recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

بيكاليو

 بيكاليو 

بقلم:داليا السبع



حاول الذهاب إلى غرفته لتهدئة نفسه في محاولة للنوم لكنه سمع صوت أبيه: 
حبيبتي أنا أحتاجك ، أنا لا أعرف طمعاً للحياة دونك يتحدث بحزن شديد .. طرقت الباب لأستأذن للدخول .. 
مابك يا أبي؟  هل أنت على ما يرام ؟ 
يطيل النظر إليّ صامتا. 
أمك ... أريدها ... ثم يصمت وأنا أنظر له في صمت 
في يده صورتها ، يهمس لها ، يقربها من أذنيه ، وكأنها تحدثه ويحدثها ، وينظر لي مرة أخرى ثم يستطرد في الحديث :
عندما كبرت وأصبحت رجلا ...
في مقتبل الحياة ، كنت معدماً بثياب رثة مهترئة ، لحية طويلة وشارب لافت وبشع ، مرات قليلة قصصت فيها كل هذه الفوضى، فدائماً يغلبني يأسي فيحني لي ظهري رغماً عني، أبدو في هذه الهيئة ككهل يخافه الأطفال ، تفر مني النساء لا أحد يقبل أن أعمل لديه ، ألتقط فتات الناس ، وما تبقى منهم إن ارتضوا ، آكل من خشاش الأرض إن استدعى الأمر ، وعلى غير عادتي ، تاقت نفسي مرّة للدجاج ، فوسوس لي الشيطان أن أسرق واحدة ، فما إن أمسكت بواحدة من الدجاج الذي يرعونه على ضفاف الترعة، حتى طاردني الأطفال فالنساء فأهل قريتي ، حتى كأن الكون كله يطاردني وأنا أركض للهرب منهم ، ورغم أني اختفيت عن أنظارهم إلا أنني لم أتوقف ، واصلت الركض حتى وقعت على الأرض وغبت عن الوعي .
حين استفقت وجدتني وجدتني في جنينة برتقال ، مساحة لا أعرف نهاية لها أكلت منه حتى امتلأت معدتي وأنا أسير ، حتى اقتربت من منطقة أخرى مزروعة بقصب السكر ، وأيضاً لا تعرف نهاية ، ولكن يظهر من وسط كل هذا قصر كبير بل ضخم ، أخذني الفضول ، وقررت الاقتراب منه ..
أخذت اسير نحو هذا القصر ، يحيط به سياج من أسلاك شائكة تغطيها شجيرات كثيفة، يغطيها اللبلاب ،وهو سياج محصن ضد الأقتراب، من خلال مكان ضيق رأيت الحديقة ،من الداخل؛ جمال نادر ، ألوان كثيرة ، ورد متنوع أحواضه منسقة بشكل بديع ، سيارة صغيرة تحفة ، وكثير غيرها ، فارهة مميزة ويوجد إصطبل للخيول هنا على جانب القصر ، درت حول القصر مستغرقاً نصف. النهار حتى شممت رائحة الطعام والشواء، التي أصابتني بالجنون ورعبة في الوصل لهذا المبنى الذي تنبعث منه تلك الرائحة الشهية، لعل أتي منها بشئ يؤكل لا لا هذا محال 
اخفضي صوتك معدتي !
مرت أيام لم أعدها وأنا أقتات البرتقال والقصب واذا بصيحات وأصوات
لقد فر ... فر .. احضروه .. هاتوه هنا تاني !
وإذا بي أرى جواداً يركض جامحاً ، حاولت إيقافه ، وبالفعل نجحت في ذلك ، وأخذته إليهم ، قابلني الخدم في طريق عودتي ، وإذا بهم يصيحون مرة أخرى : من أنت ؟! ما هذا المنظر ؟! ماذا تفعل هنا ؟!
قصصت حكايتي لهم فأخذوني من باب الخدم الخارجي عند المطبخ ،
الذي تنبعث منه مجموعة من الروائح التي سال لها لعابي ، وعجزت معها على الإصغاء لهم عيني ظلت تذهب يميناً ويساراً طلبوا من سيدة القصر الحضور ، وأنا غير مكترث إلا بشئ واحد فقط ، وسط أصوات إرتفعت مرددة لقد حضرت لقد.. حضرت.. 
فإذا بها جميلة كماسة نادرة ، ناعمة براقة النسيم ، تخطفك حينما تراها؛ دنيا من الأحلام فيها ترقص وتغني ، يسبقها عطرها ، يا له من عطر بديع ! 
يا الاهي هل ستراك بهذه الهيئة البشعة ؟!
أين الباب ؟ لا لا أريد الذهاب الآن .... دعوني أذهب ! 
صوت رقراق عذب ك كمان يعزف لحناً في بهو قصر ملكي ...
كلا ستبقى.
ما هذا الكائن ؟! هيا فالخبرني أحدكم ماذا يكون ؟!

google-playkhamsatmostaqltradent