recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن الإيمان ومكارم الأخلاق

الصفحة الرئيسية

 ماذا تعرف عن الإيمان ومكارم الأخلاق 




إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن هذا الدين في جوهره مكارم أخلاق، لقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت معلما " رواه ابن ماجه، وقال صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وإن الفلاح  والنجاح والفوز والتفوق، والنجاة في تزكية النفس، وهل تزكية النفس إلا أن تحليها بمكارم الأخلاق؟ ومن أين نأتي بمكارم الأخلاق؟ فإن الأخلاق الصحيحة، الأصيلة، التي تسمو بصاحبها لا تكون إلا من طريق الدين لأن الله سبحانه وتعالى، عنده مكارم الأخلاق، فإذا أحب الله عبدا منحه خُلفا حسنا كما ورد في بعض الأحاديث، إن مكارم الأخلاق مخزونة عند الله تعالى، فإذا أحب الله عبدا منحه خلقا حسن، وإن الدين ومكارم الأخلاق هما شيء واحد لا يقبل أحدهما الانفصال عن الآخر، ومن دون دين لا يمكن أن تكون هناك أخلاق، ولا يمكن أن تكون هناك أخلاق إلا عن طريق الإيمان بالله عز وجل أولا، والإيمان بخلود النفس ثانيا، والإيمان بالحساب بعد البعث ثالثا، وعن ابن عباس رضى الله عنهما، النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال " أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم" رواه ابن ماجه، وعن سيدنا علي بن أبي طالب يقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "علموا أولادكم وأهليكم الخير وأدبوهم" 


وكلكم يعلم أنه من الولد على الوالد أن يحسن أدبه، وأن يحسن اسمه فالإنسان هو وحده الذي يستطيع أن يغرس هذه القيم في نفوس ذويه، وعلينا نحن جميعا كما ألزمنا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في قوله " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" فلست مسئولا عن الغذاء والكساء والدواء والدروس فقط فإن هذه أمور يتولاها الله، كما أنبأ في كتاب الله تعالى لكنك مسئول عن عباداته لله، وعن إيمانه الصادق في حضرة الله، وعن بلوغه درجة الإخلاص في كل عمل بحيث يعمل العمل لله لا يرجو الأجر من أحد سواه عز وجل وتعلمه الأخلاق الكريمة والقيم القرآنية العظيمة، فأنت وحدك الذي تسقيه احترام الكبار والعطف على الصغار، وأنت وحدك الذي تدربه على صلة الأرحام، وأنت وحدك الذي تعلمه حقوق الجيران، وأنت وحدك الذي تراقبه في الغدو والآصال، وتعلمه آداب الطريق، وحسن إختيار الصديق والرفيق، وعدم النظر الذي لا يحله الله تعالى وقد وضح ذلك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأخلاق القويمة، والقيم الإسلامية العظيمة، التى جعلها الدين أمانة في أعناقنا، وهي الأمانة العظمى التي يحاسبنا عليها الله تعالى فقال عز وجل فى كتابه الكريم فى سورة التحريم.


" يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " ولنا الوقفه مع المرأة التي كانت عند حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأعطتها السيدة عائشة رضى الله عنها تمرة وطلبت من إبنها إحضار شيئا وإن أحضره تعطيه تمرة، فأحضر الشيء وعاد فأعطتها له، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو لم تعطها له لكتبت عليك كذبة، ولحاسبك الله عز وجل عليها يوم القيامة" وهذا الرجل الذي ذهب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يشكو إبنه، ويقول يا أمير المؤمنين إن إبني عقني، والعقوق هو العصيان وعدم الطاعة والإحترام الواجب للآباء، فاستدعى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه الولد، وقال له لم عققت أباك؟ فقال يا أمير المؤمنين إن أبي عقني قبل أن أعقه، قال عمر بن الخطاب وكيف؟ قال الولد أن والدى لم يُحسن اختيار أمي، فأنا ابن أَمَة سوداء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " تخيروا لنطفكم فإن العرق دسّاس " ولم يُحسن اختيار إسمي، فسمّاني جُعلا، والجعل أى الجعران أو الخنفسة التي تعيش في الحجارة والتراب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "أحسنوا أسماء أبنائكم، فإنهم يُدعون بأسمائهم يوم القيامة" 


ولم يُعلمني كتاب الله، فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه " إذهب يا رجل، فقد عققته قبل أن يعقك" وإن هذه الحقوق قد تناسها الناس في زماننا، إذ أنت وحدك المكلف بها أنت وزوجك، لا تعتمد على غيرك، وإياك أن تقول أنا مثلي مثل الناس، لأن  النبي صلى الله عليه وسلم يحرّج من ذلك فقال "لا يكن أحدكم إمّعة، يقول إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساء الناس أسأت، ولكن وطّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساء الناس أن تحسنوا" فعليك أن تخرّج لهذا المجتمع أبناء بررة، أتقياء أنقياء أوفياء، يقومون بهذه القيم الإلهية التي نحن في أمّس الحاجة إليها الآن لإصلاح هذا المجتمع، فلا يوجد قانون في مجتمعنا لإجبار الخلق عليها، أو محاسبتهم عليها، إلا قانون رب العالمين سبحانه وتعالى، وذلك يوم الدين وأيضا أثر ذلك يعود علينا الآن، لأننا قد أصبحت حياتنا غير الحياة التي يرجوها الله لعباده المؤمنين، فحياة المؤمنين، حياة طيبة مباركة، فيها لطف وفيها أنس، وفيها هدوء، وفيها سكينة وفيها طمأنينة، وفيها بركة في الأرزاق، وفيها كرامة في الأخلاق، وفيها سعادة في الوفاق، فيكون المجتمع في أمن وأمان بالقيم الإيمانية التي أنزلها في القرآن، وكان عليها النبي العدنان صلى الله عليه وسلم.


وصحابته المباركين رضى الله عنهم أجمعين، فقد حدث في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان أميرا للمؤمنين، فقد قتل رجل رجلا واعترف بجُرمه وإن الإعتراف سيد الأدلة، وقدّم للمحاكمة، والقانون الإلهي وهو " من قتل يُقتل " فلما تأكد أنه مقتول لا محالة قدّم التماسا لأمير المؤمنين، قال " يا أمير المؤمنين، إن لي صبية صغار، ولي مال قد استودعته لا يعلم مكانه أحد غيري، فإذا مت ولم أخبرهم به لم يعرفوه، فأذن لي أن أذهب إليه لأعلمهم بموضع المال ثم أرجع إليك لتنفيذ عقوبة الله عز وجل، فقال عمر رضي الله عنه ومن يضمنك؟ فتفرّس في وجوه الحاضرين، وكان من أهل البادية ولا يعرف منهم أحدا، ثم نظر إلى أبي ذر رضي الله عنه وقال هذا يضمنني، فقال عمر رضي الله عنه لأبي ذر، هل تضمنه؟ قال نعم، قال على أنه إذا لم يعد تقتل مكانه، قال على أنه إذا لم يعد أقتل مكانه، فقال يا رجل، كم يكفِيك؟ قال ثلاثة أيام، فأجّل إقامة الحد إلى أن يعود هذا الرجل بعد ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث وبعد أذان العصر والقوم مجتمعون لإقامة الحد، والرجل لم يصل بعد، وأصبح الناس مشفقين على أبي ذر لأنه ضمن هذا الرجل ولا يعرفه، وإذا بهم يرون أسودة قادمة من بعيد وحولها غبار. 


فقالوا، انتظروا لعله يكون الرجل، فإذا بهم يجدون الرجل يأتي مسرعا ليوفى بعهده الذي عاهد عليه المؤمنين وأمير المؤمنين، فتعجّب القوم لأنه كان قد نجا من القتل، وقال له عمر بن الخطاب لِم رجعت بعد أن نجوت من القتل؟ فقال الرجل حتى  لا يقال لقد ضاع الوفاء بين الناس، فكان هذا الرجل حريص على أن يظل بين الناس خُلق الوفاء، فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لأبي ذر، ولم ضمنته ولم تعرفه؟ قال أبى ذر حتى لا يقال لقد ضاعت المروءة بين الناس وهذا أيضا حريص على أن تكون المروءة مستمرة في مجتمع المؤمنين، فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لأهل القتيل ماذا تيريدا فقال أهل القتيل عفونا عنه يا أمير المؤمنين حتى لا يقال لقد ضاع العفو العفو بين الناس، فكان المجتمع هو الذي يحرص على هذه القيم الإلهية، وهذه الأخلاق القرآنية كان الرجل ينتفض إذا وجد شابّا يُسيئ إلى أبيه، أو يُسيئ إلى أمه ولو كان ليس بينه وبيهم قرابة، لأنه لا يريد أن تسري هذه البلية إلى غيره من الشباب فتعم البلية كما عمّت في مجتمعنا الآن، وكان الرجل يقوم ثائرا إذا وجد ماشية لأحد جيرانه ترعى في حقل أحد آخر، ويعنفه ويوبخه ويؤنبه، لأنه كيف أباح لنفسه أن ترعى ماشيته في حقول جيرانه. 


مع أن آباءنا رحمة الله عليهم أجمعين كانوا يضعون  الكمامة على أفواه الماشية وهي سارحة حتى لا تتناول شيئا في طريقها، فإذا أطعمها في حقلها رد عليها الكمامة حتى ترجع إلى بيتها، لأنهم كانوا أحرص ما يكونون على اللقمة الحلال، فبها نعمة الأمن في الدنيا، وبها إجابة الدعاء وتحقيق الرجاء في الدار الآخرة، وكان الناس من قبل أنفسهم، لا يطلبون من أحد أن يتدخل، وإنما يتدخلون من ذوات أنفسهم إذا وجدوا فيما بينهم رجلين تخاصما، تجد الكل يسعى للإصلاح بينهم، لا يقول لِم أسعى ولم ينتدبني أحد؟ بل الكل ينتدب نفسه بنفسه، لأنهم سمعوا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول " ألا أدلكم على ما هو خير لكم من الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال إصلاح ذات البين، ألا إن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين" وكان الناس إذا رأى أحدهم رجلا يريد أن يهضم أخواته البنات من حقهم في الميراث، هذا يلومه، وهذا يذكره، وهذا يؤنبه، وكلهم حريصون عليه ويحرصون على أن تظل قيم الإسلام موجودة، لأنه إذا فقدت قيم الإسلام كان المجتمع كأنه غابة فيها نفر من اللئام، ينتشر فيها الظلم، وينتشر فيها  الكذب، وينتشر فيها الخداع، وينتشر فيها قول الزور. 

وغيرها من الأخلاق التي نراها الآن، ولا رجوع عنها إلا برجوعنا إلى قيم الإيمان، وقال صلى الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وقال صلى الله عليه وسلم " تجدون أقربكم مني منزلة يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا والموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " المؤمن إلف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف " وقد جعل رسول صلى الله عليه وسلم برنامج الإصلاح الإلهي للمجتمعات أن يبدأ من الأفراد قبل الجماعات، يبدأ بالإنسان أولا بإصلاح نفسه، وتقويمها على أخلاق كتاب الله، وقياسها بالأخلاق الكريمة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يبدأ بإصلاح أهل بيته، زوجته وولده وبناته، ثم بعد ذلك الأقرب فالأقرب، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البرنامج النوراني " إبدأ بنفسك ثم بمن تعول ثم الأقرب فالأقرب"


ماذا تعرف عن الإيمان ومكارم الأخلاق


google-playkhamsatmostaqltradent