recent
أخبار ساخنة

تنظيم الوقت وتعدد الهوايات



تنظيم الوقت وتعدد الهوايات


بقلم د. محمد المنزلاوي


"التنظيم جاء من تعدد الهوايات"

  نجيب محفوظ – أديب نوبل


إذا أردت أن تكون منظمًا، مرتبًا، دقيقًا، محافظًا على كل دقيقة وكل ثانية، فلتكن لك هوايات، ولتشغل وقتك بها. إن الهواية، ليست مضيعة للوقت ـ كما يتبادر إلى الذهن ـ بقدر ما هي حفاظ على الوقت وتنظيم له. بل إن تعدد الهوايات والأنشطة التي تمارسها كل يوم كفيل بأن يأخذ بيدك إلى التنظيم.

أما أولئك الذين لا هواية لديهم، ولا نشاط يمارسونه، وليس لديهم هدف يسعون في إنجازه، أو يشرعون في تحقيقه، هؤلاء لا يقدِّرون قيمة الوقت، فتراهم يهدرونه بغير حساب، وسرعان ما يتم استقطابهم من قِبَل غيرهم ممن يعيشون لأهدافهم، فيكلون إليهم القيام ببعض المهام ريثما ينجزون أهدافهم أو يمارسون هواياتهم.

لا تمانع أن يكون لدى ابنك أو ابنتك هواية من الهوايات النافعة والمفيدة، بل وشجعه عليها؛ فإنها تساعده في تنظيم وقت مذاكرته، وضبط وقته واستغراقه لكل ثانية فيه، بل وتجنيبه الملل، المهم ألا تستغرق الهواية كل وقته، والمهم كذلك ألا يكتفي بهواية واحدة، أو بمهارة واحدة يتعلمها أو يقوم بممارستها؛ كي لا يصيبه الملل، ويستولي عليه السأم.

 ولكي ينجح الإنسان في ضبط وقته واستغراقه لكل ممارساته اليومية، لا بد من عمل جدول زمني لكل نشاط ولكل هواية؛ كي لا يجور نشاط على آخر، أو ينفق يومه كله في عمل واحد وفقط. كما ينبغي له أن يكون حَذقًا، وهو يقوم بتخطيط جدوله اليومي، فيقحم الترفيه بين الأعمال الجادة؛ ترويحًا عن النفس، وتفريجًا للقلب، ويتخير لكل نشاط أو مهمة الوقت الملائم لها، فالمذاكرة تحتاج إلى صفاء الذهن، فلتكن أول ما يبدأ به مذاكرة دروسه. حتى إذا أصابه الملل روّح عن نفسك، أو مارس لعبة أو هواية، ثم يستأنف نشاطه مع عمل جاد.

إن إنجازك رهن بأن تكون لك هواية، أو موهبة تنميها؛ لأنك بذلك تنمي الجانب الإبداعي لديك، وهذا يتآزر ويتكامل مع الجانب الآخر من المخ، والذي يعني بالمنطق. فالإبداع، هو تلك الروح الندية التي تعينك على مواصلة البحث والعمل والدرس والاجتهاد. لا يكن يومك كله لهوًا، ولا كله جِدًّا، وإنما تراوح بين هذا وذاك. فإن النفوس تسأم، فلتكن ساعة وساعة.

 افسحوا لأبنائكم المجال لممارسة الرياضة والرسم والقراءة الحرة والإبداع بكل ألوانه وصوره الملائمة لهم جنسًا وسنًّا وبيئة وثقافة. فذلك كفيل بأن يحقق التوازن والاتزان والاستقرار النفسي لهم.

 إن النجاح ليس بكثرة عدد الساعات، والتفوق لا يأتي بالمذاكرة وحدها. جميع مَن حققوا الدرجات العالية والمراكز المتقدمة، كانت لهم هواياتهم، وكانوا يمارسون الأنشطة الرياضية بل والترفيهية، من أجل كسر الرتابة والملل، ولشحذ هممهم مرة أخرى. بل إن البعض منهم كان يمارس عملًا مهنيًّا؛ ليكفل نفسه، ويعول أسرته، والأمثلة كثيرة، والكثير منهم بلغوا بسعيهم كثيرًا مما طمحوا إليه.

 في مقابل ذلك نجد أن كثيرًا من المحبطين والفاشلين هم من المغيبين، وممن لا يقدرون قيمة الوقت، ولا يملكون هدفًا يعيشون له، ولا يمارسون هواية، ولا يخططون لأنشطتهم اليومية، فيضيع وقتهم هدرًا، ويذهب عمرهم سدى.

 والآن، خبرني، ما هي هوايتك؟ وما هو النشاط الذي تستعين به على حسن إدارة يومك وتنظيم وقتك؟ لتكن لك جلسة مع القرآن تلاوة وحفظًا ومدارسة، ومع الرياضة ممارسة لا مشاهدة، ومع المعارف العامة مطالعة، ومع قلمك أو ريشتك إبداعًا وفنًّا، بجانب ما تقوم به من أعمال جادة، وأنشطة يومية، وممارسات حياتية.

google-playkhamsatmostaqltradent