recent
أخبار ساخنة

حاتم السعداوي يكتب: كيف تصبح رياضة الخيل متنفسًا فكريًا راقيًا لشباب الفيوم

Home

 

حاتم السعداوي يكتب:  كيف تصبح رياضة الخيل متنفسًا فكريًا راقيًا لشباب الفيوم

حاتم السعداوي يكتب:  كيف تصبح رياضة الخيل متنفسًا فكريًا راقيًا لشباب الفيوم


لطالما كانت الفيوم، بواحاتها الخضراء وبحيرتها الساحرة، أرضًا خصبة للعراقة والتميز. لكن بعيدًا عن المشاهد السياحية المألوفة، تنبض المحافظة بروح شبابية حية، تمتلك طاقة فكرية وروحية تبحث عن متنفس راقٍ لا يقتصر على المقاهي أو التجمعات العادية. هذا المتنفس نجده متجسدًا في تقليد عريق يحتاج إلى رعاية واهتمام: سباقات الخيل ورياضات الفروسية.

​صبية الرأي: قوة ناعمة في انتظار الدعم

​في قلب الفيوم، هناك ما يمكن تسميته بـ "صبية الرأي"، وهم مجموعات من الشباب المثقف والمهتم بالشأن العام والقضايا المجتمعية، يبحثون عن قنوات لتوجيه طاقاتهم وبلورة أفكارهم. هذه المجموعات، التي تتبنى طموحات كبيرة، تجد في رياضة الخيل رمزًا للأصالة والانضباط والقوة الموجهة. فالخيل ليس مجرد رياضة، بل هو فن في التعامل، ودرس في الصبر، وعنوان للانتماء لتراث الأجداد.

​إن الانخراط في سباقات الخيل، التي تقام غالبًا بجهود ذاتية وموارد محدودة، يمثل بالنسبة لهؤلاء الشباب مساحة للتعبير عن الذات، والمنافسة الشريفة، وتنمية مهارات القيادة والتحكم، وهي كلها سمات تخدم بناء شخصية المواطن الفاعل والمؤثر. هذا التجمع حول شغف نبيل يمثل بحد ذاته متنفسًا فكريًا راقيًا يوجه الشباب بعيدًا عن الانعزالية أو الانخراط في أي مسارات سلبية.

​التحدي: السباقات العشوائية والغياب الرسمي

​القصص المتداولة عن سباقات الخيل في الفيوم تروي شغفًا حقيقيًا؛ حيث يتسابق الفرسان في بيئات غير منظمة، ومعرضة للمخاطر، وتفتقر إلى البنية التحتية اللازمة للتدريب الاحترافي. رغم ذلك، يظهر هؤلاء الشباب قدرات لافتة في ترويض الخيول والمنافسة، مما يؤكد أن الإمكانات متوفرة وبجودة عالية، لكنها تحتاج فقط إلى مظلة رسمية تحتضنها.

​إن غياب التنظيم والدعم الرسمي يحرم الفيوم من تحويل هذا الشغف إلى مشروع قومي ومجتمعي متكامل، يمكنه أن يُنتج أبطالًا يمثلون المحافظة بل ومصر في المحافل الدولية، كما يحرم الشباب من البيئة الآمنة والداعمة لتطوير مهاراتهم.

​نداء للدولة: الاستثمار في الطاقة الشبابية عبر "الفروسية"

​لقد آن الأوان للدولة، ممثلة في وزارة الشباب والرياضة والسلطة المحلية بمحافظة الفيوم، أن تدرك القيمة الحقيقية لهذا التجمع الشبابي حول الخيل، وتستثمر في هذه الطاقة الراقية.

​إن المطلب واضح ومُلِحّ:

​تنظيم السباقات وتوفير المضامير: تخصيص أراضٍ وتنظيم سباقات دورية وموسمية للخيل تحت إشراف متخصص، بما يضمن سلامة المتسابقين والجمهور، ويساهم في تطوير السلالات المحلية.

​دعم الأندية الشعبية: تقديم الدعم الفني واللوجستي لمدربي وفارسي الخيل من الشباب، وتوفير العيادات البيطرية المتنقلة للاهتمام بالخيول المشاركة.

​تطوير الوعي والربط بالتراث: استخدام هذه التجمعات لنشر الوعي الثقافي والتراثي، وربط الشباب بتاريخهم العريق الذي كانت فيه الفروسية رمزًا للمجد.

​إن مساعدة هؤلاء الشباب ليس مجرد دعم لرياضة، بل هو استثمار في بناء جيل منضبط، مثقف، ومُعتز بهويته. عندما تضع الدولة يدها في يد شباب الفيوم المُحب للخيل، فإنها لا تقيم مضمارًا للسباق فحسب، بل تمهد طريقًا لـ "صهوة الرأي" كي تنطلق نحو مستقبل أفضل.

google-playkhamsatmostaqltradent