recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن نبى الله أيوب " الجزء الثانى "

الصفحة الرئيسية

 ماذا تعرف عن نبى الله أيوب " الجزء الثانى "




إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع نبى الله أيوب عليه السلام، وهو من الأنبياء المنصوص على الإيحاء إليهم في القرآن الكريم فى سورة النساء، وكما قال علماء التفسير والتاريخ وغيرهم، أنه كان نبى الله أيوب عليه السلام رجلا كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه من الأنعام والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة بأرض الثنية من أرض حوران، وكانت كلها له، وكان له أولاد وأهلون كثير، فسُلب منه ذلك جميعه وابتلى في جسده بأنواع من البلاء، ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر الله عز وجل بهما، وهو في ذلك صابر محتسب، ذاكر الله عز وجل في ليله ونهاره، وصباحه ومسائه، وطال مرضه حتى عافه الجليس، وأَوحش منه الأنيس، وأخرج من بلده، وانقطع عنه الناس ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، كانت ترعى له حقه وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه، وتعينه على قضاء حاجته، وتقوم بمصلحته، وضعف حالها، وقل مالها، حتى كانت تخدم الناس بالأجر لتطعمه وتقوم بأوده رضي الله عنها وأرضاها، وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد، وما يختص بها من المصيبة بالزوج، وضيق ذات اليد، وخدمة الناس بعد السعادة والنعمة والخدمة والحرمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.


فقال الله تعالى على لسان نبيه داود عليه السلام فى سورة الأنبياء " أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين " ويقول ابن القيم رحمه الله أنه جمع في هذا الدعاء بين حقيقة التوحيد، وإظهار الفقر والفاقة إلى ربه، ووجود طعم المحبة في المتملق له، والإقرار له بصفة الرحمة وأنه أرحم الراحمين، والتوسل إليه بصفاته سبحانه، وشدة حاجته وهو فقره، ومتى وجد المبتلى هذا كشف عنه بلواه، وقد قيل أنه من قالها سبع مرات، ولا سيما مع هذه المعرفة كشف الله ضره، وتأمل أدبه مع ربه حين لم ينسب الضر إلى الله سبحانه وتعالى مع أنه هو المقدّر له، وكيف عرض برفع البلاء ولم يصرح به، تأدبا مع ربه سبحانه وتعالى وإنه بعد الصبر والدعاء وحسن الظن بالله وتوقع الفرج أذن الله سبحانه للبلاء أن يرفع، فأوحى إلى نبيه أيوب عليه السلام أن يقوم من مقامه، وأن يضرب الأرض برجله، ففعل فأنبع الله عينا، وأمره أن يغتسل منها فأذهب جميع ما كان في بدنه من الأذى، ثم أمره فضرب الأرض في مكان آخر فأنبع له عينا أخرى، وأمره أن يشرب منها فأذهبت ما كان في باطنه من السوء وتكاملت العافية ظاهرا وباطنا، كما قال الله تعالى فى سورة ص " اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب " وإن في بلاء نبى الله أيوب عليه السلام سلوة لكل مبتلى، وبيان لمنهج التعامل مع البلاء. 


وذلك أن المؤمن منهي عن تمني البلاء، وإن وقع فليس له إلا الصبر بأن يحبس القلب عن الجزع، واللسان عن الشكوى، والجوارح عن إظهار التسخط، وليثق بقرب الفرج له، وأن اختيار الله تعالى له خير من اختياره لنفسه، وليلحّ على ربه بالدعاء وطلب الفرج فاستخراج عبودية الدعاء من أجل مقاصد البلاء، وقد مرّ محمد بن علي بمحمد بن المنكدر قال ما لي أراك مغموما؟ فقال أبو حازم ذلك لدَين قد فدحه, قال محمد بن علي أفتح له في الدعاء؟ قال نعم، فقال لقد بورك لعبد من حاجة أكثر فيها دعاء ربه كائنة ما كانت، وقال أبو الدرداء، من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له، ومن يكثر الدعاء يوشك أن يستجاب له، وفي بلاء نبى الله أيوب عليه السلام أمل يلوح سناه بين جهام البلاء المتلبد فلا تأسر لحظة شدته الحاضرة أمل الفرج المتيقن الذي يعقبه، فما بعد العسر إلا اليسر، وما بعد الشدة إلا الفرج، فقال الله تعالى فى سورة الشرح " فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا " وفرج الله سبحانه وتعالى بحر لا تحيط الظنون بمسارب وروده، فبلاء ممض طاولت أيامه ثمان عشرة سنة رفعه الله بحركة قدم، وفي ضراعة نبى الله أيوب عليه السلام تجلية لأعظم ما يخفف وطأة البلاء، وذلك باستشعار قرب المولى عز وجل، وتذكر دنو رحمته وكريم لطفه، فدخل محمد بن المنكدر على عون بن عبد الله في مرضه. 


فلما رأى محمد وجعه ترقرقت عيناه بالدموع حتى دمعتا, فكشف عون وجهه فقال ما شأنك يا أبا عبد الله؟ قال رأيت شكواك، قال حسبي ربي عز وجل, هو عدتي لكل كربة, وصاحبي عند كل شدة, ووليي في كل نعمة، وتلمح عقبى الأجر وحسن العاقبة بلسم يداوى به ألم البلاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض " رواه الترمذي، وفي بلاء نبى الله أيوب عليه السلام ذكرى لكل عابد أن الصبر والاستكانة والثبات والتواضع لله سبحانه وتعالى حال الأزمات هو أسباب يُتنزل بها رحمة أرحم الراحمين، لتكون العاقبة الفرج والمخرج والراحة، فيقول الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة يوسف " لقد كان فى قصصهم عبرة لأولى الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل كل شىء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون " ونبى الله أيوب عليه السلام، هو أيوب بن موص بن رزاح بن العيص بن إسحق بن إبراهيم الخليل، وكان أيوب رجلا كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه، من الانعام والعبيد والمواشي، والاراضي المتسعة، وكان له أولاد وأهلون كثير، فسلب منه ذلك جميعه، وابتلى في جسده ، ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه، يذكر الله عز وجل بهما.


وكان وهو في ذلك كله صابر محتسب، ذاكر لله عز وجل في ليله ونهاره وصباحه ومسائه، وهكذا أصبح نبى الله أيوب مريضا بعد أن كان في صحة وعافية، وأصبح فقيرا بعد أن كان غنيا، وأصبح وحيدا بعد أن كان يزدحم مجلسه بالمقربين ويملك العبيد والخدم، ولما سئل عن ذلك قال"عارية الله استردها ووديعة كانت عندنا فأخذها، نعمنا بها دهرا، فالحمد لله على ما أنعم، وسلبنا إياها اليوم فله الحمد معطيا وسالبا، نافعا وضارا، وهو مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، ثم خر أيوب ساجدا لله " ولقد طال مرضه عليه السلام، حتى انقطع عنه الونيس، وقاطعه الأهل والإخوان، وجفاه الأصحاب والخلان، ولكنه مع ذلك، ظل محتسبا عند الله صبره، ومفوضا لله أمره، فإنه ابتلاء واختبار من الله تعالى، والمؤمن إذا نزل به بلاء صبر واحتسب عند الله صبره، فعن مصعب بن سعد عن أبيه قال، قلت يا رسول الله أى الناس أشد بلاء؟ فقال صلى الله عليه وسلم " الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل فيبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه وإن كان فى دينه رقة ابتلى على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض ما عليه شئ " رواه الترمذى، وهكذا لم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته.


كانت ترعى له حقه، وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه، وتعينه على قضاء حاجته، وتقوم بمصلحته، وضعف حالها وقل مالها حتى كانت تخدم الناس بالأجر، لتطعمه وتقوم بأوده، رضى الله عنها وأرضاها، وهى صابرة معه على ماحل بهما من فراق المال والولد، وما يختص بها من المصيبة بالزوج، وضيق ذات اليد وخدمة الناس، بعد السعادة والنعمة والخدمة والحرمة، وإن نبى الله داود عليه السلام من سلالة نبى الله إبراهيم عليه السلام وكان من النبيين الموحى إليهم، وكان أيوب ذا مال وأولاد كثيرين ولكن الله ابتلاه في هذا كله فزال عنه، وابتلي في جسده بأنواع البلاء واستمر مرضه ثمانى عشر عاما اعتزله فيها الناس إلا امرأته صبرت وعملت لكي توفر قوت يومهما حتى عافاه الله من مرضه وأخلفه في كل ما ابتلي فيه، ولذلك يضرب المثل بأيوب في صبره وفي بلائه، وروي أن الله تعالى يحتج يوم القيامة بأيوب عليه السلام على أهل البلاء، فقد ضربت الأمثال في صبر هذا النبي، فكلما ابتلي إنسانا ابتلاء عظيما أوصوه بأن يصبر كصبر أيوب عليه السلام، وقد أثنى الله تبارك وتعالى على عبده أيوب في محكم كتابه فقال تعالى " إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب " والأوبة هي العودة إلى الله تعالى، وقد كان نبى الله أيوب دائم العودة إلى الله بالذكر والشكر والصبر.


وكان صبره سبب نجاته وسر ثناء الله عليه، والقرآن يسكت عن نوع مرضه فلا يحدده، وقد نسجت الأساطير عديدا من الحكايات حول مرضه، وكثرت الروايات والأساطير التي نسجت حول مرض أيوب، ودخلت الإسرائيليات في كثير من هذه الروايات، فقيل أن نبى الله أيوب عليه السلام كان ذا مال وولد كثير، ففقد ماله وولده، وابتلي في جسده، فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة, فرفضه القريب والبعيد إلا زوجته ورجلين من إخوانه، وكانت زوجته تخدم الناس بالأجر، لتحضر لأيوب الطعام، ثم إن الناس توقفوا عن استخدامها، لعلمهم أنها امرأة أيوب، خوفا أن ينالهم من بلائه، أو تعديهم بمخالطته، فلما لم تجد أحدا يستخدمها باعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير، فأتت به أيوب، فقال من أين لك هذا؟ وأنكره، فقالت خدمت به أناسا، فلما كان الغد لم تجد أحدا، فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضا، وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام؟ فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقا، قال في دعائه " رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين" وحلف أن يضربها مائة سوط إذا شفى، وقيل أن امرأة أيوب أخبرته أنها لقيت طبيبا في الطريق عرض أن يداوي أيوب إذا رضي أن يقول أنت شفيتني بعد علاجه، فعرف أيوب أن هذا الطبيب هو إبليس.


ماذا تعرف عن نبى الله أيوب " الجزء الثانى "


google-playkhamsatmostaqltradent