حاتم السعداوي يكتب: مجد أكتوبر.. إرادة نصر تتجدد في ميادين البناء والعلم
تظل انتصارات أكتوبر المجيدة علامة مضيئة في تاريخ الوطن، تجسد لحظة فاصلة أعادت للأمة كرامتها، ورسخت في وجدان المصريين معاني التضحية والإرادة والوفاء. لم يكن نصر السادس من أكتوبر عام 1973 مجرد عبور عسكري، بل كان عبورًا نحو مجد الأمة بأسرها، فتح آفاقًا جديدة من الفخر والانتماء، وصنع ملحمة ما زال صداها يتردد في وجدان كل مصري.
ومن روح أكتوبر العظيمة، استلهمت القيادة السياسية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي عزيمة لا تلين، لترسي دعائم نهضة وطنية شاملة تمتد من حماية الأرض إلى بناء الإنسان. فكما عبر الأبطال القناة دفاعًا عن الوطن، تعبر مصر اليوم تحديات التنمية والحداثة بخطى ثابتة ورؤية طموحة، تجمع بين الأصالة والتجديد.
وفي قلب هذه المسيرة الوطنية، يظل جيش مصر العظيم وشرطتها الباسلة درعًا للوطن وسيفًا لأمنه، يواصلون التضحيات لحماية مقدرات الشعب وصون سيادته، فيما يقف جنود الإنسانية من أطقم التمريض في الصفوف الأولى من معركة الحياة، يرعون المصابين ويخففون آلام المواطنين في صمت وإخلاص، ليؤكدوا أن روح أكتوبر تسري في شرايين كل مصري مخلص.
ولأن معركة البناء لا تقل أهمية عن معركة التحرير، فإن رجال التعليم يخوضون اليوم معركة من نوع آخر، عنوانها "بناء العقول وصناعة المستقبل". فالمعلم هو القائد الأول في ميدان المعرفة، يغرس في طلابه روح الانتماء، ويزرع في عقولهم قيم الإبداع والمسؤولية، ليخرج من بينهم علماء ومهندسون وأطباء وفنانون يسهمون في صنع نصر جديد على جبهة التنمية.
إن المدرسة هي الجبهة الجديدة التي تُبنى فيها الشخصية الوطنية، ويتشكل فيها وعي الأجيال القادمة، لتستمر مسيرة النصر التي بدأها الأجداد بالسلاح، ويكملها الأبناء بالعلم والعمل. فكل درس يعلّمه معلم، وكل فكرة يبتكرها شاب، وكل يد تبني أو تداوي، هي امتداد مباشر لملحمة أكتوبر الخالدة.
وتبقى ذكرى نصر أكتوبر المجيد رمزًا متجددًا لقوة الإرادة المصرية، ودليلًا على أن هذه الأمة قادرة على تحقيق المستحيل متى اجتمعت كلمتها. فكما انتصرت مصر في معركة العبور، تنتصر اليوم في معركة التنمية، لتبقى راية الوطن خفاقة، ويظل مجد أكتوبر حاضرًا في الوجدان، يتجدد في كل إنجاز، ويُترجم في كل خطوة تُضاف إلى مسيرة بناء وطن عظيم يليق بتاريخه ومكانته.