recent
أخبار ساخنة

سيوة.. واحة البساطة وحنين الماضي وصراع الحداثة

 

سيوة.. واحة البساطة وحنين الماضي وصراع الحداثة

سيوة.. واحة البساطة وحنين الماضي وصراع الحداثة


كتب - محمد الطويل

من قلب الصحراء الغربية، وعلى مقربة من الحدود الليبية، تقف واحة سيوة كتحفة طبيعية وبشرية تحمل بين طياتها عبق الماضي وملامح الحاضر. يعيش في هذه الواحة نحو مائة ألف نسمة، يحافظون على موروثهم الثقافي والاجتماعي الفريد الذي يميزهم عن غيرهم من المجتمعات المصرية. ويبدو هذا التميز واضحًا في تفاصيل حياتهم اليومية، من عاداتهم وتقاليدهم إلى أنشطتهم الاقتصادية والاجتماعية.


الاقتصاد المحلي في سيوة ما زال محافظًا على بساطته، حيث يتركز النشاط التجاري في منتجات طبيعية أصيلة مثل زيت الزيتون الذي تشتهر به الواحة، والتمر السيوي الذي يعد من أجود الأصناف عالميًا، إلى جانب المياه المعدنية التي تنتجها شركات مثل "صافي"، فضلًا عن النباتات الطبية التي تلقى رواجًا بين السكان والزائرين على حد سواء.


ورغم هذه البساطة الاقتصادية، فإن سيوة برزت بقوة في مجال السياحة العلاجية، حتى أصبحت وجهة يقصدها المصريون والأجانب للعلاج والراحة النفسية والجسدية. وتتنوع وسائل العلاج التقليدية في الواحة بين الحجامة والتدليك بزيت الزيتون المغلي، وصولًا إلى "المردم"، وهو أحد أشهر طرق العلاج في سيوة. تقوم هذه الطريقة على دفن المريض في الرمال الساخنة تحت أشعة شمس الظهيرة لمدة ثلاث ساعات يوميًا، لثلاثة أيام متتالية، باستثناء الرأس. وبعد انتهاء الجلسة، ينتقل المريض إلى خيمة مجاورة للراحة وشرب "اللاجبى"، وهو عصارة قلب النخيل التي تشبه العسل الأسود ويُقدم معها مشروب الحلبة البلدي.


بحسب شهادات الكثير من المتخصصين في علاج أمراض العظام والجلدية، فإن لرمال سيوة البيضاء سرًا طبيًا ما زال العلم يحاول تفسيره، إذ أثبتت التجارب العملية أثرها الواضح في التخفيف من آلام الروماتيزم والتهابات المفاصل والأمراض الجلدية. ويؤكد معالجون محليون مثل عمر طقة وأخيه سليمان أن هذه الممارسات موروثة عن الأجداد، وأنها ليست مجرد طقوس بل خبرة متراكمة تعززها التجربة المباشرة للمرضى.


هذه السمعة جعلت من سيوة مقصدًا سياحيًا وعلاجيًا في آن واحد، حيث يتوافد إليها المصريون من مختلف المحافظات طلبًا للشفاء، إلى جانب الزوار الأجانب الذين يأتون خصيصًا من دول مثل إيرلندا وكوريا لاختبار هذا النوع الفريد من العلاج الطبيعي. ومع ذلك، تظل سيوة في حالة صراع دائم بين بساطتها التاريخية وخصوصيتها الثقافية من جهة، وبين ثقافة الوافدين والسياحة التجارية الحديثة من جهة أخرى، وهو صراع يبدو أنه لن ينقضي قريبًا.


فالواحة التي تجمع بين قلعة شالي الأثرية العتيقة وكهف الملح العلاجي وأسواقها السياحية النابضة بالحياة، ما زالت تبحث عن معادلة تحفظ تراثها الفريد وتستفيد من انفتاحها على العالم دون أن تفقد هويتها الأصيلة. هكذا تظل سيوة نموذجًا للبساطة الممتزجة بالحنين إلى الماضي، وفي الوقت نفسه مرآة للتحديات التي يفرضها الحاضر على المجتمعات المحلية ذات الطابع الخاص.





سيوة.. واحة البساطة وحنين الماضي وصراع الحداثة

سيوة.. واحة البساطة وحنين الماضي وصراع الحداثة

سيوة.. واحة البساطة وحنين الماضي وصراع الحداثة

سيوة.. واحة البساطة وحنين الماضي وصراع الحداثة

سيوة.. واحة البساطة وحنين الماضي وصراع الحداثة

سيوة.. واحة البساطة وحنين الماضي وصراع الحداثة

سيوة.. واحة البساطة وحنين الماضي وصراع الحداثة

سيوة.. واحة البساطة وحنين الماضي وصراع الحداثة

سيوة.. واحة البساطة وحنين الماضي وصراع الحداثة


google-playkhamsatmostaqltradent