recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن أم المؤمنين رملة بنت أبى سفيان ( الجزء ألرابع )

 ماذا تعرف عن أم المؤمنين رملة بنت أبى سفيان ( الجزء ألرابع )




إعداد / محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء الرابع مع أم المؤمنين السيده رملة بنت أبى سفيان وقد وقفنا معها عندما ذهب أبو سفيان المدينه وجاء إلى ابنته أم حبيبة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فطوته دونه، فقال: يا بنية، أرغبت بهذا الفراش عني، أو بي عنه؟ قالت، بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت امرؤ مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو سفيان يا بنيه، لقد أصابك بعدي شر، فقالت بل هداني الله للإسلام، وأنت يا أبتى سيد قريش وكبيرها، كيف يسقط عنك الدخول في الإسلام، وأنت تعبد حجرا لا يسمع ولا يبصر؟ فقام من عندها، وكانت رضي الله عنها مع غيرتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تحب أن تشاركها فيه أختها عزة بنت أبي سفيان، فقد سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، همّ أن يتزوج دُرة بنت أم سلمة، فعن زينب بنت أبي سلمة أن أم حبيبة قالت: قلت يا رسول الله، انكح أختي بنت أبي سفيان، قال " وتحبين " قلت نعم، لست لك بمخليه، وأحب من شاركني في خير أختي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن ذلك لا يحل لى" قلت يا رسول الله، فوالله إنا لنتحدث أنك تريد أن تنكح دُرّة بنت أبي سلمة، قال صلى الله عليه وسلم " بنت أم سلمه " فقلت نعم، فقال " فوالله لو لم تكن فى حجرى ما حلت لى، إنها لأبنة أخى من الرضاعه، أرضغتنى وأبا سلمه ثويبه، فلا تعرضن على بناتكن ولا أخواتكن " ولقد احتفلت المدينة بهذا الحدث العظيم وهو زواج النبى صلى الله عليه وسلم والسيده رمله بنت أبى سفيان.

وأنزل الله تعالى في شأن هذا الزواج المبارك قوله تعالى من سورة الممتحنه (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة ) ويقول ابن عباس رضي الله عنهما، فكانت المودة التي جعل الله بينهم هو تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان، فصارت أم المؤمنين، وصار معاوية خال المؤمنين" هذا وقد شهد لها القريب والبعيد بالذكاء والفطنة، والفصاحة والبلاغة، وكانت فوق ذلك من الصابرات المجاهدات، ويظهر جهادها وصبرها من خلال هجرتها إلى الحبشة مع زوجها، تاركة أهلها وقومها، ثم صبرها على الإسلام عندما تنصّر زوجها، مما أدى إلى انفصالها عنه، فصارت وحيدة لا زوج لها ولا أهل، وفي غربة عن الديار، ولكن الإسلام يصنع العجائب إذا لامس شغاف القلوب.

فثبتت في موطن لا يثبت فيه إلا القليل، مما رفع قدرها، وأعلى منزلتها في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد مواساتها بزواجه منها، وأما عن إسهامها في باب الرواية، فقد روت عددا من الأحاديث النبوية ، منها ما جاء في الصحيحين، أنه لما جاء نعي أبي سفيان من الشام دعت أم حبيبة رضي الله عنها بصفرة في اليوم الثالث ، فمسحت عارضيها وذراعيها، وقالت إني كنت عن هذا لغنية لولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج ، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا " وكان حديثها رضي الله عنها، مشهور في تحريم الربيبة وأخت المرأة، وأيضا حديثها في فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن مشهور، وقد رواه عنها معظم رواة
الحديث.

كما حوت مروياتها أحاديث في وجوب الإحداد للمرأة المتوفى عنها زوجها، وعدم جوازه لغير الزوج فوق ثلاثة أيام، والكحل للحادّة، وفي أبواب الحج روت في استحباب دفع الضعفة من النساء وغيرهن من المزدلفة إلى منى في أواخر الليل قبل زحمة الناس، وفي أبواب الطهارة، الوضوء مما مسته النار، وفي صلاة الرجل في الثوب الذي جامع فيه، وما يجوز للرجل من المرأة الحائض، وفي أبواب الصوم: روت في جواز القُبلة للصائم، وفي الدعاء بعد الأذان، وروت في العير التي فيها الجرس لا تصحبها الملائكة، وغيرها، وقد عاشت السيدة أم حبيبة رضي الله عنها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاثا وثلاثين سنة، متمسكة بهدية، سائرة على سنته، عميقة الصلة بالمؤمنين جميعا، مشاركة للمسلمين في الأحداث العظمى.

ففي أيام الفتنة الكبرى، ولما اشتد أذى المتمردين على عثمان بن عفان رضي الله عنه قال الناس لو جئتم بأم المؤمنين، عسى أن يكفوا عنه، فجاءوا بأم حبيبة بنت أبي سفيان، فنظرت إليها وهي على بغلة بيضاء في محفة، فلما جاءوا بها إلى الدار، صرفوا وجه البغلة حتى ردّوها، وكما كانت رضي الله عنها حسنة الصلة بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا، حريصةً على ودهن واسترضائهن، ولقد كان لكل زوجة من نساء النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ميزة تجعل لها خصوصية وأفضلية من أحدى النواحي، فكما كانت السيده خديجة بنت خويلد أولى زوجات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وخير نساء أهل الأرض، فقد كان لباقي زوجاته صفات خاصة تميزن بها، ومن بين نساء النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

اللواتي كان لهن مواقف في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، عموما وفي تاريخ تأسيس الدولة الإسلامية إجمالا هي السيده أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما، حيث حفظ التاريخ الإسلامي من مواقفها ما لا يمكن استثناؤه أو نسيانه، وقد اشتهر عنها حادثة نزع فراش النبي من تحت والدها أبي سفيان، وهو من سادات قريش، وبالرغم من أنه والدها، إلا أنها آثرت ألا يجلس كافر على فراش النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إن كان والدها، ولعل أيضا من أبرز مناقبها ومواقفها أنها كانت أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها ممن هاجر الهجرة الثانية والتي كانت وجهتها أرض الحبشة مع من هاجر من المسلمين في تلك الرحلة، حيث هاجرت أم حبيبة رضي الله عنها، فرارا بدينها هي وزوجها حين ذلك.

وهو عبيد الله بن جحش، إلا أن زوجها ارتد عن الإسلام ودخل في النصرانية، ومات عليها، وقد عرض عليها زوجها بعدها ترك الإسلام والدخول في النصرانية، فأبت ذلك، ورفضت إلا أن تبقى متمسكة بدينها، ثابتة على إسلامها وهجرتها، حتى جاءتها البشرى على يد الجارية أبرهة تخبرها بخطبة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لها من النجاشي ملك الحبشة، فأبدلها الله سبحانه وتعالى زوجا خيرا من زوجها، ومن المواقف أيضا في حياتها رضي الله عنها، هو إكرامها لفراش النبي صلى الله عليه وسلم من أن يجلس عليه أبوها أبو سفيان عندما قدم إلى المدينة المنورة ليعقد هدنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش، لأنه كان يومئذ مشركا، حيث أبت أم المؤمنين أن يدنس فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بجلوس كافر مشرك عليه، حتى لو كان ذلك المشرك هو أقرب الناس إليها نسبا، وأحبهم إليها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحب ما عند المرء الأب والأم، إلا أنها منعته من الجلوس على فراش النبي صلى الله عليه وسلم، ونزعته من تحته، فقال لها أبو سفيان يا بنيه، أرغبت بهذا الفراش عني، أو بي عنه؟ قالت بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت امرؤ مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس على فراش رسول الله، وكان موقفها رضي الله عنها من غيرها من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، حيث دعتهن عند موتها وطلبت المغفرة من الله لها ولهن حيث توفيت رضي الله عنها سنة أربع وأربعين من الهجرة في خلافة أخيها معاوية بن أبي سفيان، ودُفنت في البقيع في المدينة المنورة، وعند وفاتها تجسدت فيها رضي الله عنها، روح الحب والألفة بينها وبين أمهات المؤمنين الباقيات، عندما طلبت من السيدة عائشة أن تحللها من أي شيء فحللتها، واستغفرت لها.


ماذا تعرف عن أم المؤمنين رملة بنت أبى سفيان ( الجزء ألرابع )


google-playkhamsatmostaqltradent