recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

الإيمان واليقين " الجزء الثالث " إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

 الإيمان واليقين " الجزء الثالث "

الإيمان واليقين " الجزء الثالث "  إعداد/ محمـــد الدكـــرورى



إعداد/ محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء الثالث مع الإيمان واليقين، وقد توقفنا عندما قالوا، انتظروا لعله يكون الرجل، فإذا بهم يجدون الرجل يأتي مسرعا ليوفى بعهده الذي عاهد عليه المؤمنين وأمير المؤمنين، فتعجّب القوم لأنه كان قد نجا من القتل، وقال له عمر بن الخطاب لِم رجعت بعد أن نجوت من القتل؟ فقال الرجل حتى  لا يقال لقد ضاع الوفاء بين الناس، فكان هذا الرجل حريص على أن يظل بين الناس خُلق الوفاء، فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لأبي ذر، ولم ضمنته ولم تعرفه؟ قال أبى ذر حتى لا يقال لقد ضاعت المروءة بين الناس وهذا أيضا حريص على أن تكون المروءة مستمرة في مجتمع المؤمنين، فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لأهل القتيل ماذا تريدان؟ 


فقال أهل القتيل عفونا عنه يا أمير المؤمنين حتى لا يقال لقد ضاع العفو العفو بين الناس، فكان المجتمع هو الذي يحرص على هذه القيم الإلهية، وهذه الأخلاق القرآنية كان الرجل ينتفض إذا وجد شابّا يُسيئ إلى أبيه، أو يُسيئ إلى أمه ولو كان ليس بينه وبيهم قرابة، لأنه لا يريد أن تسري هذه البلية إلى غيره من الشباب فتعم البلية كما عمّت في مجتمعنا الآن، وكان الرجل يقوم ثائرا إذا وجد ماشية لأحد جيرانه ترعى في حقل أحد آخر، ويعنفه ويوبخه ويؤنبه، لأنه كيف أباح لنفسه أن ترعى ماشيته في حقول جيرانه، مع أن آباءنا رحمة الله عليهم أجمعين كانوا يضعون  الكمامة على أفواه الماشية وهي سارحة حتى لا تتناول شيئا في طريقها، فإذا أطعمها في حقلها. 


رد عليها الكمامة حتى ترجع إلى بيتها، لأنهم كانوا أحرص ما يكونون على اللقمة الحلال، فبها نعمة الأمن في الدنيا، وبها إجابة الدعاء وتحقيق الرجاء في الدار الآخرة، وكان الناس من قبل أنفسهم، لا يطلبون من أحد أن يتدخل، وإنما يتدخلون من ذوات أنفسهم إذا وجدوا فيما بينهم رجلين تخاصما، تجد الكل يسعى للإصلاح بينهم، لا يقول لِم أسعى ولم ينتدبني أحد؟ بل الكل ينتدب نفسه بنفسه، لأنهم سمعوا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول " ألا أدلكم على ما هو خير لكم من الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال إصلاح ذات البين، ألا إن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين" وكان الناس إذا رأى أحدهم رجلا. 


يريد أن يهضم أخواته البنات من حقهم في الميراث، هذا يلومه، وهذا يذكره، وهذا يؤنبه، وكلهم حريصون عليه ويحرصون على أن تظل قيم الإسلام موجودة، لأنه إذا فقدت قيم الإسلام كان المجتمع كأنه غابة فيها نفر من اللئام، ينتشر فيها الظلم، وينتشر فيها  الكذب، وينتشر فيها الخداع، وينتشر فيها قول الزور، وغيرها من الأخلاق التي نراها الآن، ولا رجوع عنها إلا برجوعنا إلى قيم الإيمان، وقال صلى الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وقال صلى الله عليه وسلم " تجدون أقربكم مني منزلة يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا والموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " المؤمن إلف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف " 


وقد جعل رسول صلى الله عليه وسلم برنامج الإصلاح الإلهي للمجتمعات أن يبدأ من الأفراد قبل الجماعات، يبدأ بالإنسان أولا بإصلاح نفسه، وتقويمها على أخلاق كتاب الله، وقياسها بالأخلاق الكريمة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يبدأ بإصلاح أهل بيته، زوجته وولده وبناته، ثم بعد ذلك الأقرب فالأقرب، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البرنامج النوراني " إبدأ بنفسك ثم بمن تعول ثم الأقرب فالأقرب" فإذا كان الإيمان واليقين وعمل الصالحات، والاستقامة على الحق، وسلامة القلب من الأمراض الخبيثة، والاهتداء بهدي القرآن، كل ذلك من أسباب السعادة، فهناك أسباب أخرى فلا يفوتنك العلم بها والعمل.

google-playkhamsatmostaqltradent