recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

وإفعلوا الخير لعلكم تفلحون " الجزء الأول "






وإفعلوا الخير لعلكم تفلحون " الجزء الأول "



كتب-محمـــد الدكـــرورى






إن أسمى الغايات، وأنبل المقاصد أن يحرص الإنسان على فعل الخير، ويسارع إليه، وبهذا تسمو إنسانيته، ويتشبه بالملائكة، ويتخلق بأخلاق الأنبياء والصديقين، لذلك، فقد أوصى الإسلام الحنيف الإنسان أن يفعل الخير مع الناس، بغض النظر عن معتقداتهم وأعراقهم، وإن غايات الناس مختلفة، وأهدافهم شتى فمنهم من تتحكم فيه الأنا والشهوات، كالجاه والتجبر والعلو في الأرض بغير حق، أما الإيمان فإنه يجعل وجهة المؤمن، متجهة إلى فعل الخير والمسابقة إليه، لذلك يجب أن يكون شعار المسلم وغاية المسلم في الحياة، "وافعلوا الخير لعلكم تفلحون لعلكم تفلحون"وإن المسارعة إلى الخيرات دليل الحب والعبودية الحقة، فإن سرعة الاستجابة ناتجة عن حب الله ورسوله، والثقة بوعده، والإيمان به، فاتقوا الله واستجيبوا لربكم إذ دعاكم إلى المسارعة إلى مغفرته وجنته باستباق الخيرات، وعمل الصالحات من التقوى، والنفقة ابتغاء وجهه، والحلم والعفو، وغير ذلك من وجوه الإحسان، والتوبة من الفواحش.

وظلم النفوس طمعا في مغفرة الله، وواسع رحمته، وفسيح جنته، فبادروا إلى ذلك، فاتقوا الله أيها المسلمون فإن هذه الدنيا دار عمل لا دار حساب، ودار للتسابق للخيرات والأعمال الصالحات، فالعمل الصالح هو زادنا في الآخرة، والعمل الصالح هو أنيسك في قبرك يا عبد الله، وإن الله تعالى أعطانا النعم، وكرمنا بالجوارح لنعبده، ولنتسابق إلى طاعته ومرضاته، فاجتهدوا أيها المسلمون في استغلال أوقاتكم بالطاعات، واعمروا أوقاتكم بما يقربكم إلى رب الأرض والسموات، فإن الأوقات في هذا الزمان تقضى عند كثير من الناس بالتضييع؟ وماذا يفعل كثير من الناس بأوقاتهم؟ للأسف يقضونها بالمحرمات، ومشاهدة المنكرات، وهذا من الخسارة العظيمة أن يضيع الناس أوقاتهم؟ وهذا الوقت الذي سوف يسأل عنه الإنسان؟ الوقت الذي هو فرصة المسلم ليتقرب به إلى الله، فيا أيها الناس الرزق مقسوم لن يعدو امرؤ ما كتب له، فأجملوا في الطلب، والعمر محدود لن يجاوز أحد ما قدر له، فبادروا قبل نفاد الأجل. 

والأعمال محصاة لن يهمل منها صغيرة ولا كبيرة، فأكثروا من صالح العمل، وشمروا فإن الأمر جد، وتأهبوا فإن الرحيل قريب، وتزودوا فإن السفر بعيد، وخففوا أثقالكم فإن العقبة كؤد لا يقطعها إلا المخفون، وإن بين يدي الساعة أمورا شدادا، وأهوالا عظاما، وزمانا صعبا، يتملك فيه الظلمة، ويتصدر فيه الفسقة، فيضطهد الآمرون بالمعروف، ويضام الناهون عن المنكر، فأعدوا لذلك الإيمان، وعضوا عليه بالنواجذ، والجأوا إلى العمل الصالح، وأكرهوا عليه النفوس، واصبروا على الضراء تفضوا إلى النعيم الدائم، واستبقوا الخيرات، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل الممات، وأكثروا من الصلاة والسلام على عبد الله ورسوله محمد خير البريات، فإن الله قد أمركم بذلك إذ يقول في محكم الآيات كما جاء فى سورة الأحزاب " إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"وإن المؤمن الحق كيس فطن، ذكي زكي، موفق معان، ولذلك يحرص على فعل الخير، ويسارع إليه، ويتحرى أهله. 

ويحضر مكانه، ويرتقب زمانه، فإذا شهد مناسبته، أو عرض له سببه، أو دعي إليه سبق إليه مجيبا لداعيه، ففعل ما استطاع منه، واعتذر عما عجز عنه، ورجا من الله ثواب الاثنين بفضله ورحمته، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه وهم في غزوة تبوك "إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم المرض، وفي رواية إلا شركوكم في الأجر" وكيف لا يطمع في فضل الله من يعلم سعة رحمته، وعظيم غناه، وأنه الجواد الكريم، الرؤوف البر الرحيم، ولذلك يجزي بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وما كان عطاء ربك محظورا، انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا، فإن العبد إذا استجاب لداعي الخير فسارع إليه، وسبق الناس فيه فإنه يفوز من الله الكريم بمنح كريمة، وعطايا جزيلة، وأجور عظيمة، وبذلك يكون مستجيبا لله والرسول، فيجازى على ذلك بالحياة الطيبة الكريمة، والأمن من أن يحال بينه وبين قلبه.

والعافية من المحن، والنجاة من الفتن، وربما سبق المرء إلى فعل خير تقرر أنه من أدنى خصال الإيمان، ولكنه وقع من الله موقعا لا يخطر له على بال، فأثابه الله عليه ثوابا لا يدور لأحد بخيال، وذلك لصحة النية، واحتساب الأجر عند ذي الكرم والجلال، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره، فشكر الله له فغفر له" وفي رواية لمسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم "لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين" والسابق إلى الخير ابتغاء وجه ربه يجعله الله إماما في هذا الخير لمن يعمل به بعده، فيعطيه الله أجره، ومثل أجر من فعله لإحيائه لسنة غفل عنها الناس ففي صحيح مسلم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء"




google-playkhamsatmostaqltradent