recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

(ماذا تعرف عن غزوة بنى المصطلق؟ (الجزء السابع

الصفحة الرئيسية


(ماذا تعرف عن غزوة بنى المصطلق؟ (الجزء السابع




إعداد / محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء السابع مع غزوة بنى المصطلق وقد توقفنا عندما ضعفت قوة اليهود إلى حد كبير، فقد قتل أكابرهم بدءا بحيي بن أخطب وسلام بن مشكم أثناء غزوة بني قريظة، ومرورا باغتيال الزعيمين الجدد سلام بن أبي الحقيق واليسير بن رزام، ثم إنهم قد هوجموا في وادي القرى وفدك وهددوا تهديدا خطيرا، وفوق ذلك فقد فقدوا الكثير من أحلافهم في الجزيرة العربية بعد الحملات الإسلامية المتكررة هنا وهناك، فلقد كانت هذه الحملات بمنزلة تقطيع الأوصال ليهود خيبر تمهيدا للقاء فاصل يريح الناس من أذى اليهود، وكان نتيجة هذه الحملات العسكرية هنا وهناك سمع أهل الأرض بهذا الدين الجديد وهذه الدولة الإسلامية الحديثة، وتحولت الدعوة من المحلية إلى العالمية ومن الجزيرة العربية إلى القارات المختلفة، ومن العرب إلى كل أجناس الأرض والعناصر، وكان هذا الأثر العاشر لهذه الحملات الجهادية.


ولا شك أن هذه الآثار الكثيرة كانت تشير إلى أن هناك حدثا كبيرا ستمر به المنطقة سيكون له أبلغ الأثر في تغيير الأوضاع، وهو الانتقال إلى مرحلة جديدة تتبدل فيها موازين القوى في الجزيرة العربية، بل في العالم أجمع، وهى غزوة لم تكن طويلة الذيل ولا عريضة الأطراف من الناحية العسكرية إلا أنه قد وقعت فيها وقائع أحدثت البلبلة والاضطراب في المجتمع الإسلامي وأظهر فيها المنافقون صورا خطيرة من صور الخبث والتمرد والنفاق إنها غزوة بني المصطلق وسبب الغزوة أن زعيم بني المصطلق سار في قومه ومن قدر عليه من العرب يريدون حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم بريدة الأسلمي رضي الله عنه ليتحقق من الخبر فانطلق بريدة إلى الحارث بن أبي الضرار رئيس بني المصطلق فكلمه ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤكد له صحة الخبر وعزم القوم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن معه من المسلمين.


فندب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأسرع في الخروج فخرج معه جماعة من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قبلها فلما بلغ الخبر إلى بني المصطلق وتأكد لديهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تحرك بجيشه إليهم وكانوا قد أرسلوا جاسوسا ليأتيهم بخبر الجيش الإسلامي فألقى المسلمون عليه القبض وقتلوه خافوا خوفا شديدا وتفرق عنهم من كان معهم من العرب وأصابهم الرعب ودب في قلوبهم الخوف من تحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيشه إليهم فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكان يقال له المريسيع فيه ماء من مياههم تهيأ للقتال وصف صلى الله عليه وسلم أصحابه وأعطى الراية لأبي بكر الصديق وراية الأنصار لسعد بن عبادة فبدأت المعركة بالترامي بالنبل فتراموا بالنبل ساعة ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمل المسلمون على المشركين حملة رجل واحد فحملوا عليهم حملة رجل واحد.


فانهزم المشركون وقتل منهم من قتل وأسر منهم من أسر وسبى المسلمون نسائهم وذراريهم وأموالهم ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد قتله رجل من الأنصار ظنا منه أنه من العدو، وكان عندما قال‏ كبير المنافقين وزعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل‏، فقد قالوا‏‏ أنت يا رسول الله تخرجه منها إن شئت هو والله الذليل وأنت العزيز، ثم قالوا‏ يا رسول الله ارفق به، فوالله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه، يعني ليجعلوه ملكا عليهم فإنه يري أنك استلبته ملكا، ثم مشى صلى الله عليه وسلم بالناس يومهم ذلك حتى أمسى وليلتهم حتى أصبح وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس ثم نزل بالناس فلم يلبثوا أن وجدوا مس الأرض فوقعوا نياما،‏ فعل ذلك صلى الله عليه وسلم ليشغل الناس عن الحديث‏ ويصرفهم عن الافتتان والبلبلة والاضطراب،‏ أما ابن أبي فإنه لما علم أن زيد بن أرقم.


قد أوصل الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء وحلف بالله أنه ما قال هذا الكلام ولا تكلم به فلما حلف أنه ما قال قال بعض الأنصار يا رسول الله عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه ولم يحفظ ما قاله الرجل، وقال زيد فأصابني هم لم يصبني مثله قط فجلست في بيتي فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم برائتى فى القرآن الكريم، ‏فبعث، علي بن أبى طالب، إلى زيد ليقرأ عليه هذه الآيات فقرأها عليه وقال إن الله قد صدقك، وكان ابن هذا المنافق وهو عبدالله بن عبد الله بن أبي بن سلول رجلا صالحا فتبرأ من أبيه ووقف له على باب المدينة واستل سيفه وقال والله لا تجوز من هاهنا حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه العزيز وأنت الذليل فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم، أذن له وخلى سبيله.


وقال يا رسول الله إن أردت قتله فمرني بذلك فأنا والله أحمل إليك رأسه، وما إن انتهت هذه الواقعة، حتى وقعت واقعة أخرى أشد منها وأخطر إنها واقعة الإفك التي أربكت المدينة شهرا كاملا في عرض أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها، وقيل أن عائشة رضي الله عنها كانت قد خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة غزوة بني المصطلق بقرعة أصابتها فخرجت عائشة لقضاء لحاجتها ففقدت عقدا لأختها كانت أعارتها إياه فرجعت تبحث عنه في الموضع الذي فقدته فيه فجاء النفر الذين كانوا يحملون هودجها وهو البيت الصغير الذي يصنع من الحطب ويغطى بقطع من القماش ويوضع فوق الجمل فظنوها فيه فحملوا الهودج ولم ينكروا خفّته لأنها رضي الله عنها كانت خفيفة اللحم وأيضا فإن النفر لما تساعدوا على حمل الهودج لم ينكروا خفته ولو كان الذي حمله واحدا أو اثنين.


لم يخف عليهما الحال فلما رجعت إلى مكان الجيش بعد أو وجدت عقدها إذا بالمكان ليس به داع ولا مجيب، فقعدت في المكان وظنت أنهم سيفقدونها فيرجعون في طلبها فغلبتها عيناها فنامت، فلم تستيقظ إلا بقول صفوان بن المُعطل‏ "إنا لله وإنا إليه راجعون" زوجة رسول الله ‏؟‏ وكان صفوان في أخريات الجيش لأنه كان كثير النوم، فأناخ لها راحلته وما كلمها كلمة واحدة ولم تسمع منه إلا استرجاعه ثم سار بها يقودها حتى قدم بها فلحق الجيش فلما رأى الناس ذلك تكلم كل منهم بشاكلته وما يليق به فوجد الخبيث عبدالله ابن أبي بن سلول متنفسا له فأظهر سمومه ونفاقه وحقده فجعل يستجلي الأمر ويستوشيه ويشيعه ويذيعه وينشره بين الناس فلما قدموا المدينة أفاضوا في الإفك والكذب والبهتان ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم فلما كثرت الأقاويل والأراجيف أشار عليه بعضهم بأن يفارقها ويأخذ غيرها


وأشار عليه بعضهم بإمساكها فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يستعذر من عبد الله ابن أبي ويقول من يعذرني في رجل بلغ أذاه في أهل بيتي فأظهر أسيد بن حضير سيد الأوس رغبته في قتله فأخذت سعد بن عبادة، سيد الخزرج، وهي قبيلة ابن أبي الحمية القبلية، فجري بينهما كلام فخفضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سكتوا وسكت‏،‏ أما السيدة عائشة رضي الله عنها فقد مرضت بعد رجوعها شهرا كاملا ولم تعلم عن حديث الإفك شيئا ولم يخبرها رسول الله صلى الله ليه وسلم بشي، سوي أنها كانت لا تعرف اللطف الذي كانت تعرفه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نقهت من مرضها خرجت مع أم مسطح إلى البراز ليلا فعثرت أم مسطح في مرطها، فدعت على ابنها فاستنكرت ذلك عائشة منها فأخبرتها بالخبر وقصت عليها القصة وأعلمتها بما يدور بين الناس من الحديث عنها رضي الله عنها.


فرجعت عائشة واستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لتأتي أبويها فتستيقن الخبر فعرفت جلية الأمر فجعلت تبكي، فبكت لليلتين ويوما لم تكن تكتحل بنوم ولا يرقأ لها دمع حتى ظنت أن البكاء فالق كبدها، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم إلى بيت أهلها، فتشهد ثم قال‏ "أما بعد يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تاب إلى الله تاب الله عليه‏"‏‏ فقالت عائشة رضي الله عنها لأبيها أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال فقال أبوبكر والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لأمها أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال فقالت أمها والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم.



فقالت عائشة، والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم، وصدقتم به، فلئن قلت لكم‏، إني بريئة والله يعلم أني بريئة، لا تصدقونني ولئن اعترفت لكم بأمر، والله يعلم أني منه بريئة، لتصدقنى، والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا قول أبي يوسف، قال (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون)ثم تحولت فاضطجعت على فراشها، فنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسُرّى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك‏ فكانت أول كلمة تكلم بها‏ أن قال " ‏يا عائشة، أما الله فقد برأك‏" قالت، فقالت لي أمي،‏ قومي إليه‏، فقالت عائشة والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله عز وجل‏، وأنزل الله تعالى بشأن الإفك عشر آيات بدأها بقوله سبحانه وتعالى (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذى تولى كبره منهم له عذاب عظيم )‏ .


(ماذا تعرف عن غزوة بنى المصطلق؟ (الجزء السابع



 

google-playkhamsatmostaqltradent