recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن نبى الله يعقوب " الجزء الثالث "

الصفحة الرئيسية

 ماذا تعرف عن نبى الله يعقوب " الجزء الثالث "




إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع نبى الله يعقوب عليه السلام، وقد توقفنا عندما وصل يعقوب الغريب إلى أرض خاله لابان،  فسأل الناس متلطفا، أفيكم من يعرف لابان بن بتويل؟ فقالوا له، ومن منا لا يعرف لابان صهر إسحاق الرسول؟ إنه عميد بيئته، وشهاب قومه، وصاحب هذه القطعان التي تسيل بها هذه البطاح، فطلب من يرشده إلى مكانه، فإذا بنته راحيل مقبلة تغدو، فرحبت به وانطلقت معه إلى منزل والدها، وفيما هو في الطريق أحسن كأن اضطرابا بفؤاده، أو كأن طائرا طار من قلبه، أكان ذلك لرؤيته هذه الفتاة التي قد تكون أمله الذي يرجوه ونبوءته التي تنبأها له أبوه، وتأويل رؤياه التي رآها في الصحراء؟ أم كان قد اعتراه ما يعتري الطارق الغريب مقدما على أمر عظيم؟ قد يكون هذا أو يكون ذلك، ولكنه على كل حال ملك نفسه وأمسك بقوته ومشى بخطوات مطمئنة حتى التقى بخاله لابان، وما أن رآه حتى عانقه طويلا، واغرورقت عيناه بالدموع فرحا، ثم أحله من نفسه وأهله محلا رفيعا ومنزلة كريمة، ثم أفضى نبى الله يعقوب عليه السلام بما أرسله أبوه، وما يرجوه من الإصهار إليه، وأنه قد رأى راحيل ابنته فحلت من قلبه منزلة رجا أن تكون له بعدها زوجا، والسبب الكريم أو النسب الذي يربط بينه وبين خاله. 

فقال لابان له نعم ونعام عين، أي أفعل ذلك إكراما لعينك، قد أجبتك إلى سؤالك وأعنتك على مبتغى آمالك، ولكن على أن تقيم عندي سبع حجج، أي سبع سنين ترعى، تكون لك صداقا فيما تريد، وأنت طوال هذا العهد يكنفك مني جناح، ويظلك قلب عاطف رؤوم، فقبل يعقوب هذا الشرط، وأخذ يرعى الغنم، والأيام تدهن له بمعسول المُنى وتحيي في نفسه بوارق الآمال، وكانت راحيل صغرى بنتي لابان، وكانت أختها ليا تكبرها في السن، وإن كانت تليها في اعتدال الخلق وحسن التقاسيم، أي الجمال، ولم يكن في شريعة قومه أن يزوج الصغرى قبل الكبرى، ولكن نفسه لم تقبل أن تعيد يعقوب بن إسحاق عن راحيل، ومع ذلك فقد زوجه أولا بنته الكبرى، وبعد سبع سنين أخرى زوجه ابنته الصغرى، ووهب لهما أمتين تخدمانهما، ولكنهما آسرت يعقوب بهاتين الأمتين، ومع الأربع نساء، وهما ليا وراحيل والأمتين، فقد رزق الله عز وجل نبيه يعقوب عليه السلام، اثني عشر ابنا وهؤلاء هم الأسباط، وإن نبى الله يعقوب هو بشارة لإبراهيم الخليل عليه السلام من الملائكة، حيث أثبتوا له النبوة قبل خلقه، ثم إنهم جميعا صالحون يعبدون الله عز وجل، ويعملون الخير في الدنيا والآخرة بمشيئة الله تعالى، وإن أكثر ما تجلت قصة نبى الله يعقوب عليه السلام. 

مع ابنه يوسف عليه السلام، عندما رأى يوسف الرؤيا فعرف أن إخوان يوسف عليه السلام سيحسدونه ويكيدون له، ثم فعلوا بيوسف ما فعلوا، وصبر يعقوب وعدم تصديقه لهم، واستمر هذا الصبر مع شدة حزنه وألمه على فراق يوسف وثقته بالله بأن يوسف سيحفظه الله تعالى، ثم لحاق أخيه شقيقه به عند عزيز مصر، وزيادة حزنه وأسفه عليهما، فقال الله تعالى فى سورة يوسف " وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم، قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين، قال إنما أشكو بثى وحزنى إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون " ثم لقائه بيوسف عندما مكن الله ليوسف في الأرض، وذهابه مع كل أبنائه وأسرته إلى مصر، فتحققت رؤيا نبى الله يوسف عليه السلام، بعد زمن طويل، وإنه لا يمكن إنكار أن كثيرا من الإسرائيليات عرفت طريقها إلى التراث الإسلامى، خاصة فى الموضوعات التى ليس فيها تفصيلات كثيرة فى النص القرآنى، لحكمة ما، ومن ذلك ما ورد فى قصص الأنبياء وخاصة أنبياء بنى إسرائيل، ومن ذلك قصة نبى الله يعقوب ومن قبله والده النبى إسحاق عليهم السلام، وقد ذكر أهل الكتاب أن إسحاق لما تزوج من السيدة رفقا بنت بتواييل فى حياة أبيه، كان عمره أربعين سنة.

وأنها كانت عاقرا، فدعا الله لها فحملت فولدت غلامين توأمين، ويقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم، بأن أولهما سموه عيصو، وهو الذى تسميه العرب العيص وهو والد الروم، والثاني، خرج وهو آخذ بعقب أخيه فسموه يعقوب، وهو إسرائيل الذى ينتسب إليه بنو إسرائيل، وقالوا وكان إسحاق يحب العيصو أكثر من يعقوب لأنه بكره، وكانت أمهما السيدة رفقا تحب يعقوب أكثر لأنه الأصغر، فقالوا فلما كبر إسحاق وضعف بصره، اشتهى على ابنه العيص طعاما، وأمره أن يذهب فيصطاد له صيدا، ويطبخه له ليبارك عليه، ويدعو له، وكان العيص صاحب صيد، فذهب يبتغى ذلك، فأمرت رفقا ابنها يعقوب أن يذبح جديين من خيار غنمه، ويصنع منهما طعاما كما اشتهاه أبوه، ويأتى إليه به قبل أخيه ليدعو له، فقامت فألبسته ثياب أخيه، وجعلت على ذراعيه وعنقه من جلد الجديين، لأن العيص كان أشعر الجسد، ويعقوب ليس كذلك، فلما جاء به وقربه إليه، قال من أنت؟ قال له ولدك، فضمه إليه وجسه، وجعل يقول، أما الصوت فصوت يعقوب، وأما الجس والثياب فالعيص، فلما أكل وفرغ دعا له أن يكون أكبر إخوته قدرا، وكلمته عليهم وعلى الشعوب بعده، وأن يكثر رزقه وولده.

فلما خرج من عنده، جاء أخوه العيص بما أمره به والده، فقربه إليه، فقال له ما هذا يا بنى؟ فقال له هذا الطعام الذى اشتهيته، فقال له أما جئتنى به قبل الساعة وأكلت منه ودعوت لك؟ فقال لا والله، وعرف أن أخاه قد سبقه إلى ذلك، فوجد فى نفسه عليه وجدا كثيرا، وذكروا أنه تواعده بالقتل إذا مات أبوهما، وسأل أباه فدعا له بدعوة أخرى، وأن يجعل لذريته غليظ الأرض، وأن يكثر أرزاقهم وثمارهم، فلما سمعت أمهما ما يتواعد به العيص أخاه يعقوب، أمرت ابنها يعقوب أن يذهب إلى أخيها لابان الذى بأرض حران، وأن يكون عنده إلى حين يسكن غضب أخيه عليه، وأن يتزوج من بناته، وقالت لزوجها إسحاق أن يأمره بذلك، ويوصيه ويدعو له ففعل، فخرج يعقوب عليه السلام من عندهم، من آخر ذلك اليوم، فأدركه المساء فى موضع فنام فيه، أخذ حجرا فوضعه تحت رأسه ونام فرأى فى نومه ذلك معراجا منصوبا من السماء إلى الأرض، وإذا الملائكة يصعدون فيه وينزلون، والرب تبارك وتعالى يخاطبه ويقول له " إنى سأبارك عليك، وأكثر ذريتك، وأجعل لك هذه الأرض ولعقبك من بعدك" فلما هبّ من نومه فرح بما رأى، ونذر لله لئن رجع إلى أهله سالما ليبنين فى هذا الموضع معبد الله عز وجل، وأن جميع ما يرزقه من شيء يكون لله عشره. 

ثم عمد إلى ذلك الحجر فجعل عليه دهنا يتعرفه به، وسمى ذلك الموضع بيت إيل أى بيت الله، وهو موضع بيت المقدس اليوم، الذى بناه يعقوب بعد ذلك، وقالوا، فلما قدم يعقوب على خاله أرض حران، إذا له ابنتان اسم الكبرى ليا، واسم الصغرى راحيل، وكانت أحسنهما وأجملهما، فطلب يعقوب الصغرى من خاله، فأجابه إلى ذلك بشرط أن يرعى على غنمه سبع سنين، فلما مضت المدة على خاله لابان، صنع طعاما وجمع الناس عليه، وزف إليه ليلا ابنته الكبرى ليا، وكانت ضعيفة العينين قبيحة المنظر، فلما أصبح يعقوب إذا هى ليا، فقال لخاله لقد غدرت بى وأنت إنما خطبت إليك راحيل، فقال له إنه ليس من سنتنا أن نزوج الصغرى قبل الكبرى، فإن أحببت أختها فاعمل سبع سنين أخرى وأزوجكها، فعمل سبع سنين وأدخلها عليه مع أختها، وكان ذلك سائغا فى ملتهم، ثم نسخ فى شريعة التوراة، وهذا وحده دليل كاف على وقوع النسخ، لأن فعل يعقوب عليه السلام دليل على جواز هذا وإباحته، لأنه معصوم، ووهب لابان لكل واحدة من ابنتيه جارية، فوهب لليا جارية اسمها زلفى، ووهب لراحيل جارية اسمها بلهى، وجبر الله تعالى ضعف ليا بأن وهب لها أولادا، فكان أول من ولدت ليعقوب روبيل، ثم شمعون، ثم لاوى، ثم يهوذا. 

فغارت عند ذلك راحيل، وكانت لا تحبل، فوهبت ليعقوب جاريتها بلهى، فوطئها فحملت، وولدت له غلاما سمته دان، وحملت وولدت غلاما آخر سمته نيفتالى، فعمدت عند ذلك ليا فوهبت جاريتها زلفى، من يعقوب عليه السلام فولدت له جاد وأشير، غلامين ذكرين، ثم حملت ليا أيضا فولدت غلاما خامسا منها وسمته ايساخر، ثم حملت وولدت غلاما سادسا سمته زابلون، ثم حملت وولدت بنتا سمتها دينا فصار لها سبعة من نبى الله يعقوب عليه السلام، ثم دعت الله تعالى راحيل وسألته أن يهب لها غلاما من يعقوب، فسمع الله نداءها وأجاب دعائها، فحملت من نبى الله يعقوب، فولدت له غلاما عظيما شريفا حسنا جميلا سمته يوسف، وكل هذا وهم مقيمون بأرض حران، وهو يرعى على خاله غنمه بعد دخوله على البنتين ست سنين أخرى، فصار مدة مقامه عشرين سنة، فطلب يعقوب من خاله لابان أن يسرحه ليمر إلى أهله، فقال له خاله إنى قد بورك لى بسببك، فسلنى من مالى ما شئت، فقال له تعطينى كل حمل يولد من غنمك هذه السنة أبقع، وكل حمل ملمع أبيض بسواد، وكل أملح ببياض، وكل أجلح أبيض من المعز، فقال له نعم، فعمد بنوه فأبرزوا من غنم أبيهم ما كان على هذه الصفات من التيوس، لئلا يولد شيء من الحملان على هذه الصفات.


ماذا تعرف عن نبى الله يعقوب " الجزء الثالث "


google-playkhamsatmostaqltradent