recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن نبى الله أيوب " الجزء الثالث "

الصفحة الرئيسية

 ماذا تعرف عن نبى الله أيوب " الجزء الثالث "




إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع نبى الله أيوب عليه السلام، وقد توقفنا عندما قيل أن إمرأة أيوب أخبرته أنها لقيت طبيبا في الطريق عرض أن يداوي أيوب إذا رضي أن يقول أنت شفيتني بعد علاجه، فعرف أيوب أن هذا الطبيب هو إبليس، فغضب وحلف أن يضربها مائة ضربة، وأما ما كان من أمر صاحبي نبى الله أيوب عليه السلام، فقد كانا يغدوان إليه ويروحان, فقال أحدهما للآخر، لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنه هذا البلاء, فذكره الآخر لأيوب, فحزن ودعا الله، ثم خرج لحاجته وأمسكت امرأته بيده فلما فرغ أبطأت عليه, فأوحى الله إليه أن اركض برجلك, فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل منها فرجع صحيحا, فجاءت امرأته فلم تعرفه, فسألته عن أيوب فقال إني أنا هو, وكان له أندران، أحدهما للقمح والآخر للشعير, فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض, وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض، وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله لعيه وسلم قال "بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه يا ‏‏ أيوب ‏ ‏ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك" ومعنى رجل جراد ‏أي جماعة جراد، فلما عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ، وهو عود دقيق. 


فيضربها ضربة واحدة لكي لا يحنث في قسمه وبذلك يكون قد بر في قسمه، ثم جزى الله عز وجل نبيه أيوب عليه السلام، على صبره بأن آتاه أهله، فقيل أنه أحيى الله أبناءه، وقيل أنه آجره فيمن سلف وعوضه عنهم في الدنيا بدلهم، وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة، وقد ذكر بعض العلماء أن الله تعالى رد على امرأته شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ولدا ذكرا، وإن هذه هى أشهر رواية عن فتنة نبى الله أيوب عليه السلام وصبره، ولم يذكر فيها أي شيء عن تساقط لحمه، وأنه لم يبقى منه إلا العظم والعصب، فإننا نستبعد أن يكون مرضه منفرا أو مشوها كما تقول أساطير القدماء وكما نستبعد ذلك لتنافيه مع منصب النبوة، ويجدر التنبيه بأن دعاء نبى الله أيوب عليه السلام لربه " أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب " قد يكون القصد منه شكوى أيوب عليه السلام، لربه والسبب هو جرأة الشيطان عليه وتصوره أنه يستطيع أن يغويه، ولا يعتقد نبى الله أيوب أن ما به من مرض قد جاء بسبب الشيطان، وهذا هو الفهم الذي يليق بعصمة الأنبياء وكمالهم، وقد روى الطبري أن مدة عمره كانت ثلاثا وتسعين سنة فعلى هذا فيكون عاش بعد أن عوفي عشر سنين, والله أعلم، وأنه عليه السلام أوصى إلى ولده حومل، وقام بالأمر بعده ولده بشر بن أيوب.


وهو الذي يزعم كثير من الناس أنه ذو الكفل فالله أعلم، وإن فى قَصصِ الأنبياء والرسل الخاصة بهم أو مع قومهم " عبرة لأولى الألباب " فهى عبرة لأهل العقول الراجحة، وهم أهل الخير الذين تنالهم بالاقتداء الكرامة، أما أهل الشر المصرين على شرهم فتنالهم الإهانة، ومن فعل مثل فعلهم ناله ما نالهم من كرامة أو إهانة، والقرآن الذي قص الله به عليكم من أنباء الغيب ما قص ما كان حديثه مختلقا، وإنما هو تصديق للكتب السابقة، يوافقها ويشهد لها بالصحة، ويفصل كل شئ يحتاج إليه العباد من أصول الدين وفروعه، ومن الأدلة والبراهين، وهو هدى ورحمة لقوم يؤمنون، فإنهم بسبب ما يحصل لهم به من العلم بالحق وإيثاره يحصل لهم الهدى، وبما يحصل لهم من الثواب العاجل والآجل، الرحمة، وإن نبى الله أيوب عليه السلام هو الشخصية الرئيسية في سفر أيوب في الكتاب العبري ويعتبره الكتاب العبري نبيا، وقد ورد ذكره في القرآن وهو أيضا دائما ما يضرب به العرب المثل في الصبر فيقولون " يا صبر أيوب " ويُعتبر نبى الله أيوب عليه السلام هو أحد أنبياء الأديان الإبراهيمية، اليهودية، والمسيحية والإسلام " وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " فيقول البشر عن صبر أعظم الصابرين، إنه كصبر أيوب، إذ ذهب أيوب مثالا على الصبر فى كل زمان.


وقد ذكر الله سبحانه وتعالي قصة نبى الله أيوب عليه السلام وابتلاء الله له بأنواع المحن إذ دعا ربه بخشوع وتضرع ، فقال يارب أني قد نالني البلاء والمرض والشدة والكرب العظيم ، فكان له مال كثير وأولاد، أذهب الله المال وأهلك الأولاد فصبر سيدنا أيوب ، ثم سلط الله سبحانه وتعالى المرض والبلاء الشديد علي جسمه فصبر أيضا وحين مر عليه قومه قالوا ما أصابه كل هذا إلا أنه ارتكب الذنوب العظيمة، فقال لهم أيوب إن بى قلبا شاكرا وحامدا لله وجسدا على البلاء صابرا، عندئذ تضرع إلى الله عز وجل وتوسل إليه أن ينجيه من هذا العذاب فكشف الله عنه ضره، وحين قال يارب أنت أرحم الراحمين فارحمني ووصف نفسه بالضعف والعجز ووصف ربه القادر بالرحمة، أجاب الله تضرعه وقبل دعاءه وأزال ما أصابه من ضر وبلاء " وأيوب إذ نادى ربه أني مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين" ويقول ابن مسعود رضي الله عنه لقد مات أولاده السبعة من الذكور ومثلهم من الإناث، فلما عوفى ولدت له زوجته سبعة بنين وسبع بنات وعوضه الله خيرا، ولقد فعل الله به ذلك من أجل رحمته به بعد امتحانه وابتلائه ليكون عبرة لغيره من المؤمنين المتقين الصالحين ليصبروا كما صبر نبى الله أيوب عليه السلام، ويقول بعض العلماء أن أيوب عليه السلام مكث فى البلاء ثماني عشرة سنة.


وكان الشيطان كلما يرى أيوب عليه السلام شاكرا لله يزداد غيظه، بعد أنحدار أيوب من قمة الثراء إلى شدة الفقر، وقد شكر نبى الله أيوب ربه وخر ساجدا له وقال إن الله يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، فلم يجد الشيطان أمامه إلا أولاد أيوب فأباحهما الله له لكى يثبت الله له أن أيوب عبد مؤمن خالص الإيمان، فمات أولاد أيوب جميعا، وهنا سجد لله، وقال فله الحمد معطيها وسالبها، وعاد الشيطان يدعو الله ويقول إن أيوب لم يزل صابرا لأنه معافى فى جسده ولو أنك سلطتني يارب على بدنه فسوف يكف عن صبره، ونزل المرض على جسد أيوب وظل على صبره وشكره لله تعالى، يحمد الله على أيام الصحة ويحمده سبحانه وتعالى على بلاء المرض، فهو يشكر الله في الحالتين، فإزداد غيظ الشيطان فلم يعرف ماذا يفعل فهو يريد إغواء نبى الله أيوب وإخراجه من صبره وشكره لله بأى طريقة، وعندما يئس من إغواء نبى الله أيوب عليه السلام فقد فكر الشيطان أن يملأ قلب إمرأة أيوب باليأس، حتي ذهبت إلى زوجها، وقالت له حتى متى يعذبك الله، فأين المال والأولاد والصديق والرفيق وأين شبابك وعزك القديم، لو دعوت الله عز وجل رحمك مما أنت فيه، فقال لها كم لبثنا في الرخاء، فقالت ثمانين سنة، فقال لها أيوب عليه السلام إني لأستحي من الله أن أدعوه وما مكثت في بلائي المدة التي مكثتها في رخائي. 


وقال لها لقد بدأ إيمانك يضعف، وضاق بقضاء الله قلبك لئن برئت وعادت إلي القوة لأضربنك مائة عصا وحرام بعد اليوم أن آكل من يديك طعاما أو شرابا أو أكلفك أمرا فاذهبي عنى، وذهبت زوجته وبقي نبى الله أيوب عليه السلام وحيدا صابرا يحتمل ما لا يحتمله الجبال، ونبى الله أيوب عليه السلام هو العبد الصالح الذي ابتلي بأنواع البلاء الشديد فصبر، وأخيراً فزع سيدنا أيوب عليه السلام إلى الله داعيا الله أن يشفيه فاستجاب له الله ويقول الله تعالى " وأيوب إذا نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر" فقد نادى نبى الله أيوب ربه متضرعا خاشعا متوسلا إليه قائلا إني مسني الشيطان بمشقة وألم شديد في بدني وأصبت في مالي وأهلي وهنا يقول تعالى " واذكر عبدنا أيوب إذ نادي ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب" فمد الله إليه يد مساعدته وأرشده إلى أن يضرب الأرض برجله فضربها فتفجرت أمامه عينا ماء فأمره الله أن من عين يغتسل ومن عين يشرب فقال تعالى " أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب " فذهب ما كان بجسده وذهب كل مرض كان بداخل جسمه، وشفي ظاهره وباطنه ومتعه الله بصحته وماله وقواه حتى كثر نسله وذلك جزاء لصبره ، فقال تعالى "ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب" 


فقد وهبه الله أضعاف ثروته كرما من عنده ، فلم يعد نبى الله أيوب عليه السلام فقيرا، وعادت إليه صحته بعد طول المرض وشكر أيوب الله تعالى، وكان قد أقسم أن يضرب أمراته مائة ضربة بالعصا عندما يشفى، وها هو قد شفى، فكان الله سبحانه وتعالى يعلم أنه لا يقصد ضرب امرأته ولكي لا يرجع في قسمه أو يكذب فيه، فقد أمره الله أن يجمع حزمه من أعواد الريحان عددها مائة ويضرب بها امرأته ضربة واحدة، وبذلك يكون قد نفذ قسمه ولم يكذب، وإن نبي الله أيوب عليه السلام لا يكاد يذكر إلا ويقترن به اسم السيدة رحمة زوجته، وربما يحدث هذا في أغلب سير أنبياء الله تعالى وزوجاتهم إلا أن نبي الله أيوب عليه السلام وزوجه ارتبطا بمصير واحد طوال فترة حياتهما فلا تكاد تذكر قصة واحد منهما إلا وتذكر قصة الآخر معه دون قصد أو تعمد فهما وجهان لعملة واحدة وبطلان لقصة واحدة وشريكان لحياة واحدة استمرت لأكثر من تسعين عاما تقاسما فيها حياة الترف والثروة والصحة والهناء ثم كابدا معا حياة من نوع آخر ربما لا يستطيع أحد تحملها أو حتى تخيلها، فإن هذه الزوجة الرحيمة الحنونة تذكر دوما وبقوة وتعتبر مضربا للأمثال لامرأة اشتد بها البلاء وطال بها الشقاء فتعلمت الصبر حتى تعلم الصبر من شدة صبرها عليه، إنها رحمة زوجة نبي الله أيوب عليه السلام.


ماذا تعرف عن نبى الله أيوب " الجزء الثالث "


google-playkhamsatmostaqltradent