صلاح علام يكتب: طرق اختيار القضاة
الحلقة الرابعة من سلسلة حلقات My mo7amy يتكلم : وموضوعها
إن من أساسيات لوجستيات التقاضى إختيار القاضى لانه هو المحرك لعملية القضاء ككل ومن ثم فان مسألة اختيار القضاة من المباحث المهمة لما يترتب على النهج المتبع في هذا الاختيار من انعكاس خطير على كفاءة القضاة واستقلالهم وضماناتهم وثقة المتقاضين فيهم والمسألة فى جوهرها تتعلق بمبدأ الفصل بين السلطات فاذا كان القاضى هو الممثل للسلطة القضائية فانه من المنطقى ان اختياره يكون من خلال تلك السلطة بيد ان الواقع يقول بعكس ذلك اذ ان الغالب الاعم من الانظمة القضائية تعتمد فى اختيار القضاة عن طريق السلطة التنفيذية على ما سنرى واذ نعرض بداءة للتطور التاريخى لاختيار القضاة ثم طرق الاختيار المعاصرة ثم نتعرض لبعض الانظمة العربية وكيف عالجت طريقة اختيار القضاة ثم نعرض لاشهر النظم الغربية ومثالها الاكثر حظوة بريطانيا وامريكا 0
العصر الرومانى:
فى الإمبراطورية الرومانية ، كان القاضي، هو رجل عادي تنحصر مهمته بإصدار الحكم في الدعوى بالحالة التي أحالها البريتور - الحاكم - عليه، بعدما يكون اتفق الفريقان على اسمه ويأمر البريتور بتعيينه. وإذا تعذّر الاتفاق بين الفريقين على اسم القاضي كان للمدعي أن يختاره من جدول أعضاء مجلس الشيوخ وكان له أن يعرض الأسماء تباعاً حتى يقترن إقتراحه بقبول المدعى عليه، وإلاّ أعتبر متعسفا يتم انتقاء القاضي إذاً من بين أعضاء مجلس الشيوخ، إلاّ أنه في عام 123 ق م صدر قانون يتضمن جدولاً بالقضاة ومنهم 300 عضو في مجلس الشيوخ و600 ينتمون إلى طائفة الخيالة. وفي العام 108 ق م صدر قانون بتأليف جدول القضاة من 450 قاضياً يختارهم من الخيالة الرومان ويراوح سن القاضي بين 30 عاماً و60 عاماً .
ويجب ألاّ تكون له أية مصلحة وراء البحار. ثم أعيد إدراج أسماء أعضاء مجلس الشيوخ على جدول القضاة في عهد سيللا، ثم أعيد تأليفه في شكل مختلط من قضاة شيوخ وخيالة وأشراف، وأصبح الجدول بدءاً من عهد كاليكولا (37 - 41ميلادية) يحتوي على أسماء 5000 قاضٍ مرتبين بحسب ثروتهم، دون أن يكونوا من ذوي الاختصاص أو من المتعمقين في مسائل القانون. أما البريتور، الذي كنا أشرنا إليه، فهو الحاكم القاضي يجمع بين يديه السلطات التشريعية والقضائية والإدارية .
وهو لاحكامه قوة القانون. ولدى تنصيبه في وظيفته يصدر منشوراً بتجديد أصول فصل المنازعات، وهي التي أطلق على مجموعها القوانين البريتورية. وهكذا يضحي القاضي حاكماً أو الحاكم قاضياً ويسود نوع من نظام حكم القضاة.
إلى جانب القضاة التقليديين عرفت روما محكمة الحكام العشرة تنتخبهم مجالس الوحدات. وهذه المحكمة لجنة قضائية تبحث في دعاوى "الحرية". ثم ما لبثت أن أدمجت في محكمة الحكام المئة التي راوح عدد أعضائها بين 105 حكام و180 حاكماً مع رئيس أول وغرف، وكان للأفراد أن يختاروا المثول أمامها عوضاً من اللجوء إلى القاضي المنفرد.
اختيار القاضى فى الاسلام :
كان أول من تولّى القضاء في الإسلام النبي نفسه، ثم أرسل عاملاً وقاضياً على اليمن مُعاذ بن جبل. وبعد ذلك أخذ الخلفاء الراشدون يتصدون للقضاء بين الناس، ثم ما لبثوا، لما توسعت الدولة، أن عينوا القضاة في الامصاراى ان الحاكم هو الذى كان يختار القاضى بغض النظر عن كونه الخليفة او امير المؤمنين .وكما اشار الماوردى – ان اختيار القاضى لولى الامر وعلى نهجهم سار الأمويون والعباسيون من خلفهم. وفي عهد الرشيد نشأ لقب جديد هو "قاضي القضاة"، وأول من لُقب به "أبو يوسف"، وقد أعطاه الرشيد حق تولية القضاة واختيارهم .
وفي عهد السلطنة العثمانية كان التعيين يصدر بمقتضى إرادة سنِّية بناء على اقتراح ناظر العدلية بعد التحقق من حسن سيرة الطالب، وبلوغه الخامسة والعشرين من العمر، ونجاحه في امتحان خاص، وقضائه مدة أربع سنوات في بعض الوظائف .
أما عن إختيارالقضاة في النظم المعاصرة فهذا ما سنلتناوله من الحلقة القادمة من حلقات My Mo7amy يتكلم .
