recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

قرأت لك فن القصة القصيرة لرشاد رشدي

قرأت لك فن القصة القصيرة لرشاد رشدي
كتب -صابرقدح

القصة تروى خبرًا وليس كل خبر أو مجموعة من الأخبار تكون قصة ولكي تصبح قصة يجب أن تتوفر خصائص معينة أولها أن يكون  له أثر كلي 
وهذا الفن حديث العهد لم تعرفه الآداب الغربية إلا منذ حوالى قرن وهي لون من ألوان الأدب الحديث وقد بدأ من( مصنع الأكاذيب) بدأه (بوتشيو)في شكل أدبي اسماه (الفاشيتيا)
 أما المحاولة الثانية قام بها (جيوفاني بوكاتشيو) صاحب قصص الديكامرون  وعاشت قصص الديكامرون لأنها لاقت قدرا من العناية وكان يروى خبرا معينا يبرزه  ويفصله حتى يشغل إهتمام القارئ واستمرت أعواما عديدة يسلط الكاتب أضوائه على خاتمة مثيرة كالموت أو الفراق أو الزواج
 ‏ إلى أن  جاء (موباسان )في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وكان يكفيه أن يصور أفرادا عاديين في مواقف عادية كي يفسر الحياة تفسيرا سليما يبرز ما فيها من معاني خفية
 ‏ وكان إكتشافا خطيرا لأن تلائم القصة روح العصر أكثر  من إهتمامها باستكشاف الحقائق وهو ماتعبر عنه القصة القصيرة 
 ‏دون الرواية
وجاءت قصص موباسان مختلفة عن كل ما سبقها ورفض الناس الإعتراف بها ‏في بادئ الأمر ولكن الأيام غيرت هذا الرأي 
حتى قيل بعد موته(أن القصة القصيرة هى موباسان. وموباسان هو القصة القصيرة)
  وسجلت بإسمه كما يسجل المخترعون إختراعاتهم فالشكل الذي رسمه لها لم يأتي مصادفة وإنما مطابقا للأغراض التي كان يسعى لها ولروح العصر الذي يمثلها وتصور حدثا كاملا يجلو موقفا معينا
 أول مستلزمات القصة أن يكون لها أثرا كليا أي يجب أن يكون الخبر الذي ترويه تتصل تفاصيله 
 ‏وأن يكون للخبر بداية ووسط ونهاية وهنا يحدث التكامل ويطلق على نهايته بنقطة التنوير وهنا ليس كل خبر يروى قصة ولا مجموع أخبار متفرقة  تنتج أثرا كليا وإن أنتجت أثرا كليا ممكن أن تظل مجرد خبر لا يروي قصة. بل يجب أن تكون هناك البداية والوسط والنهاية أي تصور حدثا.  والمفروض أن القصة تصور حدثا متكاملا له وحدة
 ‏(كيف وأين ومتى ولم وقع الحدث)
 ‏ فلأجل أن تتحقق للحدث وحدته يجب أن ألايقتصر على تصوير الفعل دون الفاعل لأن الفعل والفاعل أوالحدث والشخصية شيء واحد لا يمكن تجزئته 
 ‏بناء القصة: الفعل والفاعل والمعنى وحدة واحدة فليس للفعل والفاعل قيمة إن لم يكشفا عن معنى. ولذلك هناك فرق بين القصص  التسجيلية والأدبية.
 ‏ ولذلك فإن الفعل والفاعل أو الحوادث والشخصيات يجب ان تقوم على خدمة المعنى من أولها الى أخرها
 ‏ الحوادث والشخصيات والمعنى كأعضاء الجسم الحي كل منها يقوم على خدمة الأخر علاقة عضوية وتصور حدثا كاملا يجلو موقفا معينا 
 ‏و كاتب القصة ينظر إلى الحدث من زاوية واحدة عكس الرواية تكون من عدة زوايا ويلقي ضوءا واحدا وليس عدة أضواء ولذلك فإن النهاية في القصة القصيرة تكتسب أهمية خاصة وفيها تتجمع خيوط الحدث كلها في نقطة واحدة ألا وهي لحظة التنوير :
 ‏يجب ألا تنتهي القصة قبل لحظة التنوير وتجوز في الرواية ولا تجوز في القصة.
 ‏الرواية تعتمد فى تحقيق المعنى على التجميع من المنبع إلى المصب أما القصة تعتمد على التركيز فتصور دوامة واحدة على سطح النهر لتنتج القصة 
 ‏نسيج القصة:
 ‏ كل ما في نسيج القصة من لغة ووصف وحوار وسرد يخدم الحدث ويجب على الكاتب أن يتحاشى تقرير المعنى في قصته ومن الخطأ أن يقرر الكاتب رأيا أو فكرة في سياق القصة إلا إذا جاءت على لسان أحد أبطال القصة وكانت لها علاقة بتطور الحدث .والتقرير من الأمور التي تعيب النسيج القصصي عيبا شديدا 
 ‏النقطة الثانية هى نقطة التقرير والتصوير ولقد اتضح ان القصة القصيرة سواء من ناحية البناء أو من ناحية النسيج إنما تهدف إلى تصوير حدث متكامل له بداية ووسط ونهاية فالبناء والنسيج شيء واحد لايتجزء ولحظة التنوير لا تقف منفصلة عن نسيج القصةو لايمكننا الفصل بين النسيج والبناء كذلك لا يمكننا الفصل بين الموضوع والشكل 
 ‏إذن القصة القصيرة هي وحدة مستقلة لها كيان ذاتي لا يمكن تجزئته وليست مجرد خبر أو مجموعة أخبار بل هى حدث ينشأ بالضرورة من موقف معين ويتطور إلى نقطة معينة يكتمل بها معنى الحدث
 قراءة صابر قدح


google-playkhamsatmostaqltradent