recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

وقفه مع إلا تنصروه فقد نصره الله


بقلم _محمــــد الدكـــــرورى 



تمر الأيام والسنين وبين كل لحظة وساعة تتوالد الذكريات التى لا تنسى إلى يوم القيامه ومن بين هذه الذكريات فهى ذكرى هجرة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من مكه إلى المدينه، ويجب علينا أن نعلم إن الهجرة قد انتهت وفاز بفضلها السابقون الأولون حيث قال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "لا هجرة بعد الفتح" ولكن يمكن للمسلمين اليوم تحصيل بعض معانيها، وتطبيق كثير من أوصافها، وذلك لأن الهجرة هي إحداث التغيير والانتقال في النفس والقلب والجوارح، ويدخل فيها هجران المنهيات والمنكرات إلى ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، من الصالحات والحسنات، وفي الحديث الشريف عن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. 


" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" فأين نحن اليوم من معاني الهجرة، وهل أن أعمالنا وسلوكنا وأخلاقنا ومعاملاتنا وسائر أحوالنا تعكس صورة الإسلام، ليغير الله بنا من حال الذل إلى العز، ومن حال الفرقة إلى حال القوة والاجتماع والمحبة، فيجب علينا جميعا أن نعلم إن الهجرة هو حدث تاريخى عظيم لا ينبغي أن يمر علينا مرور الكرام بل لأجل أن نأخذ منه العبر والدروس، فلقد هاجر النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من مكة المكرمة إلى المدينة النبوية بعد أن لقي من الأذى والضيق والبلاء ما لا تتحمله الجبال الرواسي، وفقد النصير العزيز من أهله وأقربائه كأبي طالب وخديجة الفضلى، وامره الله حينئذ بالصبر والهجرة.


ولقد تآمر المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرروا أن يفتكوا ويقتلوه لكن الله نجاه وحماه وأيده ونصره، وعندما وصل إلى غار ثور تتبع المشركون أثره صلى الله عليه وسلم، حتى وصلوا إليه فقال أبو بكر الصديق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يتسمع أصواتهم: "لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا " وتروى لنا السيده عائشه رضى الله عنها اللحظات الأولى من الهجره، فعن عروة : قالت السيده عائشة رضي الله عنها : فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة ، قال قائل لأبي بكر : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها ، فقال أبو بكر : فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر، قالت : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. 


فاستأذن، فأذن له، فدخل، فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لأبي بكر : أخرج من عندك ، فقال أبو بكر : إنما هم أهلك، بأبي أنت يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم : " فإني قد أذن لي في الخروج " فقال أبو بكر : الصحبة بأبي أنت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم " قال أبو بكر : فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بالثمن " وقالت عائشة رضي الله عنها : فجهزناهما أحث الجهاز، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاقين، وقالت : ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر بغار في جبل ثور. 


فمكثا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقن، فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة، كبائت فيها، فلا يسمع أمرا يكادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة، مولى أبي بكر، منحة من غنم ، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل، وهو لبن منحتهما  ورضيفهما حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث ، واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الديل ، وهو من بني عبد بن عدي هاديا خريتا، والخريت : الماهر بالهداية، قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي، وهو على دين كفار قريش فأمناه.


فدفعا إليه راحلتيهما وواعده غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث ، وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم على طريق السواحل، وفى هذه الهجره قال الله تعالى : ( إلا تنصروه فقد نصره الله ) وهذا إعلام من الله عز وجل أنه المتكفل بنصر رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وإعزاز دينه، سواء أعانوه أو لم يعينوه ، وأنه قد نصره عند قلة الأولياء ، وكثرة الأعداء ، فكيف به اليوم وهو في كثرة من العدد والعدد؟ ( إذ أخرجه الذين كفروا ) من مكة حين مكروا به وأرادوا تبيينه وهموا بقتله ، ( ثاني اثنين ) أي هو أحد الاثنين ، والاثنان : أحدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والآخر أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، ( إذ هما في الغار ) وهو نقب في جبل ثور بمكة. 


( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) فقال الشعبي : عاتب الله عز وجل أهل الأرض جميعا في هذه الآية غير أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقوله عز وجل : ( لا تحزن إن الله معنا ) أى أنه لم يكن حزن أبي بكر جبنا منه ، وإنما كان إشفاقا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال : إن أقتل فأنا رجل واحد يا رسول الله، وإن قتلت أنت هلكت الأمة، وقد روي أنه حين انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى الغار جعل يمشي ساعة بين يديه ، وساعة خلفه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : مالك يا أبا بكر؟ قال : أذكر الطلب فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك ، فلما انتهيا إلى الغار قال مكانك يا رسول الله، حتى أستبرئ الغار، فدخل فاستبرأه ثم قال : انزل يا رسول الله. 


فنزل فقال عمر بن الخطاب : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه،  أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدثهم ، قال : نظرت إلى أقدام المشركين فوق رؤوسنا ونحن في الغار فقلت : يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر تحت قدميه أبصرنا ، فقال صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ وكان هناك محبة ووفاء من الصديق لصاحبه، ومن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لصديقه، فعن جميع بن عمير قال : أتيت ابن عمر رضي الله عنهما فسمعته يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأبي بكر الصديق رضي الله عنه : " أنت صاحبي في الغار ، وصاحبي على الحوض " .


https://www.sadaelomma.com/

https://www.facebook.com/sadaelomma

google-playkhamsatmostaqltradent