recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن صلح الحديبية (الجزء الرابع)

 ماذا تعرف عن صلح الحديبية (الجزء الرابع)



إعداد - محمـــد الدكــــرورى


ونكمل الجزء الرابع مع صلح الحديبية، وهو صلح عقد قرب مكة في منطقة الحديبية التي تسمى اليوم الشميسي، وكان في شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة بين المسلمين وبين مشركي قريش بمقتضاه عقدت هدنة بين الطرفين مدتها عشر سنوات فنقضت الهدنة نتيجة اعتداء بني بكر على بني خزاعة، والشميسي وهى الحديبية، وهى قرية سعودية، تتبع محافظة بحرة في منطقة مكة المكرمة، حيث تبعد القرية عن المركز بحوالى ثمانى عشر كيلو متر باتجاه الجنوب الشرقي، ففي شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة، أعلن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنه يريد المسير إلى مكة لأداء العمرة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم، يخشى أن تتعرض له قريش بحرب أو يصدوه عن البيت الحرام، لذلك استنفر من حوله من أهل البوادي من الأعراب ليخرجوا معه، فأبطؤوا عليه، فخرج بمن معه من المهاجرين والأنصار.

 


وبمن لحق به من العرب، وقد كشف القرآن الكريم عن حقيقة نوايا الأعراب، فقال الله سبحانه وتعالى فى كتابة العزيز (سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا، يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم، قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا، بل كان الله بما تعملون خبيرا، بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك فى قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا ) وقد ذكر مجاهد أن الأعراب الذي عنتهم الآية هم أعراب جهينة ومزينة، وذكر الواقدي أن الأعراب الذي تشاغلوا بأموالهم وأولادهم وذراريهم هو بنوبكر و مزينة و جهينة، وقد أذن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في أصحابه بالرحيل إليها لأدائها وسار صلى الله عليه وسلم، بألف وأربعة مائة من المهاجرين والأنصار، وكان معهم سلاح السفر لأنهم يرغبون في السلام ولا يريدون قتال المشركين.


ولبسوا ملابس الإحرام ليؤكدوا لقريش أنهم يريدون العمرة ولا يقصدون الحرب، وما حملوا من سيوف إنما كان للحماية مما قد يعترضهم في الطريق، وعندما وصلوا إلى ذي الحليفة، أحرموا بالعمرة، وذو الحليفة،هو ميقات الإحرام لأهل المدينة والذين يمرون عليه من غير أهلها يحرمون منه، وهو من المواقيت التي حددها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويعتبر أبعد المواقيت عن مكة، ويقع المسجد على الجانب الغربي من وادي العقيق، في المنطقة المعروفة باسم أبيار علي، ويطلق عليه البعض مسمى مسجد أبيار علي، أو آبار علي، ويبعد عن المسجد النبوي قرابة أربعة عشر كيلومترا، وبني المسجد في عهد عمر بن عبد العزيز عندما ولي إمارة المدينة وكان ذلك عام سبعه وثمانين من الهجره، وقد جدد في العصر العباسي، ثم جدد في العصر العثماني وكان المسجد صغيرا جدا مبنيا من اللبن والحجارة. 


ولم يكن الحجاج والمعتمرون في المواسم يجدون راحتهم فيه، فأمر الملك فيصل بن عبد العزيز بتجديده وتوسعته، ومع زيادة عدد الحجاج والمعتمرين تم مضاعفة حجمه عدة أضعاف، وتزويده بالمرافق اللازمة، فأصبح المسجد محطة متكاملة للمسافرين، وذو الحليفة وهي تصغير الحلفة وهي مفردة نبات الحلفاء النبات المعروف، وكما عرف هذا المسجد بمسجد الشجرة لأن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عند خروجه إلى مكة للعمرة أو الحج كان ينزل تحت ظل شجرة في هذه الناحية يصلي، ثم يهل محرما يريد العمرة أو الحج، وكما يسميه البعض مسجد الميقات لانه أحد المواقيت الأمكنة الخمسة التي عينها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ليحرم منها من أراد الحج أو العمرة، ويسميه بعض العامة أبيار علي أو آبار علي، وهناك قولان لهذة التسمية وهي لأن الإمام علي بن ابى طالب، قد قاتل الجن بها. 


وعلى قول ابن تيمية فإن الجن لم يقاتلهم أحد من الصحابة ويدعي انه لا فضيلة لهذا البئر، ولا مذمة، ولا يستحب أن يرمى بها حجرا ولا غيره، وقال البعض أن سبب التسمية أبيار علي، إنما هو نسبة لعلي بن دينار والي دارفور في ذلك الوقت، الا أن هذا غير صحيح، فإن علي دينار وهو سلطان دارفور المنسوب ذلك الاسم له جاء إلى الميقات حاجا منذ حوالي مائة عام، فوجد حالة الميقات سيئة، فحفر الآبار للحجاج ليشربوا منها ويُطعمهم عندها، وجدد مسجد ذي الحليفة، ذلك المسجد الذي صلى فيه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو خارج للحج من المدينة المنورة، وأقام وعمّر هذا المكان، ولذلك سمي المكان بأبيار علي نسبة لعلي بن دينار، وإن الجواب الذي لا يختلف فيه اثنان، هو أن هذا الاسم معروف مذكور ومنثور في بطون الكتب قبل ولادة علي دينار بمئات السنين، فقد ذكره ابن تيمية فذو الحليفة هي أبعد المواقيت. 


بينها وبين مكة عشر مراحل، أو أقل أو أكثر بحسب اختلاف الطرق، فإن منها إلى مكة عدة طرق، وتسمى وادي العقيق، ومسجدها يسمى مسجد الشجرة، وفيها بئر، تسميها جهال العامة بئر علي، لظنهم أن عليا قاتل الجن بها، وهو كذب، فإن الجن لم يقاتلهم أحد من الصحابة، وعلي أرفع قدرا من أن يثبت الجن لقتاله، ولا فضيلة لهذا البئر، ولا مذمة، ولا يستحب أن يرمى بها حجرا ولا غيره، ثم نحن جديرون بإحياء ما نطق به النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بتسمية الميقات باسمه الذي سمّاه ذو الحليفة، وما بني على الاختلاف فينبغي أن يكون محل هجر وفراق، فلنهجر التسمية المكذوبة ولنستعمل ما خرج التلفظ به بين شفتي النبي صلى الله عليه وسلم ولنقل ذو الحليفة، فلما اقتربوا من مكة بلغهم أن قريشا جمعت الجموع لمقاتلتهم وصدهم عن البيت الحرام، فلما نزل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالحديبية. 


أرسل عثمان بن عفان إلى قريش وقال له"أخبرهم أنّا لم نأت لقتال، وإنما جئنا عمارا، وإدعهم إلى الإسلام، وأَمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات، فيبشرهم بالفتح، وأن الله عز وجل مُظهر دينه بمكة، فانطلق عثمان، فأتى قريشا، فقالوا إلى أين ؟ فقال بعثني رسول الله أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، ويخبركم أنه لم يأت لقتال، وإنما جئنا عمارا، قالوا قد سمعنا ما تقول، فانفذ إلى حاجتك" ولكن عثمان احتبسته قريش فتأخر في الرجوع إلى المسلمين، فخاف النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عليه، وخاصة بعد أن شاع أنه قد قتل، فدعا إلى البيعة، فتبادروا إليه، وهو تحت الشجرة، فبايعوه على أن لا يفروا، وهذه هي بيعة الرضوان، وقامت قريش بإرسال عروة بن مسعود الثقفي إلى المسلمين فرجع إلى أصحابه، فقال أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك كسرى وقيصر والنجاشي والله ما رأيت ملكا يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمدا.



google-playkhamsatmostaqltradent