدف جذب الطلاب وتحفيزهم على التعلم، وخاصة في القرى التي لا تتوفر بها مكتبات أو مراكز ثقافية، لافتاً إلى أن قرية بني رافع هي أولى المحطات ضمن خطة موسعة ستشمل عددًا من القرى خلال الأسابيع المقبلة.
وأشاد عماد عزيز نائب رئيس المركز وصاحب فكرة المبادرة، بتفاعل الأطفال الكبير مع محتوى المكتبة والأنشطة المقدمة، مؤكداً أن الهدف الأساسي هو ترسيخ ثقافة التعلم الذاتي، وتقديم التعليم كقيمة ممتعة يمكن أن تُمارَس في أي مكان، وليس فقط داخل أسوار المدرسة.
وشهدت الفعالية مشاركة فاعلة من عدد من معلمي المواد الأساسية الذين تطوعوا لمرافقة المكتبة وتقديم شروح مبسطة للطلاب في موادهم الدراسية، بالإضافة إلى تنظيم مسابقات تعليمية وتوزيع جوائز رمزية، مما أضفى روح الحماسة والمشاركة بين الطلاب، وأسهم في خلق بيئة تعليمية محفزة مليئة بالتفاعل والمرح.
كما حظيت الفعالية بتفاعل مجتمعي واسع من أولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المدني داخل القرية، الذين أعربوا عن تقديرهم لهذه المبادرة، مطالبين بتكرارها وتوسيع نطاقها لتصل إلى كافة قرى مركز منفلوط.
وفي إطار تأكيده على ضرورة التنسيق بين كافة الجهات، شدد محافظ أسيوط على أهمية التعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الأهلي ومؤسسات المجتمع المدني، لدعم المبادرات التنموية التي تستهدف الأطفال والنشء، مشيراً إلى أن التحديات التي تواجه التعليم لا يمكن تجاوزها إلا بروح الشراكة والمسؤولية الجماعية.
وأوضحت مصادر مسؤولة أن خطة مكتبة منفلوط المتنقلة تتضمن زيارات دورية إلى عدد من قرى المركز، مع تقديم أنشطة متنوعة تشمل القراءة الجماعية، والورش الفنية، والعروض الثقافية المبسطة، التي تتناسب مع الفئة العمرية المستهدفة، بما يضمن دمج التعليم بالمرح بطريقة فعالة ومستدامة.
وتعد هذه المبادرة إحدى خطوات المحافظة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفق رؤية مصر 2030، التي تضع بناء الإنسان في صدارة أولوياتها، من خلال التعليم الجيد، والاهتمام بثقافة الطفل، وتوفير بيئة داعمة للإبداع والتفكير.
وينتظر أن تفتح هذه الخطوة آفاقًا جديدة أمام المحافظات الأخرى للاقتداء بهذه التجربة ونقلها إلى مناطق أخرى من الجمهورية، بما يحقق العدالة في الوصول إلى المعرفة، ويحول المكتبة من مكان ثابت إلى فكرة متحركة تلامس احتياجات الناس في أماكن تواجدهم.
واختتمت الفعالية بتوزيع شهادات تقدير على الطلاب المتفوقين، وتقديم فقرات ترفيهية مصغرة، وسط حالة من الفرح بين الأطفال والمعلمين والحضور، لتثبت مكتبة منفلوط المتنقلة من أولى خطواتها أنها ليست مجرد عربة تعليمية، بل مشروع طموح لغرس المعرفة في تربة الأمل.
ومع هذا الانطلاق الناجح، تواصل المبادرة طريقها نحو قرى أخرى، حاملة معها فكرة بسيطة وقوية وهى أن التعليم حين يمتزج بالمرح، يتحول من التزام ثقيل إلى متعة يومية تصنع الفارق.