recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

محمد الشرفاء الحمادي يكتب: التكافل الاجتماعي فريضة شرعية تنظم المجتمع وتحفظ توازنه

 

محمد الشرفاء الحمادي يكتب: التكافل الاجتماعي فريضة شرعية تنظم المجتمع وتحفظ توازنه


محمد الشرفاء الحمادي يكتب: التكافل الاجتماعي فريضة شرعية تنظم المجتمع وتحفظ توازنه




يتعامل الإسلام مع المال كأداة للقيام بالواجبات الاجتماعية، وليس مجرد وسيلة للثراء الفردي. ومن هذا المنطلق، جاء مبدأ التكافل الاجتماعي في التشريع الإلهي كأحد الأركان الأساسية لتنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع، وتحديد مسؤوليات كل طرف تجاه الآخر.


في مطلع سورة البقرة، يربط الله تعالى بين الإيمان والعمل، حيث يصف المؤمنين الحقيقيين بأنهم يقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله. وهذا الربط لا يأتي من فراغ، بل يؤكد أن الإنفاق جزء لا يتجزأ من العقيدة، وأن المال ليس ملكية مطلقة لصاحبه، بل أمانة يُحاسب عليها.


كما جاء في القرآن أن للفقراء والمحرومين حقًا معلومًا في أموال الأغنياء، وليس مجرد صدقات وقتية أو تطوعية. يقول تعالى:

{وفي أموالهم حق للسائل والمحروم}، وهذا التعبير الواضح يضع الإنفاق ضمن دائرة الواجب، لا التفضّل الشخصي.


الهدف من هذا التشريع ليس فقط مساعدة الفقراء، بل حماية المجتمع من التفكك. فالاحتياج إذا لم يُقابل بالتكافل، يتحول إلى أزمة، ويؤدي إلى خلل في الاستقرار الاجتماعي. ولذلك قال الله تعالى:

{وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، في إشارة إلى أن تعطيل الإنفاق يؤدي إلى نتائج سلبية جماعية.


وتشير آية أخرى إلى معيار جودة الإنفاق، وهي:

{لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، وهو توجيه مباشر إلى أن الالتزام الحقيقي لا يكون بما هو زائد عن الحاجة فقط، بل بما يكون ذا قيمة عند صاحبه، وبنفس راضية.


ولضبط هذا الجانب، يمكن التفكير في تخصيص نسبة محددة من الأرباح، كأن تكون 20%، توجه مباشرة لأوجه الإنفاق الواجبة مثل دعم المحتاجين، والمشروعات المجتمعية، ودعم التعليم والرعاية الصحية. هذه النسبة ليست بديلاً عن الزكاة، ولكنها توجه ضمن إطار أوسع من المسؤولية.


الإنفاق في الإسلام لا يعتمد على النوايا فقط، بل يخضع لضوابط السلوك. وقد شدد القرآن على ضرورة تجنب المنّ والأذى عند تقديم الصدقة، لأن ذلك يبطل الأثر المرجو منها. قال تعالى:

{يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى}، وهو توجيه واضح يضع احترام المستحقين كجزء من واجب العطاء.


تكريس مفهوم التكافل لا يهدف فقط إلى معالجة الفقر، بل إلى بناء توازن مجتمعي مستقر، لا يشعر فيه الإنسان بالغبن أو الإقصاء. فالتكافل وفقًا للتشريع الإسلامي ليس خيارًا مرتبطًا بالمزاج، بل جزء من منظومة تشريعية متكاملة، تستهدف الصالح العام، وتمنح الجميع فرصة العيش بكرامة.



google-playkhamsatmostaqltradent