recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

وقفه مع عندما وصل النبى إلى المدينه المنوره


بقلم _محمــــد الدكـــــرورى



لقد كان فى حفظ الله عز جل لرسوله ونصرته لدينه وإعلاء كلمته مع محاولة الكفار قتله والقضاء على دينه لأكبر دليل على أن الله عز وجل مع عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وكان حفظ الله له رغم الكيد الكبار لأكبر شاهد على تكفل الرب عز وجل بحفظ دينه وإعلاء كلمته، وكانت رابطة العقيدة هي الرابطة الحقيقية بين المؤمنين، حيث تتضاءل أمامها الانتماءات القومية والقبلية والعلاقات الحزبية، فعندما قدم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار، وقضى على العداوة التي كانت مستحكمة بين الأوس والخزرج فانصهر الجميع في بوتقة الإيمان وذابت بينهم العداوات والإحن وتلاشت العصبيات والأعراق، ولماذا كل ذلك ؟ 


فكل ذلك كان حب فى الله وحب فى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو يسهر ليناموا ، ويتعب ليستريحوا، ويجوع ليشبعوا ، وكان يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم ، فمن سلك سنن الرسول صلى الله عليه وسلم مع صحابته ، في حياته الخاصة والعامة ، وشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم وكان عمله لوجه الله عز وجل، فقد أصابه من هذا الحب إن كان من الزعماء أو القادة أو المسئولين في أمة الإسلام، وإن استقبال عام هجري جديد يذكرنا بهجرة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يوم أن بعثه الله عز وجل، والضلال قد خيم على أهل الأرض وقد مقتهم الله تعالى، عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ، وبعثه والناس يعبدون الحجارة والأوثان والأولياء من دون الله. 


وكانوا يعيشون على السلب والنهب والقتل فبعث الله محمداً رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة فهدى به من الضلالة وعلم به من الجهالة وبصَّر به من العمى وقام بأداء رسالة ربه خير قيام فبشر وأنذر ، وصدع بأمر الله تعالى وجهر، وجعل المشركون يسخرون منه ويستهزئون به ويؤذونه أشد الأذى ويعذبون من آمن به ليردوهم عن دينهم وكان عمه أبو طالب بن عبد المطلب، يحميه من أذى قومه وكانت زوجته السيده خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، تؤنسه وتعينه واشتد أذى قومه له ولمن آمن به لما مات عمه أبو طالب وزوجه خديجة رضي الله عنها فاشتد حزنه وتطاول عليه المشركون وقويت عليه الكربة وضاق به الحال فقيض الله تعالى، له الأنصار من أهل المدينة. 


وقد التقوا به في موسم الحج وآمنوا به وبايعوه على أن يمنعوه إذا قدم إليهم في المدينة مما يمنعون منه نساءَهم وأولادهم ، وبعد البيعة أذِن الله تعالى، له بالهجرة فهاجر إلى المدينة في شهر ربيع الأول بعد ثلاث عشرة سنة من بعثته وبصحبته أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فاستقبله الأنصار ومنعه الله بهم من أذى الكفرة والمشركين وأسس الدولة الإسلامية ، وما هي إلا أعوام قليلة حتى فتح الله له مكة، فدخلها فاتحاً منصوراً تحيط به جيوش التوحيد وكتائب الإسلام ثم دانت له عرب الجزيرة وتوطد فيها حكم الإسلام وعُبد الله وحده لا شريك له، وفى وصول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من مكه إلى المدينة المنوره يحكى لنا عروه بن الزبير رضى الله عنه. 


ما حدث عندما وصل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام ، فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر ثياب بياض ، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة ، فانقلبوا يوما بعدما أطالوا انتظارهم ، فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه ، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب ، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته : يا معشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرون. 


فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر الصديق، للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، صامتا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحيي أبا بكر الصديق حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه ، فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك ، فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى، وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ركب راحلته. 


فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين ، وكان مربدا للتمر ، لسهيل وسهل ، غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت به راحلته : هذا إن شاء الله المنزل، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الغلامين، فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا بل نهبه لك يا رسول الله، ثم بناه مسجدا، وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينقل معهم اللبن في بنيانه ويقول وهو ينقل اللبن " هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر، ربنا ، وأطهر " فكانت الهجره النبويه الشريفه بأمر من الله عز وجل، وقد قال فيها النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، " لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونيّة، وإذا استُنفرتُم فانفِروا " .


وعن سبرة بن الفاكه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الشيطان قعد لابن آدم بطريق الإسلام، فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك، فعصاه فأسلم، فغفر له، فقعد له بطريق الهجرة، فقال له: تهاجر وتذر دارك وأرضك وسماءك، فعصاه فهاجر، فقعد بطريق الجهاد، فقال: تجاهد فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال، فعصاه فجاهد، فمن فعل ذلك فمات كان حقا على الله أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة، وإن وقصته دابة كان حقا على الله أن يدخله الجنة " رواه النسائي، وابن حبان، ومن فاته ثواب الهجرة إلى الله ورسوله زمن النبوة فقد شرع الله له هجرة من نوع آخر فيها ثواب عظيم وأجر جزيل إنها هجرة الذنوب والمعاصي. 


فاهجر المعصية وهاجر إلى الطاعة واهجر التفريط وهاجر إلى الاستقامة ، واهجر التمرد والآثام إلى الانقياد والاستسلام، وهاجر بقلبك من الركون إلى الدنيا والاطمئنان إليها إلى الدار الآخرة والرغبة فيها ، فقد قال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم :" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه " واهجر الكسل وطول الأمل إلى الجد والاجتهاد في طاعة الله وخاصة في هذه الأيام التي كثرت فيها الفتن والمحن ، فقال صلى الله عليه وسلم: " العبادة في الهرج، أي زمن الفتن، كهجرة إلي" رواه مسلم، فالهجره، هي الهجرة من الكفر إلى الإسلام، ومن البدعة إلى السنة، ومن الشرك إلى توحيد الله، ومن المعصية إلى الطاعة.


https://www.sadaelomma.com/

https://www.facebook.com/sadaelomma

google-playkhamsatmostaqltradent