recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

الشهيد أوصاني لا تنسي القضية!

الشهيد أوصاني لا تنسي القضية!هنادى نصرالله


 

بقلم: هنادى نصرالله

بعد مرور أكثر من ثمانية وعشرين عاماً على جريمة قنص جيش الإحتلال الإسرائيلي لي،بينما كنت عائدة من المدرسة برفقة ابنة جيراننا سميرة عساف وشقيقتي الكبرى "هديل"..


أجد نفسي مطالبة أكثر من أي وقت مضى، للانتصار لانتفاضة الحجارة، ولكل من ارتقى فيها من شهداء وجرحى وأسرى، وايضا من مبعدي مرج الزهور...


شهيد مسجى على الأرض،بزيه المدرسي أقف على مقربة منه بينما أنزف؛ أنظر إليه "أريد إنقاذه"، تأتي أمه مسرعة "يا حبيبي يما" ينهرها جيش الاحتلال المدجج بالسلاح "روخي البيت" رافضاً كل محاولاتها الاقتراب من نجلها الشهيد،الذي تعمد الإحتلال لفه"بنايلون أبيض شفاف"؛ ليكتمل المشهد بوضعه لجيبه العسكري على بعد مترين من الشهيد واصابتي،وليتعمداعتقال اسيرين من الطلبة، احدهما بحقيبته المدرسية والآخر تعمد نزع حقيبته وتجريده منها، مع احتفاظه بزيه المدرسي، في جريمة تلخص أهدافه من وراء قمعه لانتفاضة الحجارة التي اندلعت في الثامن من ديسمبر من عام ألف وتسعمائة وسبعة وثمانين، والمتمثلة في قتل العلماء ومن يسيرون على طريقهم من الطلبة، وتفريغ القضية الفلسطينية من أصحاب العقول والنوابغ، باستهدافهم أحياء عبر اعتقالهم في سجونه، صغارا أم كبار، وعبر إبعادهم إلى مرج الزهور في الجنوب اللبناني..!


تلخص الجريمة أبعاد الصراع العربي الفلسطيني الصهيوني تلخص قضيتي الأسرى والمسرى تحديداً، فكل أطفال فلسطين ترنو عيونهم إلى أولى القبلتين، يتوقون شوقاً لسجدة ولو يتيمة على أعتاب المسجد الأقصى المبارك،يحلمون بتناول الكعك المقدسي والزعتر الخليلي، بل يتمنون أن يشاركوا طلبة المدينة المقدسة رباطهم في قلب مدارسهم ومقدساتهم، لكن عزاءهم أن أغلبهم نالوا نصيبهم من الصمود والرباط..

فبين انتفاضة الحجارة، وانتفاضة الأقصى، وحصار بيروت الذي أتذكره بينما أعيش ذكراي السنوية لزيارتي لها قبل نحو ستة أعوام، وبين انتفاضة القدس، وكورونا دلائل إلهية كثيرة، مفادها "لا تتركوا الضحايا في غزة ومخيمات اللجوء يموتون بنار خذلانكم،احموهم وكونوا بانسانيتكم كالبنيان المرصوص".


تدوينتي هذه هي للعالم أجمع،لكل من وحدتهم"الكمامة" ولكل من عانوا من التعتيم الإعلامي ومن "كاتم الصوت" لكل من ارتدوا رداء الإنسانية لينقذوا بعضهم البعض عبر بوابة"التباعد الاجتماعي" اقول لكم"غزة" مفتاح جلاء كورونا؛غزة التي اشتكت مستشفياتها انعدام النظافة ونقص الأدوية طيلة سنوات الحصار الإسرائيلي المستمر منذ ما يزيد عن ثلاثة عشر عاماً، غزة هي بوابة السلم والحرب بل غزة هي بوابة نهاية كل العذاب..


فشهداء الأرض والتراب والقدس والاقصى يقولون لكم "لا تظنوا أن من عانقت جسده رصاصة أو رصاص الإحتلال الإسرائيلي،سينسى إصابته أو غدر الإحتلال الإسرائيلي به وباقرانه،فعن نفسي أقول" طفلة كنت وقت إصابتي،مجردة من كل شيء، لا أعرف ماذا تعني فلسطين؟ وماذا تعني القدس؟ وماذا يعني المسجد الأقصى المبارك؟ ولا أعرف شيئاً عن إبعاد مرج الزهور؟! ولا عن حركات حماس والجهاد وفتح والشعبية! وباقي الفصائل الفلسطينية،كل ما أعرفه أنني كنت طفلة عائدة من مدرستي، أحن إلى خبز أمي، ولا أعرف قهوتها بحكم أنني صغيرة ابنة السابعة ربيعاً،لكنني حينما كبرت عرفت أن دين في رقبتي إلى يوم الدين، أن أنتصر لكل من يحنون مثلي لخبز أمهم من أسرى وجرحى، لأقول بصوتي من جديد "هنا غزة هنا فلسطين، هنا الشهيد الممدود بجسده الطاهر على الأرض، يقول لي "ابق انظري إلى الأرض لتتذكري جريمة قتلي وقنصك يا زميلة المدرسة، وبنظرك إلى الأرض والحجارة، واستذكري الشهيد عبد العزيز الرنتيسي وقولي" لن أنظر إلى مشاريع التطبيع والتنازل المقيت،بل سأغض البصر عن كل ما يسيء إلى شهيد مدرسة الزيتون الابتدائية المشتركة،كما سأغض البصر عن كل ما يسيء لجرحي وجراح المقاومين أينما كانوا؛ لأهتف بعالي الصوت متحدية كل وجع يسكنني "الانتفاضة يجب أن تعود بقوة،خيبر خيبر يا يهود،جيش محمد وعلي وكل الرسل والأنبياء والصحابة رضوان الله عليهم بدأوا يعودوا"..


فأنا من حارة الزيتون المنسية شرق مدينة غزة،اشبه في حارة القدس العتيقة،وأمنيتي أن أقول لكل الدنيا"زيتونة لا شرقية ولا غربية؛لا تعترف بيهودية الدولة؛تحترم الأديان السماوية،تعشق كل من يهوى دماء الشهداء والجرحى،لأنها وحدها من تعيد حرية فلسطين،وحرية الأرض والإنسان والمقدسات..!


فإن أطلقوا علينا الرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع،ما حرمونا من احتضان حلم الرجوع لتحرير القدس السليبة"!.


وأنا أقول في القدس المحتلة من في القدس! لكن لا أرى في القدس المغتصبة إلا الشهيد، أراه حي يستنهض همتي ويوصيني "ابق على العهد،تذكريني ولا مانع أن تحدثي بعد هذا الوجع كل الدنيا عني وعنك، فأنا أنظر إليك وأنت تنظرين إلي،وكلانا بدمائه ينزف،وأنا أي الشهيد وإن فارقت الحياة، فاني لم أمت،طيفي يناديك كل يوم،ويقول لك "أكملي مسيرة التحرير،تخيليني صلاح الدين الصغير الحي الشهيد،مثلما أتوسم فيك بأنك فلسطين الواقفة في حلق المحتلين، ابق وقفا إسلاميا يحاصر كل المندسين والمشككين ليس في جرحي وجرحك،بل في عدالة قضية فلسطين وعاصمتها القدس الذي يجب أن تتحرر بهمتك وهمة كل المجروحين من إعلاميين وكتاب وسياسيين ومقاومين والقائمة تطول..!  


فبيني وبين شهيد الزيتون والقناص الإسرائيلي قضية لا تقبل المساومة أو القسمة أو المزايدة..


الشهيد أوصاني لا تنسي القضية!



google-playkhamsatmostaqltradent