خفض الفيدرالي الأمريكي للفائدة يعيد رسم خريطة الأسواق العالمية ويثبت الدولار في مواجهة الذهب
أكد الدكتور محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي، أن قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس للمرة الثانية هذا العام يمثل تحولًا دقيقًا في مسار السياسة النقدية الأمريكية، إذ يسعى الفيدرالي إلى تحقيق توازن حساس بين تحفيز الاقتصاد والحفاظ على استقرار الأسواق المالية.
وأوضح عبد الوهاب أن رد فعل الأسواق العالمية على القرار جاء محدودًا، نظرًا لتوقع المستثمرين لهذه الخطوة منذ أسابيع، مشيرًا إلى أن التأثير الفوري للخفض بدا ضعيفًا على مؤشرات الأسهم وسوق الذهب وسعر صرف الدولار، فيما كانت الأنظار موجهة نحو تصريحات جيروم باول، رئيس الفيدرالي الأمريكي، التي حملت رسائل واضحة حول تبني نهج أكثر تحفظًا في خفض الفائدة مستقبلًا.
وأضاف أن تأكيد باول على أن أي خفض إضافي في ديسمبر المقبل "ليس مضمونًا" كان له أثر مباشر في استقرار الدولار وتراجع المضاربات على هبوطه، مما ساهم في تهدئة تقلبات الأسواق العالمية، خصوصًا في ظل التوترات الجيوسياسية الراهنة وتفاوت مؤشرات الأداء الاقتصادي في كبرى الاقتصادات.
وأشار عبد الوهاب إلى أن الاقتصاد الأمريكي يعيش حالة توازن دقيقة بين ضغوط تضخمية متصاعدة نتيجة السياسات التجارية والرسوم الجمركية من جهة، وتراجع نسبي في أداء سوق العمل من جهة أخرى، وهو ما يدفع الفيدرالي إلى انتهاج سياسة حذرة لا تميل كثيرًا نحو التشديد أو التيسير المفرط.
وفيما يتعلق بأسعار الذهب، أوضح عبد الوهاب أن المعدن الأصفر شهد موجة تراجع عالمية بعدما تجاوز حاجز 4000 دولار للأونصة في بداية الأسبوع، قبل أن يقلص مكاسبه متأثرًا بارتفاع الدولار وعوائد السندات الأمريكية. لكنه لفت إلى أن الذهب يظل أحد أبرز الملاذات الآمنة على المدى المتوسط والطويل، خاصة مع تزايد احتمالات التباطؤ الاقتصادي في العديد من الدول.
وبيّن أن الأسواق العالمية تمر حاليًا بمرحلة "إعادة تموضع استثماري"، إذ يتجه المستثمرون إلى موازنة محافظهم بين الأسهم التي تعززها نتائج الشركات الأمريكية القوية، وبين الذهب الذي يحتفظ بجاذبيته كأداة للتحوط ضد المخاطر المستقبلية.
واختتم الدكتور محمد عبد الوهاب حديثه بالتوقع بأن العام المقبل 2026 قد يشهد قفزة تاريخية في أسعار الذهب قد تتجاوز 6000 دولار للأونصة، إذا استمرت البنوك المركزية في اتباع سياسات خفض الفائدة وتصاعدت حدة التوترات الجيوسياسية، معتبرًا أن الذهب سيبقى الرهان الأكثر أمانًا في عالم اقتصادي تتزايد فيه التقلبات يوماً بعد يوم.
