بعد مبايعة الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم على حمايته و الذَّود عنه حتى الموت، فشعرت قريش أن أمنها يضيع وأن كيانها بدأ يهتز
فصار صناديد الكفر كأنما أصابهم مَسِّ الشيطان حينما طرق مسامعهم نبأ تلك البيعة
فاجتمعوا في دار قصيّ بن كلاب - دار الندوة - التي كانت قريش لا تبرم أمراً ذا بال من أمورها إلا فيها للتشاور فيمما يصنعون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه
وعقد الاجتماع في دار الندوة ، وضم الاجتماع العديد من قبائل العرب ، وكان من جملة من حضر ذلك الاجتماع إبليس الرجيم الذي حضر في هيئة شيخ من أهل نجد .
وبعد مناقشات ومشاورات تمخض الاجتماع عن ثلاثة آراء :
الرأي الأول :
أن يقوموا بإخراج الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة ، وأن ينفوه منها ، وألا يلقوا بالا لأي مكان ٱخريذهب إليه
و هنا سرعان ماتدخل شيخ نجد - إبليس - مسجلا اعتراضه على هذا الرأي :متععللا بمدى قوة حجة الرسول وحسن بيانه و قدرته في التأثير على من يحلّ عليهم فيطيعوه ، فيقوى بذلك شأنه ، ثم يعود إليهم محاربا .
الرأي الثاني :
أن يُحبس الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتُوصد أمامه الأبواب حتى يهلك، فينتهي خبره ، فاعترض الشيخ النجدي مرة أخرى ، محتجاً بأن أصحابه سيعرفون خبره ، ويبلغهم أمره ، فيعملون على فك أسره .
الرأي الثالث:
أن يقتل الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان صاحب هذا الرأي شيطان نجد ; و قيل رأس صناديد الكفر أبو جهل عمرو بن هشام ، الذي اقترح أن يُؤخذ من كل قبيلةٍ شابٌ قويٌ ذو نسب ، ثم يعطى كل واحدٍ منهم سيفاً صارماً ، فيعمدوا إليه جميعاً فيضربوه ضربة رجلٍ واحد ، فيتفرق دمه بين القبائل ، فلا يقدر بنو عبد مناف على حربهم جميعاً ، وقد طرب الطواغيت لهذا الرأي مستحسنين له و متحمسين لتنفيذه
لكن الله أخبر حبيبه المصطفى و نبيه المجتبى بما دبره أهل الشر في الخفاء، وأمره باللحاق بدار هجرته، بدار فيها ينشر الإسلام، ويكون فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم العزة والمنعة. وهذا من الحكمة بمكان عظيم فإنه لو انتشر الإسلام بمكة لقال المبغضون: إن قريشاً أرادوا مُلْكَ العرب، فعمَدوا إلى شخص منهم، وأوعزوا إليه أنْ يدَّعي هذه الدعوى حتى تكون وسيلة لنيل مآربهم، ولكنهم كانوا له أعداء ألدَّاء، آذوه شديد الأذى حتى اختار الله له مفارقة بلادهم والبعد عنهم
وهكذا كان مكر الكفار و تدبيرهم ، ولكن إرادة الله فوق كل إرادة {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}
....يتبع إن شاء الله
