recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

بيت الله الحرام "الجزء الحادى عشر"

الصفحة الرئيسية

 

بيت الله الحرام "الجزء الحادى عشر"

















بقلم - محمـــد الدكـــرورى

















ونكمل الجزء الحادى عشر مع بيت الله الحرام، وفي سنة ثلاثة مائة وستة من الهجرة، أضاف المقتدر بالله مساحة دارين للسيدة زبيدة إلى مساحة المسجد، وجعل لها بابا كبيرا وهو المعروف باسم باب إبراهيم، وكانت هذه آخر زيادة في مساحة المسجد الحرام، ولم يشهد المسجد الحرام توسعة طيلة حكم الفاطميين، والأيوبيين، والمماليك، وإنما اقتصر العمل في المسجد خلال هذه الحقبة على الترميم والإصلاح، ويقول الله تعالى فى كتابه الكريم "لا أقسم بهذا البلد، وأنت حل بهذا البلد" وقال ابن كثير، هذا قسم من الله تعالى بمكة أم القرى في حال كون الساكن فيها حالا لينبه على عظمة قدرها في حال إحرام أهلها، فقال سبحانه "وهذا البلد الأمين" وقد وردت نصوص كثيرة في فضلها وحرمتها، فمن حرمتها وفضائلها أن فيها بيت الله العتيق أول بيت وضع للناس.
















ومن حرمتها وفضائلها أن الله جعلها حرما آمنا لا يسفك فيه دم، ولا تعضد به شجرة، ولا ينفر له صيد، ولا يختلى خلاه، ولا تلتقط لقطته للتمليك بل للتعريف ليس إلا، ومن فضائلها ما ورد في فضل الصلاة في المسجد الحرام، وقد بحث أهل العلم هنا مضاعفة الصلاة هل هي في الحرم كله؟ وهل سائر الحسنات كذلك؟ وقد ذكر العلماء لمكة والبلد الحرام جملة من الخصائص والفضائل التي شرفها الله بها، ولم يجعل شيئا منها لبلد سواها، أن بها المسجد الحرام، وهو أول مسجد وضع في الأرض، فعن أبي ذر الغفارى رضي الله عنه، قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض؟ فقال "المسجد الحرام" قلت ثم أي؟ قال المسجد الأقصى، قلت كم بينهما؟ قال أربعون عاما" وأن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة.
















فقد ثبت في الحديث الصحيح وهذا يدل دلالة قاطعة على أن المسجد الحرام أفضل بقاع الأرض على الإطلاق، وأن الله عز وجل قد اختار أفضل الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين منها واختارها لنزول أفضل كتبه، وهو القرآن الكريم؛ ففيها بدء نزول الوحي، وأن الله جعله مناسك لعباده وأوجب على كل قادر من المسلمين الإتيان إليه من قريب ومن كل فج عميق، فلا يدخلونه إلا خاشعين خاضعين كاشفي رءوسهم متجردين من لباس وزينة أهل الدنيا، فالصلاة والزكاة والصوم وجميع العبادات تؤدي في أي مكان على وجه الأرض، إلا الحج، وأن الله جعله حرما آمنا ومن دخله كان آمنا، وأن الحج إليها وسيلة لحط الخطايا ومحو السيئات، كما ثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
















قال "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" أي بغير ذنوب ولا سيئات، وفي الصحيحين أيضا من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" وأن الله عز وجل قد أقسم به في موضعين من القرآن الكريم، وإذا أقسم الله بشيء فلأهمية المقسم به والمقسم عليه وأشار بهذا وهو اسم الإشارة للقريب ليدل على قرب مكانته عند الله، وأنه لا يوجد على وجه الأرض موضع يشرع تقبيله واستلامه غير الحجر الأسود، فسبحان من جعل تقبيل الحجر الأسود عبادة وجعل تقبيل غيره من الحجارة على وجه الأرض شركا، وأن الله قد جعلها قبلة لأهل الأرض كلهم، فليس على وجه الأرض قبلة غيرها.
















وكل مصل وقائم وراكع وساجد يجب عليه أن يتوجه إليها في صلاته، وإلا بطلت صلاته إذا توجه عامدا إلى غيرها مع قدرته على التوجه إليها، وأنه يحرم استقبالها واستدبارها عند قضاء الحاجة دون سائر بقاع الأرض تشريفا لها، ففي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم" لا تستقبلوا القبلة بغائط أو بول ولكن شرقوا أو غربوا "وأن الله عز وجل سماها أم القرى، وأنه يعاقب فيه على الهم بالسيئات وإن لم يفعلها، فتأمل كيف عدى فعل الإِرادة هاهنا بالباء، ولا يقال أردت بكذا إلا لما ضمن معنى فعل هم فإنه يقال هممت بكذا، فتوعد من هم بأن يظلم فيه بأن يذيقه العذاب الأليم، وقال ابن كثير في تفسيره هذا من خصوصية الحرم أنه يعاقَب البادي فيه الشر، إذا كان عازما عليه، وإن لم يوقعه، وقال عبد الله بن مسعود لو أن رجلا أراد فيه بإلحاد بظلم.
بيت الله الحرام "الجزء الحادى عشر"
google-playkhamsatmostaqltradent