البرزخ
بقلم-صابرقدح
إنا لله وإنا إليه راجعون يبكي من يبكي وينتحب من ينتحب .
الحاج مْبارك في ذمة الله .أربع بنات وولد وحيد قام مْبارك بتوريث ولده حفاظا على أرضه وبيته أن يذهب الى الغرباء كما يدّعي ويدّعي الجاهل من رجالاتنا.
طه يسابق الزمن في تجهيز الجنازة أخواته وصدرهن المكتوم تحت وطأة الموقف المهيب. أمام القبر وبعدما أدخلوه الى البرزخ ينتظره منكر ونكير يُجلسانه ويسألانه .من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ طه يقرأ الفاتحة للوالد ثم ينصرف الناس فالعزاء في الدوّار المخصص .
يستحث الخطى نحو البيت يفرغ حاوية الأوراق الخاصة بالعقارات وما آل إليه من أبيه بيعا وشراءا صوريا
أخواته بالدهليز الكبير يلطمن الخدود والصدور فى كتمان والمعزيات يمصمصن الشفايف في تشفٍ أو عزاءا حقيقيا فالحرمان من الوالد صعب ومن حقوقهن المشروعة فأولادهن منهم من يريد العفاف ومنهم من يريد المساندة في العمل.
والله حين وضع الإرث وضعه لحكمةوعدل مطلق.
العم مبارك في مأزق خلف تلك البوابة الصغيرة جدا يحاسب حسابا عسيرا .
من أنت حتى تحرم بناتك وأولادهن من فضل الله و أيات العذاب تتوالي ويرى مقعده من الجنة وقد أبدله الله له مقعدا في النار إن المال الذي أوتيت ليس عن علم لد يك أو عمل. وإنما هو من فضل الله يؤتيه من يشاء.
الثعبان الأقرع يصرخ في وجهه.
يستدعي طه أخواته على عجل . الناس و أولاد العمومةيستعجلونه لتَصدُّر مراسم العزاء والكل يسأل عنه وهو غيره أبهٍ إلا بما يفعل. إنه يجمع العقود وحلي أمه والأموال السائلة الموجودة .
وفي مخطط كان كل ما يُشغل باله وتفكيره منذ لحظة صعود روح أباه إلى بارئها يريد أن ينطلق في رحاب الأفق الجميل مستمتعا حقا بنعم الله عليه .يريد أن يفك الوثاق الذي توّق عنقه كل تلك السنين.
يتمطع الثعبان الأقرع في قبر العم مبارك فيحدث زلزالا قويا .
إن الله حرم الظلم على نفسه وجعله بينكم محرما في نفس اللحظة التي يسلط فيها سوط العذاب على العم مبارك كان طه قد أجمع كل أخواته وأمسك بعقود الإرث المبرمة بينه و بين أبيه. وضعها في وجههم وقال لهم. نفسي أعتقها من هذا الظلم وأبي أعتقه من عذاب الله وأنتم أعتقكم من الحسرةوالحرمان.
مزق العقود ودفع بالسائل من الأموال لكبير ليقسمها بينه وبين أخواته كما شرع الله .
والأن أقوم إلى أخذ العزاء في الوالد رحمة الله عليه.
يسكن الثعبان الأقرع ويختفي وتتبدل ظلمة القبر إلى روضة من رياض الجنة ويُريه الملكان مقعده من النار وقد أبدله الله به مقعدا في الجنة.
