recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن المهلب بن أبى صفره ( الجزء الأول )

ماذا تعرف عن المهلب بن أبى صفره ( الجزء الأول )



كتب-محمـــد الدكـــرورى

المهلب بن أبي صفرة الأزدي وكنيته أبو سعيد، وهو من ولاة الأمويين على مدينة خراسان ويقال عنها خراسان الكبرى وهى منطقة جغرافية واسعة، من الناحية التاريخية، حيث يشمل إقليم خراسان الإسلامي، شمال غرب أفغانستان مثل مدينة حيرات وأجزاء من جنوب تركمانستان، إضافة لمقاطعة خراسان الحالية في إيران ومن مدنه التاريخية هى حيرات ونيسابور وطوس وتعرف باسم مشهد اليوم، وبلخ ومرو، وكان إقليم خراسان الساساني أصغر حجما من خراسان الإسلامية، فقد كان يمتد من شرق لوكانيا وهى جرجان، حتى نهر المرغاب، وغالبية سكان الإقليم هم من الفرس والبشتون والبلوش مع وجود للترك في الأقسام الشمالية، وقبل دخول الإسلام كان الإقليم مركزا للديانة المجوسية وخصوصا في بلخ في أفغانستان، وعند تجذر الإسلام في المنطقة اعتنق عامة الخرسانيين الإسلام.
 

حيث كانوا في الغالب من السنة الشافعية، وبعض الحنفية، وفي حين توجد الشيعة في الإقليم أيضا وقد تركزوا في مدينة طوس وما جاورها وهى تعرف باسم مشهد حاليا، ثم بعد حكم الصفويين، اعتنق معظم سكان القسم الإيراني المذهب الشيعي، في حين أنه لا تزال هناك مجموعات سنية كبيرة في الإقليم خاصة في الشرق وهى على حدود أفغانستان، وفي الشمال وهى على حدود تركمانستان، وأما عن المهلب بن أبي صفرة الأزدي فقد قيل عن يحيى بن معين أنه قال، المهلب بن أبي صفرة هو مهلب بن ظالم بن سارق وجاء في طبقات ابن سعد أن المهلب كان من التابعين وقد ولد عام الفتح الذي كان سنة ثمان من الهجرة، وكان من أهم ملامح شخصية المهلب بن أبي صفرة الأزدي، وهو أنه كان يتمتع بكثير من الصفات الحميدة، والتي لا تتوفر في كثير من الرجال، فكانت من صفاته هى الشجاعة. 

والقدرة الفائقة على القتال وإدارة المعارك بكفاءة منقطعة النظير فهو الذى مهد لفتح السند ومدينة خجندة على نهر سيحون بينها وبين سمرقند عشرة أيام وهو الذى استعاد منطقة الختل وقد ظل يحارب الخوارج طيلة تسعة عشر سنة ولم يقضى على شوكتهم غيره ، وكان أيضا من أهم ملامحه هو الكرم، فقد كان المهلب من أكرم أهل زمانه والأمثلة على ذلك كثيره ومنها أنه أقبل يوما من احدى غزواته فتلقته امرأة، فقالت له أيها الأمير إنى نذرت إن أنت أقبلت سالما أن أصوم شهرا وتهب لى جارية وألف درهم فضحك المهلب وقال قد وفينا نذرك، فلا تعودى لمثلها فليس كل أحد يفى لك به، ووقف له رجل فقال أريد منك حويجه وهى تصغير حاجة، فقال المهلب بن أبى صفره، اطلب لها رجيلا وهى تصغير كلمة رجل يعنى أن مثلى لا يسأل إلا حاجة عظيمة، وكان المهلب يوصى خدمه أن يقللوا من الماء. 

ويكثروا من الطعام عندما يكون ضيوفه على خوانه حتى لا يملأ الضيوف بطونهم بالماء وحتى يملأها من الطعام، وكان أيضا من أهم ملامحه هو الحلم، فكان المهلب بن أبى صفره، من أحلم الناس ومن أخبار حلمه، أنه مر يوما بالبصرة، فسمع أحد يقول هذا الأعور قد ساد الناس، ولو خرج إلى السوق لا يساوي أكثر من مائة درهم، فبعث إليه المهلب بمائة درهم وقال لو زدتنا فى الثمن زدناك فى العطية وكان قد فقئت عينه بسمرقند، وكان بليغا حكيما فى آرائه، وقد كانت له كلمات لطيفة وإشارات مليحة تدل على مكارمه، ومن ذلك حين حضرته الوفاة، دعا إليه ابنه حبيبا ومن حضره من ولده، ودعا بسهام فحزمت ثم قال أفترونكم كاسريها مجتمعة؟ قالوا لا، قال فهكذا الجماعة، فأوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم، فإن صلة الرحم تنسئ فى الأجل وتثرى المال وتكثر العدد، وأنهاكم عن القطيعة.

فإن القطيعة تعقب النار وتورث الذلة والقلة، فتحابوا وأجمعوا أمركم ولا تختلفوا وتباروا تجتمع أموركم، وقد كانت الحكمة تجري علي لسانه، كيف لا وهم الجيل الذي شاهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضوان الله عليهم أجمعين، وكانت من كلماته هو قوله "عجبت لمن يشترى العبيد بماله، ولا يشترى الأحرار بأفضاله" وقال أيضا الحياة خير من الموت، والثناء خير من الحياة، ولو أعطيت ما لم يعطه أحد لأحببت أن تكون لى أذن أسمع بها ما يقال فى غدا إذا مت"  وقد أثني عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، لما وجدوا فيه من كريم الخلال فقد قال عبد الله بن الزبير، عن المهلب "هذا سيد أهل العراق" وقال عنه قطري بن الفجاءة، المهلب من عرفتموه إن أخذتم بطرف ثوب أخذ بطرفه الآخر، يمده إذا أرسلتموه ويرسله إذا مددتموه ولا يبدؤكم إلا أن تبدؤوه.

لا أن يرى فرصة فينتهزها فهو الليث المبر والثعلب الرواغ والبلاء المقيم" وقال عنه أبو إسحاق السبيعي " لم أرى أميرا أيمن نقيبة ولا أشجع لقاء ولا أبعد مما يكره ولا أقرب مما يحب من المهلب، وأما عن المهلب بن أبى صفره فقد عينه الحجاج بن يوسف الثقفى، عاملا على خراسان وكان ذلك فى العام الثامن والسبعين من الهجره، وأما عن الحجاج فهو أبو محمد الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو قائد في العهد الأموي، وقد وُلد ونشأ في مدينة الطائف وانتقل إلى الشام فلحق بروح بن زنباع نائب عبد الملك بن مروان فكان في عديد شرطته، ثم ما زال يظهر حتى قَلده عبد الملك بن مروان أمر عسكره، وقد أمره عبد الملك بن مروان بقتال عبد الله بن الزبير، فزحف إلى الحجاز بجيش كبير وقتل عبد الله وفرق جموعه، فولاه عبد الملك بن مروان مكة والمدينة والطائف، ثم أضاف إليها العراق والثورة قائمة فيه.

فانصرف إلى الكوفة في ثمانية أو تسعة رجال على النجائب، فقمع الثورة وثبتت له الإمارة عشرين سنة، وقد قام ببناء مدينة واسط ومات بها، وأجري على قبره الماء، فاندرس، وقد قيل عنه أنه كان سفاكا، سفاحا، مرعبا، وكان ذلك بإتفاق معظم المؤرخين وقد عرف بالمبيد وأما عن المهلب بن أبى صفره، فقد قام بفتوحات واسعة في بلاد ما وراء النهر وأما عن بلاد ماوراء النهر، فهي منطقة تاريخية وجزء من آسيا الوسطى، وتشمل أراضيها أوزبكستان والجزء الجنوب الغربي من كازاخستان والجزء الجنوبي من قيرغيزستان، وقد عرف الأوروبيين هذه المنطقة حتى بداية القرن العشرين باسم ترانسوكسيانا، وقد أطلق العرب المسلمون على تلك المنطقة اسم بلاد ما وراء النهر، وكان ذلك عندما فتحوا تلك المنطقة في القرن الهجري الأول إشارة إلى النهرين العظيمين الذين يحدّانها شرقا وغربا. 

وهما نهر سيحون ونهر جيحون، وأهم المدن بها هى سمرقند وبخارى وفرغانة وطشقند وخوارزم ومرو وترمذ، وهي أسماء تدل على أعلام لهم مكانتهم في التاريخ، مثل الخوارزمي، والفارابي، والبخاري، والترمذي، وابن سينا، والجرجاني، والسجستاني، والبيروني، وقد إنتشرت بها البوذية والمسيحية النسطورية سابقا ويعتبر الإسلام الديانة السائدة في تلك المناطق، ويشكل الأوزبك، الكازاخ والروس الأغلبية العرقية في تلك المناطق، وأما عن المهلب بن أبى صفره، فقد قاد المهلب حملة استولى من خلالها على إقليم الصغد، وهى كانت الحضارة القديمة لأحد الشعوب الإيرانية وإحدى ولايات إمبراطورية أخمينيون، وقد غزا المهلب بن أبى صفره، خوارزم، وخوارزم هي واحة كبيرة تقع على دلتا نهر جيحون في غرب آسيا الوسطى، ويحدها في الشمال بحر الآرال وفي الشرق صحراء قيزيل. 

وفي الجنوب بصحراء قره قوم  وفي الشرق بهضبة استجورت، واليوم خوارزم أجزاؤها تنتمي إلى أوزبكستان  وكازاخستان وتركمانستان، وقد افتتح المهلب جرجان وطبرستان وأما عن جرجان أو كركان وكانت قديما تسمى أستراباذ أو أستراباد إحدى المدن الشهيرة في إيران، وتقع في شمالي إيران حاليا، وكانت جرجان مركز منطقة استرآباد، وإليها ينتسب الشريف الجرجاني والميرداماد الحسيني الفيلسوف والمير فندرسكي واللغوي النحوي علي الفصيحي وكذلك الأمين الأسترابادي، والمؤرخ حمزة السهمي صاحب كتاب تاريخ جرجان، وقد ذكر السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء ان المسلمين سيطروا على هذه المدينة في زمن الخليفه سليمان بن عبد الملك، وقد كانت لغة أهل المدينة هي مازندرانية،  و الفارسيه، وأما عن طبرِستان فهو إقليم عرفه العرب والفرس والترك باسمه منذ القرون القديمة.


google-playkhamsatmostaqltradent