علي محمد الشرفاء: الزكاة في التشريع الإلهي ترسّخ قيم العدالة وتضمن استقرار المجتمع
كتب المفكر العربي علي محمد الشرفاء مقالًا فكريًا تناول فيه مفهوم الزكاة كما ورد في التشريع الإلهي، مؤكدًا أن الزكاة لم تأتِ في القرآن كعبادة مالية فحسب، بل كمنظومة أخلاقية واجتماعية تُرسي قواعد التكافل، وتُقارب المسافات بين الفقراء والأغنياء، وتمنع تفشي مشاعر الحقد والحسد والجريمة في المجتمع.
وأشار الشرفاء إلى أن نصاب الزكاة في القرآن الكريم قد ورد بتحديد إلهي دقيق، بينما ما أقرّه الفقهاء السابقون من نسب كالربع والعشر لا تستند إلى سند شرعي من الكتاب، بل هي اجتهادات تفتقر للدليل، رغم أن النص القرآني واضح في دلالته على الهدف من الزكاة، وهو إشباع حاجات الفقراء وتحقيق الأمن المجتمعي.
وأكد أن نسبة العشرين في المائة من صافي المكاسب تمثل القرض الذي يطلبه الله من الأغنياء، وهي ليست عبئًا، بل استثمار رباني مضمون الربح، حيث وعد الله بمضاعفة هذا القرض أضعافًا كثيرة، ما يجعل الامتناع عن أداء الزكاة جحودًا واضحًا لنعم الله.
وتساءل الشرفاء باستنكار: كيف يستكثر الإنسان على الله ما طلبه منه من رزقٍ أنعمه به؟ أليس كل ما في يد الإنسان ملك لله؟ منحه الحياة والرزق، ثم حين يُطلب منه أن يُطهّر ماله ويزكيه، يتردد ويتباطأ؟!
وشدد على أن أداء الزكاة يطهّر النفس من عبودية المال، ويحرر الإنسان من أن يكون عبدًا لما يملكه، فحين يدفع الغني من ماله حق الله، يتحرر داخليًا، ويسهم خارجيًا في استقرار مجتمعه، ويمنع اتساع الفجوة بين الطبقات، مما ينعكس أمنًا وسلامًا واستقرارًا.
وأكد أن الكثير من الأغنياء الذين بخلوا بمالهم لم يدركوا أن الزكاة كانت حصنًا لثرواتهم، فكم من مال ضاع، وثروات اندثرت، وأصحابها لم يتمتعوا بها، ولو أدّوا حق الله، لنمَت أموالهم بالبركة والرضا، ولحُفظت لهم في حياتهم وبعد مماتهم.
ودعا الشرفاء إلى وقفة تأمل وإعادة فهم حقيقية لرسالة الزكاة، معتبرًا أن المجتمعات التي تطبق الزكاة كما أمر الله ستنعم بعدل يشبه عدل الجنة، لأن الناس فيها يتسابقون إلى الخيرات، ولا يتكاسلون عن أداء الحق الذي فرضه الله.
وختم بدعوة مباشرة لكل من يملك بصيرة، أن يعود إلى كتاب الله، ويتدبر قوله تعالى: *قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير*، داعيًا الناس إلى الاعتبار، والإفاقة من غفلة المال والطمع، لأن الله وحده هو مالك الملك، وهو الذي بيده الخير كله.
