recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن المهلب بن أبى صفره ( الجزء الخامس )

ماذا تعرف عن المهلب بن أبى صفره ( الجزء الخامس )




كتب-محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس ومع المهلب بن أبى صفره، وقد وقفنا عندما لقى سلم بن زياد، سليمان بن مرثد وهو أحد بني قيس بن ثعلبة، فقال له، من خلفت على خراسان؟ قال المهلب، فقال له هل ضاقت عليك نزار حتى وليت رجلا من أهل اليمن، فولاه مرو الروذ والفارياب والطالقان والجوزجان، وولى أوس بن ثعلبة بن زفر هراة، ومضى فلما صار بنيسابور لقيه عبد الله بن خازم فقال له من وليت خراسان؟ فأخبره، فقال له أما وجدت في مضر رجلا تستعمله حتى فرقت خراسان بين بكر بن وائل ومزون عمان، وقال له اكتب لي عهدا على خراسان، فقال، أوالي خراسان أنا، قال اكتب لي عهدا وخلاك ذم، قال فكتب له عهدا على خراسان، قال فأعني الآن بمائة ألف درهم فأمر له بها، وأقبل إلى مرو، وبلغ الخبر المهلب بن أبي صفرة، فأقبل واستخلف رجلا من بني جشم بن سعد بن زيد مناة بن تميم. 

وقد وردت هذه الرواية لدى ابن الأثير، والذهبي، وهي توضح لنا مدى الفوضى والفراغ السياسي في الدولة بعد وفاة يزيد بن معاوية، مما أسهم في اضطراب أقاليم الأطراف أكثر فأكثر، وتأجج العصبية القبلية في البلاد عامة، وفي خراسان على وجه التحديد، ورفض القيسية قبول إمارة اليمانية، ونتيجة للأوضاع المضطربة أولا، ورغبة من المهلب أن ينأى بنفسه عن الصراعات القبلية ثانيا، فقد ترك خراسان بعد أن استخلف عليها وعاد إلى البصرة، وكان بعد وفاة الخليفه يزيد بن معاوية سنة أربعه وستين من الهجره، فقد طالب عبد الله بن الزبير بالخلافة ودعا إلى نفسه، فبايعه أهل الحجاز وأتته بيعة الكوفة والبصرة وخراسان واليمن ومعظم الشام، وفي سنة خمسه وستين من الهجره، قد عهد ابن الزبير إلى المهلب بولاية خراسان بعد أن زاره في مكة، وعند وصول المهلب إلى البصرة. 

وهو في طريقه لخراسان كانت المنطقة تعاني من هجمات متزايدة قام بها الأزارقة مستغلين أوضاع البلاد، وفي ذلك الوقت كانت تشكل خطرا كبيرا على الدولة، وكانت الأزارقة من أشد فرقهم بقيادة نافع بن الأزرق، والذي انضم مع أصحابه إلى ثورة ابن الزبير ثم فارقوه عندما لم يجدوه على رأيهم، وقد انتشر الخوارج في البصرة والأهواز وما وراء بلاد فارس حتى عظم أمرهم، ولما وصلت أخبار توجه الأزارقة إلى البصرة، أصاب أهلها الهلع، فرحل كثير منهم ولجأ قسم إلى الأحنف بن قيس لإنقاذ الأمر الذي ذهب بدوره إلى والي البصرة الحارث بن عبد الله، واتفقا على اختيار المهلب لحربهم لكنهم احتاروا في كيفية إقناع المهلب بالحرب إلى أن قاموا بالكتابة على لسان ابن الزبير، فأتي بذلك الكتاب فلما قرأه قال فإني والله لا أسير إليهم إلا أن تجعلوا لي ما غلبت عليه. 

وتعطوني من بيت المال ما أقوي به من معي، وأنتخب من فرسان الناس ووجوههم وذوي الشرف من أحببت، فوافق أهل البصرة على طلب المهلب، وجهز جيشه حتى طرد الأزارقة وأخرجهم من البصرة فلم يقاتلهم إنسان قط كان أشد عليهم ولا أغيظ لقلوبهم منه، وقد نقل مثل ذلك كل من ابن الأثير، وابن مسكوية، وذكرا بأن هناك كتابا كتب على لسان ابن الزبير، إلا أن البعض يخالف هذه الرواية، حيث يذكر البلاذري بأنهم طلبوا من المهلب أن يكتب هو إلى الزبير، ليجعله على حرب الخوارج فأجابهم إلى ذلك، وأما الدينوري فيذكر أن المهلب كان قد وصل خراسان، مما أعطاهم متسعا من الوقت لمراسلة ابن الزبير ليطلب من المهلب أن يخلف على خراسان رجلا ويسير إلى الخوارج، وكان المهلب بن أبى صفره قد ظهرت عليه علامات الشجاعة والذكاء وهو صبي.
 

وقد أنشد فيه المغيرة بن حبناء، فقال أمسى العباد لعمري لا غياث لهم إلا المهلب بعد الله والمطرهذا يجود ويحمي عن ديارهم وذا يعيش به الأنعام والشجر، وروي أنه قدم على عبد الله بن الزبير أيام خلافته بالحجاز والعراق وتلك النواحي وهو يومئذ ب مكة، فخلا به عبد الله يشاوره، فدخل عليه عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف بن وهب القرشي الجمحي فقال له، من هذا الذي قد شغلك يا أمير المؤمنين يومك هذا؟ فقال أو ما تعرفه؟ قال لا، فقال له هذا سيد أهل العراق، قال فهو المهلب بن أبي صفرة، فقال له نعم، فقال المهلب من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال له هذا سيد قريش، فقال المهلب فهو عبد الله بن صفوان، قال نعم، وقد ذكر المبرد في كتاب الكامل في أواخره في فصل قتال الخوارج وما جرى بين المهلب والأزارقة، وكانت ركب الناس قديما من الخشب، فكان الرجل يضرب بركانه فينقطع.

فإذا أراد الضرب والطعن لم يكن له معين أو معتمد، فأمر المهلب فضربت الركب من الحديد، فهو أول من أمر بطبعها وأخبار المهلب كثيرة، وفى النهايه قدعزل الحجاج أمية بن عبد الله عن خراسان واستعمل عليها المهلب بن أبي صفرة، وهو آخر من ولي خراسان من جهة الحجاج بن يوسف الثقفي، فقد كان أمير العراقين، وضم إليه الخليفه عبد الملك بن مروان خراسان وسجستان، فاستعمل على خراسان المذكور، وعلى سجستان عبيد الله بن أبي بكرة، فورد المهلب خراسان واليا عليها سنة تسع وسبعين للهجرة، ولم يزل المهلب واليا على خراسان حتى أدركته الوفاة هناك، ولما حضره أجله عهد إلى ولده يزيد وأوصاه بقضايا وأسباب، ومن جملة ما قال له، يا بني، استعقل الحاجب، واستظرف الكاتب، فإن حاجب الرجل وجهه وكاتبه لسانه، ثم توفي المهلب بن أبى صفره، في ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين للهجرة، بقرية يقال لها زاغول من أعمال مرو الروذ من ولاية خراسان.


google-playkhamsatmostaqltradent