recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ويسالونك عن ما نصبو إليه ؟؟ بقلم يحي خليفة

الصفحة الرئيسية

 

ويسالونك عن ما نصبو إليه ؟؟ بقلم يحي خليفة

ويسالونك عن ما نصبو إليه ؟؟

 بقلم يحي خليفة

  

نحن..المصريين.. نريد الحرية والديمقراطية والتقدم والرخاء والاستقرار.. ونحقق ذلك بالعمل والإرادة وتنحية الخلافات المجتمعية. فى هذه الإجابة.. تكمن مشاعر حالمة رومانسية.. لكنها مراهقة سياسياً.. غير جادة اقتصادياً.. وسطحية اجتماعياً.

 ففى كل المجتمعات التى حلقت فى سماء البسيطة.. فصنعت نماذج يحتذى بها.. فى كل مجالات الدولة.. لم تكن لتكلل تجاربهم بالنجاح.. إلا بإجابات عميقة وتفصيلية على هذه الأسئلة.

 فلا يمكن أن نعول على الدستور فحسب فى ذلك.. فقد يحدد نظامنا السياسى والأطر القانونية المنظمة للمجتمع.. لكن بطبيعة الحال فى جمود الدساتير.. لا يمكن أن نركن إلى النظرة الفلسفية لجماعتنا البشرية.. لوأد التيه الذى ضرب مجتمعنا منذ عقود.

 نعم.. قد تخلل التيه لحظات استفاقة.. فى محاولة قوية وجادة لإيجاد الإجابة.. عبر جمعيات عمومية انعقدت فى ميدان التحرير خلال السنوات القليلة الماضية.. فى مشاهد هي الأروع فى تجسيد موجات توافق العقل الجمعي المصري.. التى شرعت فى تبديد قوى الظلام التى استنفرت عبر أبواق التجهيل.. لممارسة هوايتهم المعتادة فى نشر التيه مصحوباً بجرعات اليأس.. لتعظيم الفتور والتبلد.. ليتيبس المجتمع.. فينكمش فى طموحاته.. ويندم على لحظات الاستفاقة التى تؤكد على أصالة معدنه.

 فدعونا نمر على تجربة اليابان.. كنموذج فى كيفية الإجابة على الأسئلة.. فالمفارقة أن اليابانيين قد استعانوا بالتجربة المصرية قبل العدو نحو مسيرتهم الناجحة.. عندما كانت مصر منبراً للحضارة ملهماً لشعوب الأرض.. لا أقصد الحضارة القديمة فحسب التى تعود لآلاف السنين.. وإنما كشعلة للحداثة أشاعت فكراً وعلماً للإنسانية.

 ففى عهد الإمبراطور «ميجى» أرسلت اليابان بعثة «الساموراى» -الذين كانوا أكثر الطبقات تنويراً وتعليماً فى ذاك الوقت- إلى مصر عام 1862م.. للوقوف على أسباب نهضتها وتقدمها.. وكانت البعثة قد وصلت إلى ميناء السويس.. واستقل أعضاؤها اختراعاً حديثاً يسمى القطار متوجهين به إلى القاهرة.. فلم تكن اليابان قد عرفت بعد السكة الحديد.. كما لم تكن على دراية بـ«التلغراف» الذي أثار دهشتهم.. لينبهروا بالدولة الحديثة التى تمكن محمد على باشا من بنائها منذ أوائل القرن التاسع عشر.

 اليابان قد تعرضت فى نهايات الحرب العالمية الثانية لهزيمة نكراء.. أدت لكوارث مفجعة.. فجنحت توقعات السياسيين إلى فقد الأمل فى قدرة هذه الدولة على أن تقف على قدميها من جديد.. كيف لا وقد صارت دول العالم الثالث أفضل حالاً منها.. فى ظل هزيمة نكراء.. وخسائر بشرية فادحة.. ودمار غير محدود.. فلم تكن النتيجة أن انصاع اليابانيون لموت دولتهم.. فبعد عقود قليلة من نهاية الحرب العالمية الثانية.. صارت اليابان من أكبر الاقتصاديات فى العالم.. ومن أهم وجهات التقدم والرقى بين شعوب الأرض قاطبة.. ومثالاً رائعاً لإرادة الشعوب والتحدي.

 فمن يبحث فى سر ما صنعه اليابانيون.. ببساطة سيجد أنهم كجماعة بشرية قد توافقوا بعقلهم الجمعى على إجابات تفصيلية للأسئلة الثلاثة.. فالتفاصيل تدور فى فلك وبدافع الرد على هزيمة وإهانة أمة.. بنهوض عظيم يجبر التاريخ أن ينسخ ماضي الانكسار.. ليسطر قصص الانتصار.. واعتمدوا فى ذلك على بناء المواطن.. الذى كرسه نظام التعليم المتطور.

 فالتجربة اليابانية لم تكن نتاج عمل هين.. إنما خطة إصلاحية لم يضعها الحكام فحسب.. إنما ساهم فيها جميع أبناء الشعب.. فآمنوا بها وكانوا على قلب رجل واحد.. يعملون كخلايا النحل.. منظمين وملتزمين كطوابير النمل.. فيبنون ويعمرون ويستثمرون فى الإنسان قبل الأرض.

 فكما استلهمت اليابان من التجربة المصرية من قبل.. دعونا نستلهم هذه الروح الوطنية القتالية.. فنكون جميعاً فى حالة اصطفاف وطني.. وإجماع فكرى.. وتوحد فى الأهداف.. واجتهاد فى الوسائل.. لنصل فى النهاية.. إلى تجربة نجاح بصبغة مصرية.. فنعالج التحديات بأطر مجتمعية متوافق عليها من جماعتنا البشرية.. فجيل الشباب الذي أنتمي إليه قد صنع ثورات مجيدة.. لكننا فى حاجة للانتباه.. إلى أننا ننساق دائماً خلف البحث عما لا نريد.. لكن علينا أن نجيب عن الأسئلة.. فنعرف ماذا نريد وكيف نحقق تطلعات المستقبل.. لأن مصر لن تنجح إلا بإرادة أبناءها.



google-playkhamsatmostaqltradent