recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن نبى الله أيوب " الجزء الرابع "

الصفحة الرئيسية

 ماذا تعرف عن نبى الله أيوب " الجزء الرابع "




إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع نبى الله أيوب عليه السلام، وهو من الأنبياء المنصوص على الوحي إليهم فكان يأتيه وحي الله وروحه الأمين جبريل عليه السلام، وكان صاحب رسالة وأمانة لم يفرط فيهما أبدا فيقول تعالى في كتابه الكريم في سورة النساء " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب" وإن قصة نبي الله أيوب هي قصة الابتلاء والصبر والإنعام بعد ذلك والفضل وهي أيضا بمثابة دلائل لرحمة الله عز وجل الذي يجزي من صبر ويعطي لمن شكر ويكافئ من ينجح في الاختبار ويصبر على هول الأقدار، ويقال ان أم نبى الله أيوب عليه السلام هي ابنة نبي الله لوط عليهما السلام وإنه من ذرية إبراهيم ويأتي ذلك في سورة الأنعام، فيقول الله تعالى " ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون " فكان أيوب رجلا كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه فكان لديه الأنعام والدواب والمواشي والعبيد والأراضي المتسعة والثروة الوفيرة وكان له زوجة جميلة ذات خلقة حسنة وشعر طويل كانت تجعله ضفيرتين جميلتين يضرب بهما الأمثال وقد اختلف العلماء في اسم زوجة نبى الله أيوب فمنهم من يقول ان اسمها "ليا بنت يعقوب" وقيل إنها رحمة بنت أفراييم وهذا الاسم هو الأكثر شيوعا. 

وكان للسيدة رحمة ثلاثة عشر ولدا، وكانت رفيعة القدر عالية المكانة يخدمها العبيد والخدم، ورغم شدة ثرائها ووفرة نعمة الله عليها لم يساورها الكبر أبدا ولا الغرور بل كان شكرها يزيد كلما تزيد نعم الله عليها ولكن الحياة لم تدم هكذا وبدأت الاختبارات تتوالى وبدأ أبناء السيدة رحمة يموتون واحدا تلو الآخر فماتوا جميعا وهي بذلك أكثر من مات لها من الأولاد وبدأت ثروة زوجها تتناقص حتى تلاشت وبدأت المواشي والدواب تنفق هي الأخرى وتموت وأصبحت الأرض الواسعة بورا فلم يعد هناك مال ولا طعام يكفيهم وابتعد الأهل والأصدقاء ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل بدأت علامات المرض الشديد تظهر على سيدنا أيوب حتى أقعده المرض ونال من كل أعضائه فلم يعد لديه سوى عضوين سليمين هما قلبه ولسانه أما سائر الأعضاء فأصيبت وتهتكت، ويرجح المفسرون أنه أصيب بمرض جلدى نادر أقرب ما يكون إلى مرض الجدري الآن، ومع قلة الدواء واشتداد الفقر ازداد المرض سوءا وشدة، فما هو موقف الزوجة هل حنقت وغضبت وتركت وفرت هاربة بشبابها وجمالها وتركت زوجها لمرضه، وإن كان الأمر كذلك لما خلد ذكراها وضرب بها المثل في الصبر على الزوج ومرضه وعلى الفقر وشدته وعلى الذل بعد العزة، إنها فكرت ماذا تفعل هل تجوع هي وزوجها؟ 

فلم يعد أحد يعطي لهما مالا ولا طعاما فوجدت أنه من غير المعقول أن يستمر الحال على ما هو عليه فقررت أن تعمل خادمة كي تجد المال الذي تطعم به زوجها ونفسها وهي السيدة المصانة التي كانت تخدم من أكثر من مئة خادمة ولكنها اختبارات الحياة فكانت السيدة رحمة تعمل يوما طويلا شاقا وفي نهايته تأخذ مالا قليلا لا يكاد يكفي لشراء وجبة طعام واحدة تقسمها مع زوجها فيأكلان معا ويحمدان الله على ما رزقهما رغم قلته، ثم كانت بعد ذلك تعتني بزوجها وتصلح من شأنه وتعينه على قضاء حاجته ثم تفرش له فرشته التي لم تكن إلا رمادا أو رملا حتى ينام عليه وتنام هي أيضا حتى تستقبل يوما شاقا جديدا، وفي أحد الأيام الشاقة وبعد أن أنهت السيدة رحمة عملها في أحد البيوت واشترت الطعام وعادت في طريقها إلى زوجها المريض تعرض لها شخص ما، بدا وكأنه طبيب فقال لها إنني طبيب مستعد أن أشفي زوجك على أن يقول انني شفيته ولا أحد سواي فجاءت السيدة رحمة إلى زوجها أيوب وأخبرته بما حدث لها، فعرف نبى الله أيوب عليه السلام أنه الشيطان جاء متخفيا في صورة طبيب يريد أن ينسب فضل الشفاء لنفسه ولا شفاء إلا من عند الله فعلم نبى الله أيوب ذلك فغضب من زوجته غضبا شديدا فأقسم أنه لو شفي ليضربنها مئة ضربة. 

وقد اشتد المرض على نبى الله أيوب وسرت شائعة أن مرضه مرضا معديا لذلك اتفق أهل البلدة أن يخرجوه خارجها ويضعوه في مكان مهين، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من اخوته كانا من أخص إخوانه له كانا يغدوان إليه ويروحان فقال أحدهما لصاحبه تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين، فقال صاحبه وما ذاك قال منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه ربه فيكشف ما به " وكان الشيطان يوسوس لخلصائه القلائل الذين بقوا على وفائهم له ووصل بهم الأمر إلا أنهم حدثوه بذلك فجزع نبى الله أيوب عليه السلام كثيرا فاشتد همه ومرضه، وقد وصف العلماء فى عصرنا الحديث مرض نبى الله أيوب فقيل إن مرض نبى الله أيوب عليه السلام كان عبارة عن فقاعات صغيرة وحبيبات تظهر على مناطق معينة من الجلد مثل الظهر والبطن والسطح الخارجى للذراعين، وتصحبها حكة شديده ويضيف أنه كما لوحظ وجود ارتباط بين ظهور مرض أيوب وحدوث اضطراب فى الأمعاء الدقيقة ناتج عن عدم تحمل المرضى للأطعمة، التى تحتوى على دقيق القمح، وبدراسة المكون المسبب وجد أنه مادة بروتينية تسمى جلوتن، وعادة ما تتحسن حالة المريض إذا امتنع عن تناول الأطعمة. 

التى يدخل فى تركيبها دقيق القمح مثل الخبز والمكرونة والجاتوه ويشير إلى أن مرض نبى الله أيوب يعتبر من أمراض المناعة الذاتية، ويعالج المرض بأحد مشتقات السلفا مثل الدايسون أو السلفا بايريدين، ويلاحظ الأطباء المعالجون سرعة استجابة المريض لتلك العقاقير، حيث تختفى الحكة فى غضون أيام قليلة، ثم يزول الطفح فى حدود عشرة أيام من بدء العلاج، وما أصاب نبى الله أيوب من الضر لم يكن بالصفة المنفرة التي يصوره بها القصاص والأخباريون الذين نقلوا ذلك من الإسرائيليات وأهل الكتاب الذين حرفوا كتبهم المنزلة، وتفاقمت الحالة بالسيدة رحمة وانتشرت شائعة عدوى مرض زوجها وخشيت البيوت على نفسها من المرض فرفضت أن تستخدمها وأغلقت الأبواب أمامها وكانت ضفائر السيدة رحمة ذات صيت كبير في بيت الأغنياء ومعروفة لديهم بأنها الجميلة ذات الشعر الطويل فلما ضاقت الأحوال في وجهها لم تجد سبيلا إلى أن تبيع إحدى ضفائرها لسيدة من السيدات الأغنياء التي طالما ألحت عليها في ذلك، وقبضت زوجة أيوب ثمن بيع إحدى ضفائرها وجاءت بطعام طيب كثير إلى زوجها فتعجب أيوب من ذلك وسألها من أين لك بهذا الطعام الغالي الثمن؟ 

فلم تخبره ولكنها طلبت منه أن يدعو ربه فأجابها أيوب بأنه يستحي من الله سبحانه وتعالى الذي أحياه ثمانين عاما بلا داء ولا مرض فقال لها الحمد لله الذي جعل لي لسانا ذاكرا وقلبا خاشعا وجاء اليوم التالي ففعلت مثلما فعلت اليوم الذي قبله فباعت ضفيرتها الثانية، باعت شعرها وتاج جمالها من أجل أن تطعم الزوج والحبيب، يا لها من لحظات عصيبة مرت بتلك السيدة العظيمة التي لم يستطع اليأس أن يتسرب إلى نفسها ولا القنوط أن يدق بابها بل ظلت مؤمنة صابرة محتسبة وقدمت كل ما تملك حتى ضفائرها، ولم تعرف السيدة رحمة ما سوف تفعله غدا أو كيف سيؤول الحال بها فلا عمل يطلبها ولا شعر لديها تبيعه ويا عجب ما شعرت به أنها شعرت براحة غريبة ورضا عن نفسها وما صنعته من أجل زوجها ولعل غدا يأتيها الله بالفرج القريب، وعندما أتت السيدة رحمة إلى زوجها بطعام طيب كاليوم السابق أعاد نبي الله سؤاله عليها مرة أخرى مستفسرا عن مصدر المال واستنكر الطعام وحلف ألا يأكله حتى تخبره من أين لها بهذا الطعام فأبت السيدة رحمة أن تتكلم ولكنها كشفت عن غطاء رأسها فنظر نبى الله أيوب إلى رأسها ويا هول ما رأى، رأى شعر زوجته وزينة رأسها وقد حلق واختفى فتأثر نبى الله أيوب أيما تأثر وهنا، هنا فقط دعا نبى الله أيوب ربه. 

وإن هذا الموقف يدل على حب نبي الله أيوب لزوجته فهو لم يدع لنفسه ولكن دعا عندما رأى أن مرضه قد أثر عليها إلى هذا الحد، ولم يزد هذا كله أيوب عليه السلام إلا صبرا واحتسابا، وحمدا وشكرا، حتى إن المثل ليضرب بصبره عليه السلام، ويضرب المثل أيضا بما حصل له من أنواع البلايا، وقد مكث في بلواه ثماني عشرة سنة، وقال السدي، أنه عليه السلام تساقط لحمه حتى لم يبق إلا العظم والعصب، فكانت امرأته تأتيه بالرماد تفرشه تحته، فلما طال عليها قالت يا أيوب، لو دعوت ربك لفرَّج عنك، فقال قد عشت سبعين سنة صحيحا، فهل قليل لله أن أصبر له سبعين سنة؟ فجزعت من هذا الكلام، وكانت تخدم الناس بالأجر وتطعم أيوب عليه السلام، ثم إن الناس لم يكونوا يستخدمونها لعلمهم أنها امرأة أيوب، خوفا أن ينالهم من بلائه أو تعديهم بمخالطته، فلما لم تجد أحدا يستخدمها عمدت فباعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير فأتت به أيوب فقال من أين لك هذا؟ وأنكره، فقالت خدمت به أناسا، فلما كان الغد لم تجد أحدا فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به، فأنكره وحلف لا يأكله، حتى تخبره من أين لها هذا الطعام؟ فكشفت خمارها عن رأسها، فلما رأى رأسها محلوقا هنا دعى الله عز وجل، وقد ذكر ابن جرير وغيره من علماء التاريخ أن أيوب عليه السلام، لما توفي كان عمره ثلاثا وتسعين سنة، وقيل إنه عاش أكثر من ذلك


ماذا تعرف عن نبى الله أيوب " الجزء الرابع "


google-playkhamsatmostaqltradent