رحيل علم من أعلام اللغة والتكنولوجيا الدكتور محمد فهمي طلبة عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة
كتبت - فتحية حماد
فقدت مصر صباح اليوم الأربعاء الرابع والعشرين من ديسمبر أحد رموزها العلمية البارزة، برحيل الأستاذ الدكتور محمد فهمي طلبة، عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومقرر لجنة الموقع الإلكتروني ورقمنة المحتوى، وأحد كبار العلماء المصريين الذين جمعوا بين علوم اللغة العربية وهندسة الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات، في مسيرة علمية وإنسانية حافلة بالعطاء والإنجاز.
وُلد الدكتور محمد فهمي طلبة حسن بالقاهرة عام 1947، وتلقى تعليمه الجامعي بكلية العلوم جامعة عين شمس، حيث حصل على بكالوريوس العلوم في الفيزياء بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى عام 1967، ثم نال درجة الماجستير في الحاسبات العلمية وعلوم الفضاء عام 1970، قبل أن يحصل على درجة الدكتوراه في الحسابات العلمية وعلوم الفضاء بالاشتراك مع جامعة أوبسالا بالسويد عام 1973.
وتدرج الراحل في المناصب الأكاديمية بجامعة عين شمس، فشغل منصب أستاذ بقسم الحسابات العلمية بكلية الحاسبات والمعلومات، ثم تولى عمادة الكلية خلال الفترة من 1996 إلى 2002، كما شغل منصب نائب رئيس جامعة عين شمس لشؤون الطلاب والتعليم من 2002 حتى 2006، إضافة إلى عمله مديرًا لمركز الحساب العلمي بالجامعة لعدة سنوات.
وعلى صعيد العمل الاستشاري، أسهم الدكتور محمد فهمي طلبة بخبراته في عدد من الجهات الوطنية، حيث عمل مستشارًا لوزير التربية والتعليم في مجال الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات، ومستشارًا لمحافظ البنك المركزي لنظم المعلومات، ومستشارًا لوزير المالية في نظم وتكنولوجيا المعلومات، بما يعكس الثقة الكبيرة في علمه وخبرته.
وكان الراحل عضوًا فاعلًا في العديد من الجمعيات والهيئات العلمية المتخصصة، من بينها المجمع العلمي المصري، والجمعية المصرية لهندسة اللغة، ومعهد الإلكترونيات والهندسة الإلكترونية، وجمعية الحاسبات الآلية بالولايات المتحدة، فضلًا عن مشاركته في لجان وطنية عليا لتطوير مناهج الحاسب، وتنسيق البحث العلمي، وربط صناعة تكنولوجيا المعلومات بالمراكز البحثية.
وترك الدكتور محمد فهمي طلبة إرثًا علميًا ضخمًا، إذ نشر أكثر من مئتين وثمانين بحثًا علميًا في مجالات علوم الحاسبات والحسابات العلمية، وأشرف على عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه، وشارك في تحكيم مئات الأبحاث العلمية والرسائل الجامعية داخل مصر وخارجها، كما أسهم في إنشاء وتطوير مكتبات برمجيات علمية، وأشرف على إصدار عدد من الدوريات والمجلات العلمية المتخصصة.
وفي مجال الابتكار، قدم الراحل إسهامات رائدة من خلال تطوير خوارزميات متقدمة في مجالات التشفير وأمن المعلومات، والحوسبة الموزعة، والتعرف على البصمة والوجه، ومعالجة الإشارات لدعم ذوي الإعاقة السمعية، وتشخيص أمراض المخ باستخدام الذكاء الاصطناعي، فضلًا عن تطوير تقنيات القراءة الآلية للحروف العربية المطبوعة.
ونال الدكتور محمد فهمي طلبة خلال مسيرته العديد من الجوائز وشهادات التقدير المحلية والدولية، تقديرًا لإسهاماته العلمية المتميزة ودوره في تطوير البحث العلمي وتكنولوجيا المعلومات، كما أثرى المكتبة العربية بعدد من المؤلفات المهمة، من بينها الحاسبات الإلكترونية حاضرها ومستقبلها، والحاسب والذكاء الاصطناعي، ودائرة معارف الحاسب الإلكتروني، والإنترنت طريق المعلومات السريع، وفيروسات الحاسب وأمن البيانات.
وعلى مستوى العمل المجمعي، اختير عضوًا بمجمع اللغة العربية عام 2019، وأسهم بدور بارز في الربط بين اللغة العربية والذكاء الاصطناعي، حيث أنشأ لجنة اللغة العربية والذكاء الاصطناعي وتولى مقررّيتها، كما شارك في لجان المعالجة الإلكترونية للمعلومات وعلوم البيئة، وتولى مسؤولية التحول الرقمي لأنشطة المجمع وأعماله.
برحيل الدكتور محمد فهمي طلبة، تخسر الساحة العلمية المصرية والعربية عالمًا موسوعيًا جمع بين الأصالة والمعاصرة، وكرس علمه وجهده لخدمة اللغة العربية والعلم والتكنولوجيا، تاركًا أثرًا خالدًا في أجيال من الباحثين والدارسين، وسجلًا ناصعًا من العطاء العلمي والوطني.