recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن الأشتر النخعى " الجزء الثانى "

الصفحة الرئيسية

 ماذا تعرف عن الأشتر النخعى " الجزء الثانى "




إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع الأشتر النخعى، وهو مالك بن الحارث النخعي، وهو أحد الأشراف والأبطال المذكورين، وقد حدث عن عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وقد فقئت عينه يوم اليرموك، وكان شهما، مطاعا، زعرا، وقد ألب على عثمان بن عفان، وقاتله، وكان ذا فصاحة وبلاغة، فلا شك أن الإمام علي رضي الله عنه في توليته مالكا الأشتر قد لاحظ فيه سياسة ومصلحة فقد كان قائدا خبيرا، له قدرة على مواجهة أي هجوم على مصر، وكانت محل أنظار أهل الشام، ومرتعا لأهل الفتن فكانت في حاجة إلى قائد حازم كالأشتر، ثم كان من مصلحة توليته على مصر أيضا إبعاده عن قومه، وأهل شوكته في الكوفة، فيتقي بذلك بعض ما كان يخشاه من فتنته لو بقي بين قومه، فلذا لم يوله قبل ذلك على البصرة القريبة من قومه، وأبعده إلى الموصل، وأما توليته لمحمد بن أبي بكر الصديق على مصر، فلثقته في محمد لأنه ربيبه، فقد تربّى في حجره، فلا يخشى من قبله فتنة، وقال ابن حجر رحمه الله، محمد بن أبي بكر الصديق، وأمه أسماء بنت عميس الخثعمية، وقد ولدته في طريق المدينة إلى مكة، في حجة الوداع، وقد نشأ محمد في حجر الإمام علي رضى الله عنه. 


لأنه كان تزوج أمه السيدة أسماء بنت عميس، وربما لاحظ الإمام علي رضي الله عنه أن تولية محمد بن أبي بكر سيكون فيه تسكين لنفوس أهل الفتن من أهل مصر،لأن من الشروط التي تروى أنه تراضى عليها عثمان رضي الله عنه مع أهل مصر قبل مقتله، هو أن يولي عليهم محمد بن أبي بكر، وقال ابن كثير رحمه الله، وقد ذكر ابن جرير أن المصريين لما وجدوا ذلك الكتاب مع البريد إلى أمير مصر، فيه الأمر بقتل بعضهم، وصلب بعضهم، وبقطع أيدي بعضهم وأرجلهم، وكان قد كتبه مروان بن الحكم ، على لسان عثمان بن عفان متأولا قوله تعالى فى سورة المائدة " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم " وكان عنده أن هؤلاء الذين خرجوا على أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضى الله عنه، من جملة المفسدين في الأرض، ولا شك أنهم كذلك، لكن لم يكن له أن يفتات على عثمان، ويكتب على لسانه بغير علمه، ويزور على خطه وخاتمه، ويبعث غلامه على بعيره بعد ما وقع الصلح بين عثمان وبين المصريين.


وهو على تأمير محمد بن أبي بكر على مصرن فالحاصل أن الإمام علي رضي الله عنه من أكابر الصحابة رضي الله عنهم وأفضلهم، فلا يشك فيه بمثل هذه الأحداث المحتملة، التي لها أوجه من الحق، والسياسة، والمصلحة الشرعية، وفي ولاية الأشتر النخعى هذا على مصر قبل محمد بن أبي بكر الصديق اختلاف كثير فقد حكى جماعة كثيرة من المؤرخين وذكروا ما يدل على أن ولاية محمد ابن أبي بكر كانت هي السابقة بعد عزل قيس بن سعد بن عبادة وجماعة قدموا ولاية الأشتر هذا ولكل منهما استدلال قوي والذين قدموا الأشتر هم الأكثر‏، والأشتر اسمه مالك بن الحارث وقال أبو المظفر في مرآة الزمان‏، وقد‏ قال علماء السيرة،‏ لما اختل أمر مصر على محمد ابن أبي بكر الصديق وبلغ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال‏‏ ما لمصر إلا أحد الرجلين صاحبنا الذي عزلناه عنها ويعني قيس بن سعد بن عبادة، أو مالك بن الحارث، ويعني الأشتر، وهذا مما يدل على أن ولاية محمد بن أبي بكر الصديق كانت هي السابقة اللهم إلا إن كان لما اختل أمر مصر على محمد عزله علي رضي الله عنه بالأشتر ثم استمر محمد ثانيا بعد موت الأشتر على عمله حتى وقع من أمره وهذا هو أقرب للجمع بين الأقوال لأن الأشتر توفي قبل دخوله إلى مصر والله أعلم. 


وكان علي بن أبى طالب رضى اله عنه حين انصرف من صفين رد الأشتر إلى عمله على الجزيرة وكان عاملا عليها فكتب إليه وهو يومئذ بنصيبين‏ "‏سلام عليك يا مالك فإنك ممن استظهرتك على إقامة الدين أو قمع به نخوة الأثيم وأسد به الثغر المخوف وكنت قد وليت محمد بن أبي بكر مصر فخرجت عليه بها خوارج وهو غلام حدث السن غر ليس بذي تجربة للحرب ولا مجرب للأشياء‏، فاقدم علي لننظر في ذلك كما ينبغي واستخلف على عملك أهل الثقة والنصفة من أصحابك والسلام " فأقبل الأشتر على الإمام علي رضي الله عنه فأخبره بحديث محمد بن أبى بكر، وما جرى عليه وقال‏ ليس لها غيرك فاخرج رحمك الله فإني إن لم أوصك اكتفيت برأيك فاستعن بالله على ما أهمك واخلط الشدة باللين وارفق ما كان الرفق أبلغ واعتزم بالشدة حين لا يغني عنك إلا الشدة‏،‏ فخرج الأشتر من عند الإمام علي وأتى رحله وتهيأ للخروج إلى مصر‏، وكتب عيون معاوية إليه بولاية الأشتر على مصر فشق عليه وعظم ذلك لديه وكان قد طمع في مصر وعلم أن الأشتر متى قدمها كان أشد عليه فكتب معاوية إلى الخانسيار وهو رجل من أهل الخراج وقيل كان دهقان القلزم. 


ويقول‏‏ إن الأشتر واصل إلى مصر قد وليها فإن أنت كفيتني إياه لم آخذ منك خراجا ما بقيت فأقبل لهلاكه بكل ما تقدر عليه فخرج الخانسيار حتى قدم القلزم فأقام به‏،‏ وخرج الأشتر من العراق يريد مصر حتى قدم إلى القلزم فاستقبله الخانسيار فقال له‏ انزل فإني رجل من أهل الخراج وقد أحضرت ما عندي‏،‏ فنزل الأشتر فأتاه بطعام وعلف وسقاه شربة من عسل جعل فيها سما فلما شربه مات وبعث الخانسيار من أخبر بموته معاوية‏، فلما بلغ معاوية وعمرو بن العاص موت الأشتر قال عمرو بن العاص‏‏ إن لله جنودا من عسل‏، وقال ابن الكلبي عن أبيه‏‏ لما سار الأشتر إلى مصر أخذ في طريق الحجاز فقدم المدينة فجاءه مولى لعثمان بن عفان يقال له نافع وأظهر له الود وقال له‏‏ أنا مولى عمر بن الخطاب فأدناه الأشتر وقربه ووثق به وولاه أمره‏، فلم يزل معه إلى عين شمس بمصر، فلما وصل إلى عين شمس تلقاه أهل مصر بالهدايا وسقاه نافع المذكور العسل فمات منه‏، وقال ابن سعد‏‏ إنه سم بالعريش وقال الصوري‏ صوابه بالقلزم وقال أبو اليقظان‏‏ كان وحكي عن عبد الله بن جعفر قال‏‏ كان الإمام علي قد غضب على الأشتر وقلاه واستثقله فكلمني أن أكلمه فيه فقلت‏‏ يا أمير المؤمنين وله مصر فإن ظفروا به استرحت منه فولاه‏،‏ وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها قد دعت عليه.


فقالت‏ اللهم ارمه بسهم من سهامك‏‏، وقد اختلفوا في وفاة الأشتر فقال ابن يونس‏،‏ مات مسموما سنة سبع وثلاثين‏ من الهجرة، وقال هشام‏‏ سنة ثمان وثلاثين في شهر رجب وكان الأشتر شجاعا مقداما وقصته مع عبد الله بن الزبير مشهورة وقول ابن الزبير بسببه‏ اقتلاني ومالكا واقتلا مالكا معي حتى صار هذا البيت مثلا، وقال ابن قيس‏ دخلت مع عبد الله بن الزبير الحمام وإذا في رأسه ضربة لوصب فيها قارورة لاستقر فقال‏‏ أتدري من ضربني هذه الضربة قلت‏ لا، قال ابن عمك الأشتر النخعي‏،‏ وقال أبو بكر بن أبي شيبة‏‏ أعطت السيدة عائشة رضي الله عنها لمن بشرها بسلامة ابن أختها عبد الله بن الزبير لما لاقى الأشتر عشرة آلاف درهم وقيل أن الأشتر دخل بعد ذلك على السيدة عائشة رضي الله عنها فقالت له‏‏ يا أشتر أنت الذي أردت قتل ابن أختي يوم الوقعة فأنشدة الطويل أعائش لولا أنني كنت طاويا ثلاثا لألفيت ابن أختك هالكا غداة ينادي والرماح تنوشه بأخر صوت‏ اقتلاني ومالكا فنجاه مني أكله وسنانه وخلوة جوف لم يكن متمالكا الصديق رضي الله عنه على مصر ولكن هو محمد بن أبي بكر الصديق واسم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة. 


واسم أبي قحافة عثمان وقد أسلم أبو قحافة يوم الفتح فأتى به ابنه أبو بكر الصديق إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقوده لكبر سنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏ " لم لا تركت الشيخ حتى نأتيه إجلالا لأبي بكر رضي الله عنه‏" وأبو قحافة المذكور ابن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي وكنية محمد بن أبى بكر وهو أبو القاسم وأمه السيدة أسماء بنت عميس الخثعمية ومولده سنة حجة الوداع بذي الحليفة في عقب ذي القعدة فأراد أبو بكر أن يرذ أسماء إلى المدينة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏‏ مرها أن تغتسل وتهل وكان محمد هذا في حجر علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما تزوج أمه السيدة أسماء بعد وفاة أبي بكر الصديق رضى الله عنه، فتولى تربيته ولما سار علي إلى وقعة الجمل كان محمد هذا معه على الرجالة ثم شهد معه وقعة صفين ثم ولاه مصر فتوجه إليها ودخلها في النصف من شهر رمضان سنة سبع وثلاثين من الهجرة فتلقاه قيس بن سعد المعزول عن ولاية مصر وقال له‏ يا أبا القاسم إنك قد جئت من عند أمير لا رأي له وليس عزله إياي بمانعي أن أنصح لك وله وأنا من أمركم هذا على بصيرة.


ماذا تعرف عن الأشتر النخعى " الجزء الثانى "


google-playkhamsatmostaqltradent